x

مستشار بمعهد التخطيط القومي: كراهية «الإخوان» لـ«عبدالناصر» طبقية.. (حوار)

الثلاثاء 26-03-2013 19:01 | كتب: مصباح قطب |
تصوير : other

قال الدكتور إبراهيم العيسوى، المستشار بمعهد التخطيط القومى، إن البرنامج الاقتصادى للرئيس محمد مرسى وحزب الحرية والعدالة، التابع لجماعة الإخوان المسلمين، يبرز عدم استعدادهم لاتخاذ إجراءات إعادة توزيع الدخل بين الأغنياء والفقراء.

وأضاف «العيسوى» فى حواره لـ«المصرى اليوم» أنه ليس مرتاحاً للرئيس وفريقه، وأن الإسلاميين والليبراليين ليس لديهم حلول لتحرير الاقتصاد من التخلف والتبعية، وإلى نص الحوار:

■ يرى باحثون أننا على حافة الانهيار الاقتصادى، فما رأيك؟

-مصر فى وضع اقتصادى شديد الصعوبة وقد طالت فترة تعرضه لأزمات دون معالجة، وكلما تأخر العلاج زادت الصعوبات حدة.

■ ما تلك المصاعب من وجهة نظرك؟

- عجز الموزانة وإهمال علاج دعم الطاقة والتردد فى اتخاذ قرارات تزيد موارد الخزانة، وضعف التوجه إلى تحويل جانب كبير من الإنفاق العام لخدمة الفقراء وعجز ميزان المدفوعات.

■ هناك من يتوقع أن تكون ذروة الأزمة فى يوليو المقبل حين يحل موعد سداد الأقساط الخارجية التى تقدر بنحو 750 مليون دولار؟

- واجهنا قسط يناير وسددناه لكنه أدى بالطبع إلى نقص جديد فى الاحتياطى النقدى، وحاليا هناك بعض الموارد التى تعوض ذلك جزئيا مثل الزيادة فى تحويلات المصريين لكن الخطر الحقيقى مازال قائماً بسبب إحجام الحكومة عن التصدى لزيادة الواردات ويجب أن نشير إلى أن قرض صندوق النقد الدولى الذى يقدر بـ4.8 مليار دولار - يمكن تعويضه بخفض 3 بنود فقط فى ميزان المدفوعات هى: مدفوعات السفر للخارج ومنها حج وعمرة، وطوفان السلع الاستهلاكية غير المعمرة (الصينية وغير الصينية) والسلع الاستهلاكية المعمرة.

■ لكن الدعوة إلى ترشيد استيراد الصينى تواجه معادلة صعبة خاصة أن الجماهير الفقيرة هى التى تستهلك مثل هذه السلع؟

- تستفيد الفئات الفقيرة من السلع الرخيصة فى المدى القصير فقط لكن هذه السلع تعوق زيادة الإنتاج المحلى وتعوق إعادة تشغيل المصانع المتعثرة ومعظمها متوسط الدوران، ما ينعكس فى النهاية على دخول وحياة الفقراء مرة أخرى.

■ هل لديك أمل فى إمكانية اتخاذ الرئيس محمد مرسى وفريقه القرارات الإصلاحية المطلوبة؟

- أنا غير مرتاح وغير مطمئن للتوجهات والبرامج الاقتصادية لمرسى وحزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، وأكثر موضع يبرز عدم الارتياح حيالهم هو عدم استعدادهم لاتخاذ إجراءات لإعادة توزيع الدخول بين الأغنياء والفقراء وزيادة موارد الخزانة بالضرائب التصاعدية وخفض الدعم الموجه للأغنياء.

■ هل كراهية الإخوان للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، التى أفصحوا عنها مؤخراً من خلال تصريحات قيادات بالجماعة سببها طبقى، أى لأنه اتبع سياسة التأميم وأنشأ القطاع العام ووزع الأرض على الفلاحين وحدد الإيجارات أم لأنهم تعرضوا للسجون والتعذيب؟

- السببان معا قطعا، هم لا يوجد لديهم تعاطف مع تجربة عبدالناصر بسبب السجون وقارن ذلك باليسار، فقد تعرضت قياداته للتجربة نفسها وسجنوا وعذبوا لكنها قدرت إجراءات عبدالناصر الاجتماعية ودعته إلى المزيد ولدى الإخوان أيضا موقف طبقى ضده حتى لو لم يفصحوا عنه بوضوح.

■ كيف تقرأ الصخب الدائر حول موضوع «الصكوك»؟

- الصكوك أداة تمويل توجد فى دول إسلامية وغير إسلامية ولم تعد ترتبط بالإسلام، والسؤال المهم إذا كانت هى وعاء للادخار والاستثمار فكيف نملأ هذا الوعاء فى ظل النقص الحاد فى المدخرات المحلية؟ نحن نعيش منذ 40 سنة فى ظل سياسات تشجع الاستهلاك والاعتماد على الخارج ودون أن نحل مشكلة الادخار والاستثمار ولن تنفعنا «صكوك أو فكوك»، لابد من سياسات جديدة ونحن نعلم أن أساس التقدم فى تجارب آسيا كان رفع معدل الادخار (وبالتالى الاستثمار) إلى نسب وصلت مشارف الـ50٪ من الناتج المحلى، عندنا الآن 13٪، هذه هى المشكلة الأصلية.

■ وما رأيك حول ما يدور عن نوايا قطر تجاه قناة السويس وغيرها؟

- مبالغ فيه بشدة، والقانون حجم ذلك بسبب المعارضة القوية من المصريين لأى مساس بالقناة، لكن هناك تفاصيل بالقانون تحتاج إلى إيضاح فمثلا: عند طرح مشاريع بنية أساسية غير مدرة للربح كيف سيتم التعامل معها، أى من أين سيحصل حملة الصكوك على عوائد؟ وأحد المخاوف هنا اللجوء لعمل نوع من الخصخصة لتلك البنية التحتية لإيجاد ربح لحملة الصكوك. ففى قطر مثلا أقيم مستشفى كبير بتمويل صكوكى وقامت الحكومة بمفاوضة حملة الصكوك وشراء الخدمة بأسعار السوق مع تكليف المستشفى ببيعها بثمن أقل للعملاء / المواطنين، فهل سنلجأ إلى شىء كهذا وكيف تتحمل الموازنة العبء وقتئذ؟. ولابد من استبعاد الصكوك من تمويل عجز الموازنة بالصكوك، فضلا عن أن العجز ليس مشروعا، ناهيك عن أن يكون مدرا للربح. فى النهاية لا أظن أن الجمهور سيتهافت عليها لارتفاع أسعار الفائدة من ناحية وسوء مناخ الأمن والاستثمار من ناحية أخرى.

■ هل تعتقد أن لدى الإخوان رغبة حقيقية وإرادة وقدرة على مكافحة الفساد؟

- حتى الآن لم تظهر بوادر، فلا هم استدعوا أهم ملفات الفساد فى المؤسسات السيادية وغير السيادية ولا هم قدموا تصورا لنوع جديد من المؤسسات والقوانين والأداء لتضييق الخناق على الفساد. إن عدم الإقدام على إخراج قانون مدروس للعدالة الانتقالية والتلكؤ الذى يكاد يصل إلى حد المعارضة فى هذا المجال وعدم التحمس لمشروع منع تعارض المصالح، كل هذا يبين عدم جدية الإخوان فى مكافحة الفساد.

■ امتنع صندوق النقد عن منح القرض فى عهد الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء السابق، بحجج واهية وتحمس مع الإخوان، بم تفسر ذلك؟

- لا يوجد أى مانع، لدى الولايات المتحدة أو الصندوق لتقديم القرض للسلطة الإخوانية، لأنها تتوجه إلى اقتصاد السوق المفتوحة على الرأسمالية العالمية وتحجيم دور الدولة فى الإنتاج والاستثمار وحتى فى الرعاية الاجتماعية وهذه توجهات يسعد بها البنك الدولى والصندوق والأمريكان ومنظمة التجارة، لكن المشكلة أن الاضطراب السياسى والأمنى يجعل أى مقرض يتريث، فضلا عن ظهور بوادر لتراجع شعبية الإخوان، وكل ذلك هو ما يحكم الموقف الآن.

■ الاقتصاد سيجعل مرسى والإخوان يخبطون فى الحيط، مقولة يرددها كثيرون، إلى أى مدى تتفق معها؟

- التوجه العام للإخوان والأحزاب الدينية وحتى القوى الليبرالية لا يدل على أن لديهم حلولاً للمشكلات المزمنة للاقتصاد المصرى لإخراجه من التبعية والتخلف وخلق تنمية مستقلة ومستدامة تحقق العدالة، وأى علاج خلاف ذلك سيكون موضعيا مؤقتاً وستبرز المشاكل مرة أخرى مع مرسى أو غيره. ولابد أن نعرف أن المستثمر الأجنبى لا يأتى إلى دولة لإقالتها من عثرتها وإنما يأتى بقوة عندما يتأكد أن أهل البلد لديهم القدرة على بدء دورة نمو سريع بقوتهم الذاتية، وهنا لا تحتاج الدولة إلى تقديم حوافز كبيرة أو تنازلات لأن الأجنبى سيجىء إلى قصة نجاح وسيستفيد منها وستكون المخاطر قليلة.

■ ما مصير مشروع مصر 2020 الذى كنت منسقه ومصر 2017 ومصر 2030 ومصر 2050؟

- أصبحت كلها كالتراث العلمى الذى يفتش عنه المجتهد ويرجع إليها من يريد عمل شىء جاد أو يخطط للمستقبل.

■ وماذا عن الجنيه؟

- أنزعج مع كل نزول له، فقوة الجنيه من قوة الاقتصاد، و«التلصيم» قدرته محدودة على معالجة تدهوره، ولقد حاول الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى السابق مساندته لكن استمرار الأزمة الاقتصادية فتح الباب لقوانين السوق ليخضع لها الجنيه. وقوانين العرض والطلب ليست برجوازية فقط.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية