x

متزوج يعيش عيشة العزاب في الغربة هربًا من قطاع الطرق في مصر

الإثنين 18-03-2013 14:15 | كتب: نجاتي بدر |

ترك بلدته في محافظة القليوبية قبل نحو شهرين، بعدما زادت الأوضاع الأمنية ترديا في مصر، إلى العاصمة القطرية الدوحة للعمل بإحدى المؤسسات التعليمية في مهنة سائق. ترك بلدته حاملا القليل من الملابس والكثير من الذكريات لرحلة طويلة من الشقاء بدأت منذ تركه المدرسة في المرحلة الإعدادية لإعالة والدته وشقيقاته الـ 4.

رغم أنه متزوج، أصبح عليه أن يتحمل الوحدة والغربة بعنائهما. يطبخ، يغسل، يرتب أشياءه المتواضعة بنفسه، بعدما كان يعيش في مصر مع أمه وزوجته وأولاده. «المصري اليوم» زارت هاني الحسيني في غرفته التي يقيم فيها برفقة شخصين لا يعرف عنهما إلا القليل.

يقول هاني: «أحدهما يعمل مندوبا في إحدى الشركات، والآخر حضر ليشتغل معلما في إحدى المدارس». أشار للغرفة المتواضعة من حوله قائلا: «ثلاثتنا نقيم هنا داخل هذه الغرفة التي هي جزء من فيلا مقسمة إلى عشرات الغرف، تضم كل منها مجموعة من الأشخاص يبحثون عن أماكن بيات مشتركة مقابل نحو 200 ريال».

وأضاف هاني: «كي أستطيع دفع إيجار الغرفة وآكل وأشرب وأدخر الباقي، أعمل بنظام الدوامين من السابعة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، ثم من الرابعة عصراً وحتى التاسعة مساء.. وبالكاد يسد راتبي احتياجاتي»، على حد قوله. لكن هاني أكد أن الحظ حالفه حينما جمعه برفاق سكن من المصريين، في حين قد يضطر غيره للإقامة في غرفة تضم أشخاصا من جنسيات آسيوية متعددة وديانات ومعتقدات مختلفة.

كان الحسيني يعمل في مصر سائقا، لكن حادث مقتل 3 سائقين من زملائه على يد قطاع طرق أوقفوهم لسرقة سياراتهم على طريق «مسطرد»، جعل عائلته تفضل الموت جوعا على أن يستمر في تلك المهنة.

استدان ليفتح مقهى «إنترنت» لكنه لم يحصد منه المال الذي يسد احتياجات أسرته، وظل طوال عام ونصف العام يسعى لتوفير لقمة عيش لعائلته دون جدوى، وفى الوقت الذي كاد فيه اليأس أن يسيطر عليه تمكن من الحصول على فرصة عمل في قطر ليغادر مطار القاهرة إلى الدوحة.

ويقول هاني لـ«المصري اليوم»: «شاء القدر أن أتحمل مسؤولية والدتي وشقيقاتي الـ 4 فى سن مبكرة بعد وفاة والدي التربوي، فاضطررت إلى ترك المدرسة. كان حلمي طوال مدة تزيد على 15 سنة أن أشترى سيارة ميكروباص أو نصف نقل لتكون مصدر إعالة لأمي وشقيقاتي وزوجتي التي أنجبت منها 3 أبناء.

وأضاف هاني: «لم أكن أحلم يوماً بمغادرة مصر والعمل في أي دولة أخرى. كنت أحصل على رواتب مجزية من عملي كمندوب وسائق في بعض الشركات أو حتى من عملي كسائق على ميكروباص، لكن مع تغير الأحوال وانتشار الفوضى وعصابات السيارات ومقتل 3 سائقين من زملائي على يد هؤلاء البلطجية، اختلف الوضع ورفضت عائلتي الاستمرار في هذا العمل، خشية أن أُقتل على يد قطاع الطرق».

كاد هاني أن يرى المصير نفسه ذات مرة عندما حاول لصوص سرقة سيارته على طريق الكريمات: «رأيت الموت بعينى عندما أطلق قطاع طرق النار على سيارتنا في محاولة لتوقيفنا وسرقتنا وشاء القدر أن أنجو ومن معي دون إصابات». وأضاف: «بعد هذا الموقف أصّرت عائلتي على تركي هذه المهنة التي لا أعرف لها بديلا، فاستدنت لأفتتح مقهى إنترنت في مسكن أهل زوجتي، لكنه لم يسد احتياجاتنا، وعليه قررت البحث عن فرصة عمل لم أجدها إلا في قطر».

وقال هاني: «أصبح ملاك السيارات في الأشهر الأخيرة يخشون على سياراتهم من السرقة كما يخشى أهالي السائقين على أبنائهم وأزواجهم وأشقائهم ممن يمتهنون هذه المهنة التي أصبحت تشكل مصدر خطر جسيم على أرواح من يعملون فيها».

وأشار إلى أن السائقين في مصر حالياً يواجهون مخاطر تكاد تفوق المخاطر التي تواجهها الشرطة والجيش بسبب انتشار قطاع الطرق والعصابات التي تسرق لتساوم على إعادة السيارة إلى مالكها بمقابل مادي. وأوضح: «في بعض الأحيان تقتل هذه العصابات من قد يتذللون إليهم لعدم سرقتهم».

ومضى قائلا: «فقد صديق لي حياته على طريق كفر حمزة – مسطرد على أيدي عصابة تخصصت في سرقة السيارات لمجرد أنه أبلغهم بأن والده استدان لشراء هذه السيارة وإنها مصدر دخلهم الوحيد ومازال عليها أقساط». وختم: «السواقين في مصر يحملون أكفانهم على أيديهم».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية