x

‏«مدرسة وردان الابتدائية» بوابة الموت للصغار ‏

الثلاثاء 22-10-2013 15:11 | كتب: مروي ياسين |


عشرات من الأطفال يتحركون بشكل عشوائي على عجل من أمرهم، جميعهم يرتدون ‏زيا موحدا، يحاولون بكل جهدهم عبور شريط قطار السكك الحديدية ..منهم من لا ‏يتجاوز عمره الست سنوات فاصبح يتنقل في صعوبة فوق هذه القضبان الحديدية ومنهم ‏من بلغ الحادية عشرة من العمر بدا متلهفا لعبور القضبان غير  مهتم لمراقبة إتجاه ‏القطار القادم.. للوهلة الأولى تظن أنهم تلاميذ إحدى المدارس بالمنطقة أرادوا السير ‏عبر هذه القضبان لأمر ما ..إلا أنك سرعان ما تدرك انه هو الطريق الوحيد والرئيسي ‏للعبور إلى مدرسة وردان للسكة الحديد الابتدائية، وهو ما أكده جميع سكان قرية وردان ‏التابعة لمحافظة 6 اكتوبر.‏
رغم خطورة المكان الذي أنشات عليه المدرسة منذ عشرات السنين، وتواجدها بمحاذاة ‏شريط قطار السكك الحديدية، إلا أن الأهالي لا يعرفون بديلا لها حتى يعلمون أبنائهم ‏فيها، فكما يقول محمد صابر، صياد وأحد سكان المنطقة،:" تربينا على وجود هذه ‏المدرسة بهذا الشكل وأولادنا يتعلمون فيها،وكثيرا  ننبه على أولادنا ان ينتظروا عبور ‏القطار ثم يعبروا القضبان للوصول الى المدرسة"، ويتابع :" هنكلم مين على خطورة ‏المدرسة في المكان ده، عمرهم ما هيفكرو يعملو لنا كوبري مشاة يحمي أولادنا من ‏الخطر"، وأضاف:" المسؤولين قالوا إنهم مبيعملوش مزلقان الا لمرور السيارات ..إنما ‏أولادنا وأطفالنا وكبار السن مش موجودين في خطط المسؤولين علشان يعملوا مزلقان ‏يحميهم ".‏
صابر شأنه شأن باقي سكان القرية اللذين لا يعرفون مكانا آمنا ليتلقى أطفالهم تعليمهم ‏فيها فيه، فتقول عزة محمد، :" لدي طفلين بالمدرسة أخشي عليهم كل يوم فترات مرور ‏القطار بجوار مدرستهم خاصة وانه لا يوجد مكان بديل الا من خلال عبور هذه ‏القضبان، ويزيد قلقي  كلما سمعنا عن حوادث القطارات وبعد رؤيتنا لأكثر من حادث ‏في المكان".‏
ذكريات حوادث القطارات تتعلق بأذهان جميع سكان القرية ولم يخلو الأمر من رؤية ‏الأطفال لهذه الكوارث فيقول محمد سعد طالب بالصف السادس الإبتدائي :" رأيت ‏القطار يدهس شخصا كبيرا كان يمر عبر شريط السكة ولم ينتبه لعبور القطار خاصة ‏وانه كان أصم، ومنذ ذلك الوقت اخشى عبور هذه القضبان ولكني تعودت عليها لانها ‏الطريق الوحيد الى مدرستي".‏
بين حين وآخر يدوي صفير القطار في كل مكان  فيصاب كل من كان يمر على ‏قضبان السكة الحديدية بارتباك يجعله يتحرك بسرعة فائقة قد تؤذي احدهم حين تعلق ‏ملابسه في حديد القضبان المنبعجة من جوانبه، الأمر قد يتسبب في فقدان أحدهم خاصة ‏وان قضبان السكة الوحيد هي الطريق الوحيد لعبور اهالي وسكان البلدة الى الجانب ‏الاخر والاكثر حيوية حيث توجد الاسواق والمواصلات الى البلاد المجاورة وذلك بعد ‏عبورهم نهر النيل عن طريق معدية بدائية الصنع لا تزال تعمل من خلال سلسة حديدية ‏تصل الجانبين بعضهما ببعض، تقول سيدة عبد الله، إحدى السكان، والبالغة من العمر ‏‏65 عاما :" من يوم ما طلعنا للدنيا واحنا منعرفش طريق تاني غير السكة الحديد ‏واتعودنا نسمع عن حوادث القطر بشكل مستمر فلا يكاد يمر اسبوع الا وتنتشر ‏الحكايات بين الجميع  خاصة لو وقعت الحوادث في البلاد المجاورة".‏
صلاح الصعيدي أحد،سكان القرية، مهما قيل له عن حوادث القطارات لن ينسى تلك ‏المرة التي فقد فيها ابن عمه اثناء عبوره لشريط القطار بعد انتهاء يومه الدراسي،يتذكر ‏المشهد المؤلم ويخرج من صمته في حزن قائلا :" منهم لله المسؤولين عمرهم ما حسوا ‏بينا وبمشاكلنا ..إحنا كل يوم بنشوف الموت أدام عنينا بس مين هيفكر يحل لنا مشاكلنا".‏
وأضاف الصعيد:" نتمني ان يهتم المسؤولين وينشأوا كوبري للمشاة يحمينا ويحمي ‏اولادنا من الموت ..أو يعملوا مزلقان للمرور ويكون تحت اشراف احد من عمال السكة ‏الحديد حتى يكون الامر تحت المراقبة خاصة وان اطفال المدارس بلا رقيب والاطفال ‏تلعب وتلهو دون ادني اهتمام لخطورة المكان". ‏
فيما رفض مدير مدرسة وردان الابتدائية التعليق على الأمر مؤكدا أن الأمر ليس بيده ‏وأنه لا يوجد أمامهم سوى تقديم النصيحة للصغار بعدم اللعب أو اللهو على شريط ‏القطار.‏

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية