حين كان «رضا عبدالعاطي» طالباً فى الصف الأول الإعدادى كان الأساتذة يشجعونه على الكتابة. كان يقرأ لشعراء العامية «صلاح جاهين» و«أحمد فؤاد نجم» و«فؤاد حداد»، فشعر بأنه يستطيع كتابة الشعر العامى، لكنه وجد نفسه أكثر فى كتابة الأغانى. كان يكتب ويخبئ ما يكتبه فى كتبه المدرسية، وحين انتقل إلى المرحلة الثانوية وجد أخاه الأصغر «شعبان» الأشعار فاستغلها فى إرسالها إلى الفتيات لمغازلتهن، ولم ينزعج «رضا»، بل ثبت فى قرارة نفسه أنه كاتب أغانٍ جيد، واقتنع أنه يوماً ما سيكون شاعرا غنائيا مهماً، لكن هذا اليوم لم يأت بعد.
يبلغ «رضا» 35 عاما، يقيم فى حى بشتيل فى الجيزة. عمل فى ورشة حداد حين كان عمره 17 عاماً ليكسب قوت يومه، ويساعد أبيه الموظف الحكومى الذى يتقاضى 150 جنيهاً ولديه خمسة أبناء وزوجة. عمل رضا فى الورشة لمدة عامين، ثم عمل فى ورشة ألوميتال، لمدة 6 أشهر، يقول: «استفدت من عملى فى تركيب الألوميتال، فكنت أُركبه فى البيوت، وكنت أستغل الفرصة لأقرأ على زبائنى أشعارى».
كانت كرة القدم غرام «رضا» فى طفولته، فقد اجتاز اختبارات نادى المقاولون العرب وهو فى سن 16 عاما، إلا أنه لم يكمل لأنه كان يرى أن مستقبله فى الشعر، وبعد أعوام، وفى الاحتفال بمئوية نادى الزمالك كتب رضا أغنية «إنت الكبير» بالاشتراك مع شاعر آخر، وتقاضى أجراً 500 جنيه، «هو ده المبلغ الوحيد اللى دخل جيبى من الأغانى».
يرفض «رضا» كتابة الأغانى الشعبية، وقابل ملحنين ومغنين كثيرا، كانوا معجبين بأشعاره، وحاول مع شركات الإنتاج، «وكل ما أعشم نفسى مالاقيش حاجة». تزوج «رضا» يوم 27 يناير عام 2011، ولم يكن يعلم أن هناك مظاهرات وانتفاضة ستؤدى لثورة حقيقية، فقد كان منشغلا بترتيبات الزواج، يقول: «أعرف إزاى، أنا معنديش تليفزيون، لكن أخى الأصغر أخبرنى بما يجرى يوم 1 فبراير، وشاركت فى آخر يومين قبل تنحى مبارك».
بعد حصوله على دبلوم تجارة، عمل «رضا» فى أحد المطاعم يغسل الأطباق براتب 258 جنيها، وبعد عامين أصبح «جارسون»، وبعد 12 عاما وصل راتبه إلى 930 جنيها، يقول: «أدفع 350 جنيها إيجار الشقة، وبعد فاتورة الكهرباء والمياه، والمصاريف أخرى تتبقى 400 جنيه، أعطيها لزوجتى لتدبر بها حالنا، وحال ابننا الصغير».
تتلخص أمنيات «رضا» فى أن يكون شاعرا غنائيا معروفا، «حتى أرد الدين لأبى وأمى».