x

الطاهر مكى: حالتنا الآن كالأندلس قبل سقوطها وإيران وتركيا وإسرائيل تتقاسم قيادة الشرق الأوسط

الثلاثاء 20-04-2010 12:51 | كتب: يوسف العومي |
تصوير : حافظ دياب

تاريخ طويل يحتفظ به الدكتور الطاهر مكى، أستاذ تاريخ الأدب بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة، فهو أحد رواد الأدب الأندلسى، والأدب المقارن، والمثقف الذى أثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات منذ سفره إلى إسبانيا فى بعثة علمية، ثم عودته إلى مصر للتدريس فى الجامعة.

مر مكى بالعديد من التجارب، وهو شاهد عيان على تحولات المثقفين وقضايا الوطن، فكرية وثقافية وسياسية، لما يزيد على نصف قرن من الزمان.

فى هذا الحوار يفتح لنا خزانة ذكرياته، بعدما أتم ٨٦ عاماً قبل أيام، ويضع يده على الكثير من الجروح التى أصابت جسد المجتمع، وألقت بظلالها على الحياة السياسية.

■ مشوار طويل من العمل الأكاديمى والثقافى.. كيف كانت بدايتك على المستوى العملى؟

- تخرجت فى دار العلوم عام ١٩٥٢، وحصلت على الليسانس الممتازة مع مرتبة الشرف فى اللغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية ولم أعين معيدا، لأن ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ حدثت فى عام التخرج وقيل لنا يومها، أنها وجدت الخزانة خاوية، وليس هناك درجات جديدة، فالتحقت بمعهد التربية العالى للمعلمين، ولكنى اكتشفت أنه يعد طلابه ليكونوا مدرسين فحسب، وليست هذه غايتى.

إلى جانب أن المعهد كان فى الأصل تحت السيطرة الإنجليزية، فكان أساتذته يتبعون النهج الإنجليزى فى التربية بما فيه من صرامة وجدية، ولكنه عانى بعد الحرب العالمية الثانية غزوا ثقافيا أمريكيا، وكان كل أساتذته شباباً درسوا فى أمريكا فهم يؤمنون بمناهجها، ويبشرون بها، ويدرسون النظريات الأمريكية، وهى تركز على مراعاة الفروق الفردية وتنميتها ومراعاتها والحفاظ عليها واحترامها فكنا طلابا نسخر من هذا النمط، ونتهم الأساتذة بأنهم يقرأون علينا النشرات التى تصلهم من السفارة الأمريكية.

وهكذا غادرت المعهد بعد شهرين فقط غير آسف عليه، وعملت مدرسا فى مدرسة الناصرية الخاصة، وكانت- رغم أنها تتبع الوزارة– بمصروفات، فكان العمل فيها مريحا، وبقيت فيها فى انتظار بعثة تأتى، أو بعثة فى الكلية وفى أواخر عام ١٩٥٥ قرأت إعلانا فى جريدة البلاغ عن أربع منح مقدمة من إسبانيا للدراسة فيها واحدة منها لدراسة اللغة الإسبانية وآدابها، وقد فزت بهذه الأخيرة.

■ وكيف كانت حصيلتك من مفردات اللغة الإسبانية قبل أن تذهب؟

- فى الحقيقة لم أكن أعرف منها كلمة واحدة، وبعد شهور بدأت أزمة ١٩٥٦ فخجلت أن أسأل عن البعثة وبلدى فى حرب لأن الروح الوطنية المصرية كانت فى أسمى درجاتها، كانت على أشدها وحين سألنى أحدهم: لماذا لم تسافر؟ قلت له كيف وبلدى فى حالة حرب، إن مكانى هنا فى مصر ولقد سادت مصر يومها روح المقاومة العالية، ووزعت أكثر من نصف مليون قطعة سلاح على كل من أنهوا تدريبهم على «الكلاشنكوف» وبعض الأسلحة الأخرى الصغيرة ولم أبدأ فى التفكير فى السفر إلا بعد أن انتهت الحرب، وحين وصلت إلى مدريد وجدت أن سمعة مصر تناطح السماء وأصبحت محترمة دوليا، وكان الأوروبيون يكرهوننا، ولكنهم يرتجفون عندما يسمعون أسم الرئيس ناصر.

■ ما قراءتك لوضع المثقفين العرب الآن؟

- الثقافة والمثقفون– إجمالا بالطبع- فى كل الدول العربية، هم فى خدمة السلطان ربما باستثناء لبنان، وليس من حق المثقف الخروج عليه، ولهذا يكثر الحديث عندنا– دون العالم أجمع– عن الخطوط الحمراء والخضراء التى ليس من حق أحد تجاوزها، وقد يخرج أحيانا، فى حدود معينة، وبإشارة من السلطة نفسها، وذلك تجميلا للصورة، أما الخروج عليها بغير هذا الإذن، فسوف يعرض صاحبه للخطر فى رزقه أو حريته.

على أن الصراحة تقتضى أيضا أن نعترف بأن هناك مثقفين عرباً، لسبب أو لآخر استغنوا عن السلطة ورواتبها ودعمها الاقتصادى وفضلوا أن يعيشوا على الهامش، لا لهم وعلى عليهم كما يقال ليس لهم أى دور، إلا إذا اعتبرنا تقديم النموذج السلبى دورا، فهم لا يدعمون السلطة ولا يعارضونها ولا يسيرون فى ركابها، بعضهم يحاول أن يغطى هذه السلبية بأشياء تبدو إيجابية، لكنها لا تضر السلطة فى شىء، ومن ثم فهى لا تعنيها.

علينا أن نعترف بأن جمهرة المثقفين جاءوا من قاع المجتمع وتأثروا بالبيئة التى أمضوا فيها طفولتهم وتوزعتهم فى سن الشباب اتجاهات متطرفة، يسارية أو يمينية، وقد لحظت أنهم بعد أن تخطوا مرحلة الشباب أصبحوا فى الجانبين، اليسار واليمين، فى شوق شديد إلى الترف، لا يقنعون بالحياة الطيبة والآمنة، وإنما يطمحون إلى العيش فى الأماكن الراقية، وبناء القصور والفيلات، وركوب السيارات الفارهة وفى هذه الحالة فإن الاتجاهات المضادة لهم تقدم لهم الترف الذى يبحثون عنه، وإذا ما انفتحت شهية المثقف لآفاق البرجوازية، فلا تنتظر منه إبداعاً متميزاً أو موقفا وطنيا جريئا، إن غايتهم فى حالتهم الجديدة أن يصبحوا من أصحاب الملايين وبعضهم حققها فعلا.

■ هل يمكن القول أن التاريخ يعيد نفسه على المستوى السياسى.. وما حدث فى فترة انهيار الأندلس يتكرر فى الوطن العربى الآن؟

- هو يتكرر الآن فعلاً وابن خلدون يقول لنا إن أسباب سقوط الأندلس هى أن عصبية الناس لوطنهم ضعفت، ويقصد بالعصبية الولاء، فبدأوا فى تكوين الحركات الانفصالية، وكل جماعة تنفصل، وتكون دويلة، وبدأوا يستعينون، بعضهم على بعض، بقوى أجنبية، وفى القرن الحادى عشر الميلادى بدأ الإسبان يستعينون فى ضرب أمير مسلم بأمير آخر فيسقط الاثنان ونحن الآن نستعين بالغرب.

■ من المسؤول عن تدخل الغرب فى شؤون الدول العربية هذه الأيام؟

- الأسئلة التى تطرح نفسها الآن: من الذى سلح أمراء الحرب فى جنوب السودان؟ ومن الذى يدفع اليمنيين إلى الثورة ضد الحكم؟ ومن الذى يثير المشاكل فى المغرب؟ وهل نجد بلدا عربيا ليس به مشاكل حربية؟ فى البلاد التى بها عصيان مدنى كالسودان واليمن والمغرب والعراق يرفع الناس السلاح فى وجه بعضهم والخارج يعينهم على ذلك، وهى صورة طبق الأصل لما حدث فى الأندلس وإذا نظرنا لما يحدث فى العراق سنجد فيلقا يحارب بسلاح إيرانى وآخر يقاتل بسلاح أمريكى وذاك يحارب بسلاح وارد من إسرائيل وفى دارفور نجد أيضا السلاح الأمريكى، وسلاحا من الموساد وآخر من بلد عربى، وحالتنا الآن كحالة الأندلس تماماً، والأندلس فى الماضى سقطت، ونحن الآن فى الحاضر سقطنا لأن هناك ثلاث قوى تتقاسم قيادة الشرق الأوسط هى: إيران وتركيا وإسرائيل ليس من بينها بلد عربى واحد لكن المصيبة أننا لا نعرف كيف نخرج من هذا المأزق.

■ كان اليسار يقود الحراك السياسى فى مصر فى الستينيات والآن نجد الإخوان المسلمين، ما تفسيركم لوضع المثقفين والأكاديميين فى الحراك السياسى الآن؟

- اليساريون الحقيقيون لا يظهرون على الساحة الآن، لأن السلطة لا ترضى عنهم فهى تريد يساريا بمستوى رفعت السعيد، لأنه رجلهم يعمل ما يطلبون، ولا بأس أن يرفع راية الاشتراكية، وتريد إسلاميا بمستوى عبدالصبور شاهين يمكن أن يفتى لكن فى النهاية هو مع النظام، هؤلاء هم الذين تريدهم السلطة لكن لا تريد إسلاميا بمستوى مكتب الإرشاد الذى انتخب مؤخرا أو يساريا مثل الذين يكافحون تحت الأرض.

■ وكيف ترى الصحافة اليوم؟

- أولا الصحف الحكومية بعضها يوزع قسراً، وأعرف صديقا يحرص على قراءة الأهرام لمعرفة الوفيات والناس فى الصعيد يفضلون قراءة الأخبار لأنها تنشر وفيات أهل الصعيد، ولا توجد صحيفة من بين هذه الصحف تقيس مدى تأثير كتابها بدراسة زيادة نسبة التوزيع كما تفعل الصحف الأجنبية التى تنحى أى كاتب لا يحقق نجاحاً فى زيادة نسبة التوزيع، وكان الأستاذ عباس العقاد إذا كتب فى صحيفة تعلو، وإذا تركها تهبط، ولم تكن هناك صحيفة تستطيع أن تحذف حرفا، مما يكتبه، وحدث فى الخمسينيات أن جريدة الأخبار حذفت ثلاثة أسطر من يومياته، فأضرب عن الكتابة فيها لمدة ثلاثة أشهر، فالصحف الحكومية الآن مثل شربة الملح الإنجليزى تعود القارئ عليها لكنها لا تقدم ولا تؤخر ولا تثير قضية ولا تسهم فى الحراك السياسى مثلها مثل التليفزيون المصرى الذى يأتى بأشخاص ليعلقوا على بعض القضايا ويسميهم الرأى العام «الكتاب التبريريون» الذين يبررون ما تصنع الدولة وهناك صحف تفرضها الدولة، وصحف تتلقى ميزانيتها من بعض رجال الأعمال التابعين للدولة والذين هم جزء من فساد المجتمع وجموده.

ويمكننا أن نطرح سؤالا فى المقابل: لماذا انتشرت جريدة «المصرى اليوم» فى فترة وجيزة؟ والجواب أنها استطاعت أن تحوز ثقة القارئ رغم أنها حوربت فى البداية بإشاعات كثيرة: وقيل إنها أمريكية وقال البعض إنها صهيونية لكنها استطاعت صحفيا أن تكسب السوق، وهو أمر ليس بالقليل، أن تكون صحيفة مستقلة غير مخترقة حكوميا، وغير مشتراة.

وأيضا نفس الخط سلكته جريدة الشروق التى نجحت فى البداية، لكن القارئ فى الفترة الأخيرة، بدأ يحس أنها جريدة مكتبة، وإعلان عن كتاب فتراجعت، ونفس الشيء بالنسبة لجريدة الوفد أيام مصطفى شردي، إذ كان لها وزنها فى ذلك الوقت.

■ وما قراءتكم لحالة الحراك السياسى الحادث الآن كالإضرابات والاعتصامات؟ وكيف ترى عودة البرادعى؟

- المجتمع يعيش الآن بداية النهضة واليقظة يشعر بأنه فى وضع غير سوى وفى حالة لابد من تغييرها، والمجتمع المصرى أحس الآن وآمن أننا فى وضع لا يمكن أن يستمر لذلك ليس أمام النظام إلا حلان:

الأول، أن تنتبه السلطة، وهى الآن فى أشد الحاجة إلى رجل يقظ يقول لها إنه لابد من وجود حل بأن نقابل الجماهير فى منتصف الطريق ونسمع لها ونرى ماذا تريد فان كانت لا تريد توريثا فهو كذلك وهذا يتطلب أن يحتفظ النظام بشىء ويعطى الجماهير أشياء.

أما الحل الآخر، فهو العناد وسيترتب عليه انفجار، والانفجار لا يأخذ رأى أحد، والبعض يقول إن الشعب المصرى نائم وخانع، لا تصدقوا هذا الكلام لأن هذا الشعب هو الوحيد الذى فى قرن واحد قتل السادات رئيس الجمهورية وعزل الملك فاروق وقتل اثنين من رؤساء حكومة النقراشى باشا وأحمد ماهر باشا، وقتل مدير أمن العاصمة سليم زكى، وبطرس باشا غالى، وغيرهم.

لذلك فنحن لسنا كما يقولون شعباً خانعاً بل نحن شعب يصبر إلى أن تتجمع الظروف وهذه الظروف لابد لها من لقاء فى وسط الطريق أو انفجار، وأنا كنت شاهد عيان على ما حدث فى حريق القاهرة فلا أحد يمكنه أن يتصور ما حدث فقد خرجنا فى مظاهرات وفجأة تحولت المظاهرات إلى انفجار وكنت أسير قريبا من فندق «شبرد» الذى كان يتكون من خمسة طوابق وكان من أعظم الفنادق فى العالم تحول إلى كوم تراب فى لحظات ونفس الشيء حدث فى عمارات الدمرداش «عمارات ٢٦ يوليو حاليا» التى كان بها محال صيدناوى وشملا وأدكو كل هذه المحال تحولت إلى تراب ولا أحد يعرف كيف حدث ذلك.

وما حدث سابقا يمكن أن يحدث فى أى لحظة من اللحظات أن تتحول القاهرة إلى كتلة من اللهب والحرائق والإضرابات.

■ هل المظاهرات والإضرابات التى تشهدها مصر فى السنوات الخمس الأخيرة مقدمة لثورة؟

- نعم.. والناس الآن مستعدون أن يرتكبوا أى فعل، حتى لو وصل الأمر إلى أن يرفعوا السلاح ويضربوا بالرصاص لأن لديهم إحساسا بأن هناك شيئا خطأ ولابد أن نعترف بأن صدور ثلاث صحف مستقلة أحدث شرخا فى جدار الخوف لأنهم بدأوا يتحدثون عن السرقات بالمستندات والناس حاليا تصدق كل ما تكذبه الحكومة والصواب معهم، لأن الحكومة تتستر على الفساد والمفسدين على خلاف فترة عبدالناصر التى أسكرنا فيها بأمجاده وأسكرنا بإشعارنا بالكرامة والناس تقبلوا منه أشياء لا يتقبلونها من الآخرين.

والإضرابات والمظاهرات التى حدثت هى بداية، صحيح أن لدينا والحمد لله أجهزة أمن على أعلى مستوى وفى غاية اليقظة تعرف كل عمليات القتل والتعذيب والتقديم لمحاكمات غير قانونية، لكنها بدأت تستخدم التدمير من الداخل من خلال التسرب إلى مؤسسات وأجهزة معينة كالنقابات والأحزاب أو فى أى تجمعات أخرى وتزرع فيها من يخربها، كما أنهم يشترون الأقلام ويمنحون الامتيازات لبعض الأشخاص لكى لا يشتموا الدولة والنظام.

■ وما رأيك فى الحراك الذى أحدثه الدكتور محمد البرادعى فى مصر وما يقال حول أنه قادم من الخارج؟

- البرادعى ترك مصر لأداء مهام وظيفة دولية وله منزل فى مصر وكان يأتى لمصر باستمرار يقابل الناس ويستمع لهم ويعرف الكثير عن مشكلات وواقع البلد ورغم ذلك لابد له أن يدرس مشكلات الوطن بعناية وهو شخصية مرموقة، ونحن نحتاجه لمرحلة انتقالية يتوفر فيها شخص نظيف حقيقة وليس ادعاء، يتوفر فيها شخص ليست له غايات، يؤمن بأفكار متقدمة، ويؤمن بالديمقراطية، والبرادعى أمل الناس لأنه ليس طماعا، ولن يبقى فى الحكم مدى الحياة.

■ وما رأيك فى جمال مبارك.. هل يصلح رئيساً؟

- عندما بدأ التفكير فى جمال مبارك ليكون وريثاً منذ سنوات سألنى صحفى بصحيفة قومية: هل توافق على أن يكون جمال مبارك رئيساً للجمهورية؟ قلت له نعم لأن له فائدة كبيرة جدا لا يحس بها الناس، فظهرت علامات الرضا على الصحفى بسبب كلامى وقلت له إن جمال سيكون أول شخص لم يهبط على رئاسة الجمهورية بالبراشوت، فهو مدنى ونستطيع بعد أربع سنوات أن نقول له مع السلامة، فإذا كتبت هذا الكلام فأهلا وإذا كتبت أننى أؤيد جمال رئيساً فلا تكتب لأننى سأكذب ذلك، لكن فى الحقيقة كنت أرى ذلك فعلاً أما الآن فأرى أنه لن يأتى رئيساً للجمهورية.

أما البرادعى فهو ليس مدعوماً إلا من الشعب ولا يستطيع أن يفرض نفسه علينا وأيضاً لا ننسى الاحترام الدولى الذى يحظى به، لدينا رجل له مكانة علمية وقيمة دولية وهذا يذكرنى ببابليو نيرودا عندما حصل على جائزة نوبل وكان سفيرا لشيلى فى باريس فبمجرد حصوله على الجائزة ترجمت أشعاره إلى جميع اللغات العالمية وأصبحت تباع بكميات هائلة وحقق ثروة طائلة فقرر أن يتنازل عن راتبه لدولته وأصبحت سفارة شيلى فى باريس محطة ثقافية مهمة فى عاصمة الثقافة، فعندما يكون لدينا رجل له مكانة دولية سيوفر علينا هذا جهداً كبيراً.

■ كيف ترى الوضع بين المسلمين والأقباط وما قراءتك لوضع المؤسستين الدينيتين الأزهر والكنيسة؟

- للأسف الأزهر هدمناه ولا دور له لأننا حولنا شيخ الأزهر إلى موظف يتلقى أوامره من موظفين وليس من رئيس الجمهورية بل من وزير مثلا أو من وزارة الداخلية، ولم يعد الأزهر مؤسسة دينية ذات قيمة حتى إن اتحاد علماء المسلمين لا يضم بين أعضائه شيخ الأزهر الراحل، لكن الأمل معقود على فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب فى أن يعيد للأزهر هيبته وكرامته، فهو رجل ذو ثقافة واسعة، وكان أول قراراته منع إقامة عقود القران فى المشيخة لمن يستطيعون الدفع.

أما المؤسسة القبطية فالبابا شنودة استطاع أن يحولها إلى مؤسسة سياسية فهو الآن زعيم الأقباط وهو المسؤول عن أمنهم وسلامتهم وعن حمايتهم، على عكس بابا الفاتيكان فى إيطاليا، فهو ليس مسؤولا عن حماية المسيحيين مطلقا بل الحكومة، والمشكلة أننا لم نضع أصابعنا على أساس القضية.

أقباط الخارج، يتوهمون أن أمريكا يمكن أن ترسل جيشا من ١٠٠ مليون جندى لحماية الأقباط فى مصر، ولن نستطيع أن نحميهم بأن نضع مع كل قبطى عسكرياً ولا نرسل فى كل قرية فرقة، الذى يحمى الأقباط فى مصر هو التفاهم والتعامل والحب ومعرفة أن للأقباط حقوقاً لكن عليهم أن يعترفوا بأن للأغلبية حقوقاً أيضاً، ولا يصح أن نقول بأن وزارة التربية والتعليم تدرس فى المدارس القرآن ولا تدرس الإنجيل لأننا لا ندرس القرآن فى المدارس على اعتبار أنه عقيدة بل لأنه أدب والإنجيل لم يكتب بلغة أدبية، التلاميذ يقرأون القرآن ليحسنوا لغتهم والأقباط فى القرى يرسلون أبناءهم للكتاتيب برغبتهم لكى يتعلموا القراءة والكتابة.

■ لكن هذا كان فى الماضى؟

- لا هذا حدث لا يزال يحدث، ففى قريتى الغريرة المطاعنة مركز إسنا محافظة الأقصر بعض الأقباط يرسلون أبناءهم الذين يذهبون للمدرسة فى الفترة المسائية إلى الكتاب فى فترة الصباح لحفظ القرآن وهو حفظ نصى وليس شرحا فقهياً لأن الشيخ لا يستطيع تفسير الآيات.

■ ما رأيك فى ظاهرة التدين التى يعيشها المجتمع المصرى وهل هى حقيقية أم شكلية؟

- المجتمع المصرى طول عمره متدين، ويعتبر أن الدين مسألة داخلية، وعندما يتم التعامل فى الحياة لا يتم على أساس الدين فعندما أذهب للطبيب أذهب لا على أساس ديانته، بل على أساس كفاءته، وهو ما يفعله المسلمون فالناس سائرون إلى الأسلمة من باب التدين، أما العلاقات الخارجية فكانت إنسانية دائماً وستظل كذلك.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية