x

«روض الفرج».. «ثقافة مصرية» وتعليم «إيطالي» وذكريات «سوق»

الأربعاء 27-03-2013 20:40 | كتب: إسلام عبد الوهاب |
تصوير : other

فى روض الفرج تختلف الذاكرة الجمعية عن أى مكان آخر، أغلب السكان يعرفون كل شبر فى منطقتهم سواء بعدت أم قربت، هنا أسسوا لأبنائهم وأحفادهم تراثاً خاصاً جداً، حتى إن اكتفوا بالمعرفة الاسمية فقط للأماكن، حتى إن كان لا يعنيهم أن يدخلوا فى صلب المكان نفسه.

5 شارع جزيرة بدران، هذا هو عنوان قصر ثقافة روض الفرج، وسواء كنت بجوار مركز شباب روض الفرج، أو دوران شبرا، أو حتى الزنانيرى، تجد السكان يصفونه لك فى سهولة، «من لا يعرفه هو من لا يسكن هنا».

«قصدك السوق القديمة»، هذا كان رد «أشرف الطويل»، 42 سنة، صاحب مقهى، حين سألناه عن القصر، وأضاف: «كان سوقا، وشادراً للسمك، وكان مكان أكل عيش ناس كتير، لكن الحكومة طلبت إخلاءه، رفض التجار، وحصل ضرب نار، وفى ناس ماتت».

لا يزال يذكر «الطويل» حين افتتح القصر، يقول: «كان فيه عداوة بين الناس وقصر الثقافة، لدرجة أنه حين يعلن أنشطة مجانية وخدمات بأسعار زهيدة لم نكن نعيره اهتماماً، لكن الآن بدأنا ننسى، والجيل الصغير لا يعرف هذا الكلام».

حين أوقفنا «أحمد السوهاجى»، 20 سنة، عاطل، وأشرنا إلى القصر وسألناه ما هذا المبنى قال: «مكان ثقافى، فيه كتب وحاجات من دى وكمبيوتر»، وحين سألناه هل دخلت إليه يوماً قال: «أنا ما صدقت خلصت الدبلوم، ومش عايز أشوف كتب تانى فى حياتى».

القصر الذى تم إنشاؤه عام 1997 فى منطقة روض الفرج، مقسم إلى مبنيين يوجد بالأول قاعة للندوات والموسيقى، ونادٍ للمرأة والحرف البيئية، وينظم دورات إكسسوار وحرف بيئية ورسم بالطين، والفتيات يقبلن على هذه الأنشطة.

المبنى الثانى يضم قاعة للفنون التشكيلية، ونادى تكنولوجيا المعلومات، والذى يحتوى على أجهزة كمبيوتر وإنترنت، وتلقى إقبالاً نظراً لأن سعر استخدام الإنترنت جنيه واحد فقط للساعة، والأهم فى هذا المبنى المكتبة العامة والتى تحتوى على كتب فى أفرع المعرفة المختلفة، وبداخلها باب آخر يؤدى إلى مكتبة الناقد الراحل «فاروق عبدالقادر»، أهدتها حرمه للقصر.

من داخل القصر وخارج المبنيين، يوجد مسرح مستقل، ومكتبة متخصصة للطفل. حين دخلنا إليها وجدنا ثلاث فتيات أسماؤهن «أصالة»، و«ولاء»، و«أمانى»، أعمارهن دون الثانية عشرة، يلعبن بالمكعبات فى هدوء، التقطنا لهن صورة، وانتبهن، وتساءلن: «إنت هتنزلها على الفيس بوك، أجبنا بالنفى، وقلن إنهن يأتين إلى هنا بعد المدرسة يجلسن حيناً على الكمبيوتر وحيناً آخر فى المكتبة للقراءة، وللعب وقت آخر».

ليس فقط قصر ثقافة روض الفرج هو الذى حل فى مربع السوق القديمة، هناك سنترال، ومجمع مدارس، ومطافئ، وحديقة للأطفال، لكن من احتل الواجهة هو القصر.

سألنا عن معهد «دون بوسكو» أو «سالزيان». يصف الجميع مكانه بسهولة، وأمامه سألنا «محمد الشريف»، 24 عاماً، ميكانيكى، «ما هذا المبنى؟»، قال: «معهد السالزيان»، سألنا: «ماذا يدرس فيه؟»، قال: «معرفش»، بينما قال «جمال سيد»، 32 عاماً، موظف حكومى: «معهد إيطالى يدرس فيه أعمال الورش، أكتر من كده مش هفيدك».

تستقبلنا جدران معهد «سالزيان دون بوسكو الإيطالى» بجرافيتى للثورة، وحين عبرنا أبوابه، استقبلنا تمثال لـ«جوفانى بوسكو» وطفلان متعلقان به، فهو مؤسس المعهد، ويوجد ما يقارب من 150 معهداً على مستوى العالم باسمه، والسبب أن «بوسكو» الذى ولد فى عام 1815 اهتم بأطفال الشوارع، وقام بتعليمهم حرفة، وناشدته الحكومة الإيطالية أن ينفذ مشروعاً على مستوى إيطاليا، ومن ثم على مستوى العالم.

تدرس فى المعهد، الذى يتبع الحكومة الإيطالية، أعمال الكهرباء وتخصصاتها، وأعمال الميكانيكا بفروعها، ويقدم دورات فى الخراطة والكهرباء، وصيانة الأجهزة، بهدف تعليم الشباب الفقير ليكسب قوت يومه، ويراعى فى المتقدمين الأخلاق.

ملعب كرة القدم ينقسم ليصبح ملعبين للكرة الخماسية، فالنشاط الرياضى مادة أساسية بالمعهد، ولا يقبل من لا يجيد لعبتين جماعيتين، وخمس ألعاب فردية، كما يهتم بالنشاط الثقافى والموسيقى، ويوجد مسرح، ومكتبة بها مراجع علمية.

على الجانب الآخر من المعهد، تجد «مستشفى الرمد» الذى بدأ فى خيام عام 1920 وتحول إلى مبنى فى عام 1926، وكان من أوائل مستشفيات الرمد فى مصر والقطر العربى بأكمله.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية