فى عام 2010 بيعت لوحة «الدراويش» عن طريق صالة مزادات «كريستيز» العالمية بمبلغ 2.5 مليون دولار، لتصبح أغلى لوحة رسمها فنان من الشرق الأوسط فى العصر الحديث.
صاحب هذه اللوحة هو «محمود سعيد» أهم فنانى مصر التشكيليين، والمولود فى الإسكندرية فى 8 إبريل 1897، وتوفى فى 8 إبريل 1964، وتعلم الرسم على يد مدرسته «إمليا كازوناتو دارفورنو»، ومس «بلاك بورن»، وبعد أن حصل على البكالوريا من مدرسة العباسية الثانوية عاد إلى الإسكندرية ليتعلم داخل مرسم الفنان الإيطالى «أرتو زابييرى» فى شارع النبى دانيال.
فى عام 1919 حصل «سعيد» على ليسانس الحقوق الفرنسية، ووافق والده محمد باشا سعيد، رئيس وزراء مصر الأسبق، على سفره إلى باريس لدراسة الفن، فالتحق بالقسم الحر بأكاديمية «جراند شومبير» لمدة عام، ثم أكاديمية «جوليان»، وانشغل بتأمل ومشاهدة الثروات الفنية فى متاحف باريس ومعارضها، وبالقراءة حول تاريخ الفن فى كل من إيطاليا وفرنسا وبريطانيا.
رسم «سعيد» لوحة «الدراويش» عام 1935، أى فى مرحلة توظيف الأساليب الغربية فى الرسم، لكنه كان النموذج الفريد الذى هضم هذه المدارس، وطوع خلاصتها فى رسم لوحات مصرية صميمة، ومنها لوحة «الدراويش»، فقد طاف فى حلقات الذكر وأنصت إلى الترتيل، رغم أنه ابن الطبقة الأرستقراطية، لكنه اهتم بالبسطاء من الفلاحين والصيادين فى رسم لوحاته، بل سيطرت عليه حالة من التصوف والتأمل فى جماليات الكون والطبيعة، وجذبه جمال الفتيات السمراوات بأجسادهن الخمرية الذهبية، وملامح وجوههن البارزة ونظرات عيونهن الفاتنة، فرسمهن كما لم يرسمهن أحد من قبله أو بعده.
نال «سعيد» ميدالية الشرف الذهبية فى معرض باريس الدولى عام 1937 عن الجناح المصرى، ثم منحته فرنسا عام 1951 وسام «لجيون دوبنر»، وفى عام 1960 كان أول فنان تشكيلى يحصل على جائزة الدولة التقديرية للفنون، وتسلمها من الرئيس المصرى جمال عبدالناصر.