بينما استقبلت الأوساط السياسية والشعبية في تركيا نبأ الاعتذار الإسرائيلي لتركيا عن مقتل 9 من مواطنيها في الهجوم على سفينة «مرمرة» ضمن «أسطول الحرية» لكسر حصار قطاع غزة، نهاية مايو 2010 ، بالترحاب والفخر والانتصار، ذهب العديد من المحللين والخبراء ووسائل الإعلام إلى التركيز على أن هذا الاعتذار هو ثمرة جديدة من ثمار الربيع العربي تجنيها تركيا بعد المكاسب العديدة التى حققتها من الثورات العربية سياسيًا واقتصاديًا.
وبدا لافتًا أيضًا التركيز على الدور الأمريكي في الوصول إلى لحظة الاعتذار الإسرائيلي، الذي تمسكت به الحكومة التركية، إضافة إلى تعويض أسر ضحايا السفينة وتخفيف الحصار على غزة، كشرط لعودة العلاقات، من خلال التزامن بين هذا الاعتذار وزيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإسرائيل.
وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ«المصري اليوم» إن الاعتذار جاء خطوة تمهيدية للقاء ثلاثي بين أوباما ورئيسي الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، والإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سيعقد في واشنطن قريبًا. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، أن الدافع لعقد هذا اللقاء هو القلق الأمريكي والإسرائيلي من الوضع الذي تمر به منطقة الشرق الأوسط، ورغبة الولايات المتحدة في عودة علاقات التحالف الاستراتيجي بين تركيا وإسرائيل إلى سابق عهدها، لأن ذلك يخدم المصالح الإسرائيلية والسياسة الأمريكية في المنطقة.
واحتل الاعتذار الإسرائيلي أولوية اهتمامات الصحف المحلية الصادرة، السبت. وتباينت تحليلاتها للنبأ ما بين اعتبار الاعتذار نصرًا للدبلوماسية التركية، وإظهارًا لقوة حكومة «العدالة والتنمية»، وبين كونه نصرًا لأردوغان ووزير خارجيته داوود أوغلو، اللذين عرفا كيف يفرضان شروط تركيا على إسرائيل.
انعكس ذلك فيما كتبته الصحف ذات التوجه الإسلامي المساندة للحكومة، ومنها «يني شفق» و«زمان» و«صباح». أما الصحف ذات التوجه العلماني، مثل «حريت» و«ميلليت» و«جمهوريت» و«طرف»، فقد ذهبت إلى أن واشنطن لعبت الدور الرئيسي فى التوصل إلى الاعتذار الإسرائيلي وأن إسرائيل وجدت نفسها مضطرة للاعتذار، بسبب توتر الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط.
وإجمالاً، اعتبرت الصحف ووسائل الإعلام التركية ما حدث تطورًا مهمًا فيما يتعلق بالتوازنات في الشرق الأوسط والسياسة الخارجية لتركيا، وأن استمرار الخلافات بين تركيا وإسرائيل، لاسيما في ظل الوضع الدقيق الذى تمر به المنطقة خاصة، كان أمرًا «شبه مستحيل».
وانصبت غالبية التحليلات باتجاه أن تركيا ربحت من الناحية السياسية ثمرة جديدة من ثمار الربيع العربي بهذا الاعتذار من جانب إسرائيل، التي دفعتها ظروف المنطقة لهذه الخطوة، وأن هذه الخطوة بنيت على اعتبارات عدة أهمها إدراك إسرائيل أنها لا يمكن أن تبتعد عن تركيا لفترة أطول من ذلك، فتركيا تعيش استقرارًا تامًا منذ 10 أعوام تحت قيادة «العدالة والتنمية» ويمكن أن تبقى هكذا لـ 10 أعوام أخرى مقبلة، حسب المعلقين.
واعتبرت غالبية المعلقين أن العديد من الأمور لعبت دورًا بارزًا في الوصول إلى لحظة الاعتذار الرسمية هذه، وهي: ابتعاد تركيا عن إيران، وقطع صلتها تمامًا مع نظام بشار الأسد في سوريا، ونفاذها التام إلى حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس»، وعلاقاتها الجيدة مع السلطة الوطنية، وحزب الله اللبناني، وجماعة الإخوان المسلمين فى مصر والرئيس محمد مرسي.