x

علي بكر الباحث في الحركات الإسلامية: مشروع الإسلاميين يتفق مع الأمريكان (حوار)

الجمعة 22-03-2013 20:18 | كتب: هبة شورى |
تصوير : أحمد المصري

قال د.على بكر، الباحث المتخصص فى شؤون الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مشروع الإسلاميين يتفق فى بعض تصوراته مع مشروع الأمريكان للمنطقة، ولكن كل حسب مصالحه ورؤيته الخاصة. وأشار «بكر» إلى أن الأيام أثبتت لنا أن الجيش المصرى من أكثر المؤسسات وطنية وحفاظاً على مصالح الوطن، بصرف النظر عما إذا كان افتقاره لخبرة العمل السياسى والإدارة دعاه لارتكاب عدد من الأخطاء فترة الثورة.

■ البعض يصف المشهد السياسى بأنه محاولة قسرية لأسلمة المجال العام.. كيف تقيم ذلك؟

- نعم، لاشك فى أن المشهد قريب من هذه الصورة، فنحن أمام تيارات إسلامية ظلت لعقود تعانى الاضطهاد ولا تمارس حقوقها فى الدعوة أو فى العمل السياسى، فقامت ثورة 25 يناير ومنحت الجميع حريته السياسية، وبات متاحاً لها نشر أفكارها وأيديولوجياتها فى ضوء الفكرة العامة وهى الفكرة الإسلامية، وهو ماكان متوقعاً بأنه سيدفع بأسلمة المجال العام أو ما تسميه التيارات الإسلامية نشر الثقافة الإسلامية والتحضير للمشروع الإسلامى الكبير وإقامة الدولة الإسلامية الكبرى، أو بين قوسين الخلافة الإسلامية، ولكن وصف المشهد بأنه محاولة قسرية ربما لا يكون صائباً.

■ وهل ترى أن مصر تحتمل سيناريو الخلافة الإسلامية الذى يحضر الإسلاميون له على حد وصفك؟

-لابد أن نعى حقيقة تقول إن مشروع الإسلاميين يتفق فى بعض تصوراته مع مشروع الأمريكان للمنطقة، ولكن كل حسب مصالحه ورؤيته الخاصة، فأمريكا تحضر لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذى يعتمد على تفتيت المنطقة وإعادة تقسيمها على أساس عرقى ودينى، وهو ما يعول عليه الإسلاميون أنه سيحقق وحدة دولة الخلافة الكبرى، لأن الإسلام يتسم بأنه دين سريع الانتشار والاعتناق ويوحد ويدعو إلى طاعة الولى، إلى غير ذلك من الأفكار التى تؤدى إلى استتباب الأمن واستقرار المنطقة، فى ظل مشروع التفتيت الذى تخطط له أمريكا.

■ هل ترى أن التيارات الإسلامية المتصدرة للمشهد الآن فشلت فى إدارة البلاد، وما تقديرك لنسبة الفشل؟

- هى فى بداية طريق الفشل بنسبة كبيرة لكن التوقع بنهايتهم الوشيكة أمر بعيد، ومن باب الإنصاف يمكن أن نقول إن نهايتهم أوشكت عندما يتصدر المشهد السياسى غيرهم ويتم إقصاء تيارات الإسلام السياسى من الساحة، وإلى الآن رغم كل ما حدث إلا أنهم لايزالون القوة السياسية الأكثر تنظيماً والأكثر ولوجاً إلى الشارع، والأوضح استراتيجية فى التقرب إليه من خلال العمل الخدمى والعام الذى يمثل نتاج 80عاماً.

■ ألم يصبح المشهد مغايراً الآن للحد الذى يدفع بسيناريو انسحاب التيارات الإسلامية من صدارة المشهد؟

- نعم، أتفق معكِ، فأخطر شىء يصادف الحركة الإسلامية هو دخولها إلى فضاء العمل السياسى، فلأول مرة منذ عقود يجد الإسلاميون أنفسهم فى مواجهة الشارع، وهو مؤشر خطير لأن المعادلة انقلبت، فبدلاً من أن تستمد جماعة الحكم قوتها من الشارع، وبعد أن كانت الجماعة فى مواجهة النظام معتمدة على الشارع، باتت الآن هى فى النظام وبمواجهة الشارع، وهو ما قد يخصم كثيراً من شعبية تيار الإسلام السياسى، وربما يهدد بعودته إلى الجامع وساحات الدعوة وانسحابه من الساحة السياسية.

■ دعاوى استدعاء الجيش كيف تقيّمها الآن، وهل هى مؤشر لفشل جماعة الحكم والمعارضة كلاهما على السواء؟

- فى لحظة من اللحظات إذا استمرت الأوضاع بذات مستوى التردى وإعمال عقلية الغباء السياسى، سيضطر الجميع إلى استدعاء الجيش بمن فيهم من هم فى الحكم، وسيجد الجميع أنفسهم أمام خيار وحيد وهو استدعاء الجيش لإيقاف التدهور الأمنى والاقتصادى وحينها سيكون تدخل الجيش مطلبا شعبيا.

■ هل سيجعلنا هذا السيناريو نعانى مرة أخرى من أخطاء الحكم العسكرى؟

- بكل مقاييس المنطق والسياسة أثبتت الأيام لنا أن الجيش المصرى من أكثر المؤسسات وطنية وحفاظاً على مصالح الوطن، بصرف النظر عما إذا كان افتقاره لخبرة العمل السياسى والإدارة دعاه لارتكاب عدد من الأخطاء فترة الثورة، لكن ما يحدث الآن يجعلنا نغفر له ما ارتكبته المؤسسة فى مقابل إنقاذها للبلاد وإعادة الأمن والاستقرار ووقف ما تنجرف إليه البلاد من صدامات ومعارك.

■ كيف تفكر جماعة الحكم؟

- الجماعة لغز فى حد ذاتها، ومحاولة فهمها وتتبع طريقة تفكيرها قد تصيبك بالإعياء والجنون، وقد يخيل لك أحيانا أنها لا تدرك جيداً ما تفعل، لكن هذا الاعتقاد لا يكون منطقياً أمام كيان ظل متماسكا طيلة 8 عقود وأكثر، وإذا أردت الحقيقة فأنا أجريت بحثاً منذ سنوات لمحاولة الإجابة عن سؤال: لماذا استمرت الجماعة طيلة 80 عاماً ولم تتعرض لخطر التفكك والانهيار كما كان مصير العديد من الجماعات الإسلامية مثل الشوقيين وجماعة شباب محمد أو تنظيم الجهاد، فكانت الإجابة فى كلمة واحدة وهى «المرونة»، فالإخوان توافر فى قوامها الفكرى والعقائدى ثلاثة عوامل ساهمت فى بقائها «المرونه الفكرية والفقهية والسياسية»، ولأن جماعة الإخوان كان لديها علماء فى الأزهر لذلك كانت مسألة المرونة أساسية، فهم لا يتجمدون أمام النص ويقيسون المسائل بقياس جلب المنفعة ودرء الضرر، بخلاف الجماعات الأخرى فهم جامدون مع النص لا يتنازلون عنه، لذلك كانوا يصطدمون بالدولة فينكسرون أمام قوتها.

■ البعض يعيب على الإخوان المسلمين لجوءهم إلى منطق التقية فى التوغل داخل المجتمع؟

- مسألة التقية أتحفظ عليها، لأن الإخوان سنة، والتقية قناعة فقهية لدى الشيعة، لكنهم يكيفونها وفق مقتضيات العمل السياسى، وفق حالة المرونة التى يتسمون بها، لكن فكرة التوغل لديهم قائمة على التغلغل الهادئ، ومن ثم مرحلة المزاحمة، ثم الإزاحة كما كان يحدث أيام أمن الدولة فى النظام السابق، حيث كانوا يدخلون الجامعات دون أن يعلنوا انتماءاتهم الفكرية، وهم يتحججون بفكرة المرونة هنا وليس التقية، فهو عندما يعلن هويته يحول ذلك دون وصوله، وبالتالى فالضرورة تقتضى أن يخفيها، ولذلك فوجئ المجتمع بوجودهم فى مختلف المجالات وارتقائهم مناصب، ثم تأتى بعد ذلك الفكرة استراتيجية «المزاحمة ثم الإزاحة».

■ خرجت بعض الأصوات من التيارات الإسلامية تكفر الرئيس وجماعة الحكم وتكفر من أعطاه صوته من الشعب وتكفر من يتعاطف معه.. فهل ترى أن ثمة سيناريو أسوأ يواجه جماعة الحكم يتمثل فى مواجهة التيارات الإسلامية لجماعة الحكم؟

- أتفق معك، خاصة أن بوادر هذا السيناريو لاحت منذ أزمة النور والرئاسة، وخطورة هذا السيناريو فى أن يحدث صدام إسلامى إسلامى بين الحركات والتيارات الإسلامية، وكل طرف يظن أنه على حق لأنه يستند على نص، لكننى أقول لك إن الإخوان المسلمين ولأنهم أصحاب خبرة وباع طويل بالسياسة يستعملون بقية التيار الإسلامى ببراعة فى تحقيق مصالحهم، فهم يخلقون بهم جبهة رفض ومعارضة مزيفة تدرك تماما أنها على خلاف فكرى وسياسى أيضا مع المعارضة الحقيقية التى تستند إلى تيارات ليبراليه ومدنية، بينما التيارات الأخرى حديثة عهد بها.

وجماعة الإخوان بذلك ضمنت عدم توسيع جبهة الرفض والمقاومة لها بينما تستغل تطرف التيارات الإسلامية التى تفتى قياداتها بتكفير الرئيس وجماعته وتحل دمه، كما قام أحمد عشوب صاحب الجهاد وإمام الشريف وغيرهما، وبذلك فالجماعة تحمل وزر هذه التيارات وما يصدر منها، لأنها تعى أن فتوى تكفير الرئيس تستدعى أمراً بالغ الخطورة، وهو استحلال دمه.

والإخوان يستعملون هذه التيارات ليكفوا عنهم النقد الشعبى بحيث يقتسمون معهم السخط الشعبى، معتقدين أنهم بذلك يقدمون جماعات متطرفة بينما يظلون هم الفصيل العاقل والمسالم والرزين فى المشهد.. إنه تكنيك إعلامى سياسى فى النهاية.

ومع الوقت ستكون هذه الجماعات عبئاً على الإخوان المسلمين، طبقاً لقاعدة «المغنم بالمغرم» وستضطر إلى التخلص منهم حتى ولو اضطرت إلى تشويههم فكرا وربما إعمال ذراع الدولة فى قمعهم.

■ البعض يراهن على مؤسسة الأزهر ويعلق عليه آمالاً فى توجيه التيارات الإسلامية وضبط إيقاعها، فكيف ترى هذا الرهان؟

-رهان خاسر، لأن من يقترب من المشهد عن كثب يدرك أن الأزهر بات مؤسسة إرشادية بالنسبة للتيارات التى تتصدر الساحة، ناهيك عن قدراته المحدودة، ودوره لن يتعدى محاولات جمع أطراف العملية السياسية ولمّ شتاتهم، وحتى ذلك لن ينجح فى حال تعارض ما يطرحه من مبادرات أو آراء مع مصالح الإخوان أو حتى السلفيين أو تأخير مشروعهم السياسى، فلن يلتفت إليها أحد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية