x

عماد جاد: مواجهات الجيش والشرطة ببورسعيد مؤشر يعيدنا لخطط جمال مبارك (حوار)

الأحد 17-03-2013 22:24 | كتب: أسماء المحلاوي |
تصوير : محمد معروف

قال عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،عضو مجلس الشعب السابق، إننا وصلنا إلى مجتمع مأزوم بسبب حالة الانقسام والارتباك والاحتقان والتباعد بين القوى السياسية، فى ظل عجز النظام عن تقديم رؤية توافقية.

وأكد «جاد»أن نظام الحكم الإخوانى يعانى مشاكل حقيقية فى إدارة شؤون البلاد، وألمح إلى أن مشهد المواجهات بين الشرطة وقوات الجيش فى بورسعيد- كان مؤشراً خطراً يعيدنا إلى خطط جمال مبارك، التى أعدها لمواجهة الجيش بالشرطة وإلى نص الحوار

■ كيف تصف المشهد الحالى؟

- نحن أمام مشهد فيه حالة انقسام وارتباك واحتقان، فيه تباعد بين القوى السياسية، وعجز من جانب النظام على تقديم رؤية توافقية، وهو ما خلق مسافة كبيرة فاصلة بينه وبين المعارضة، وهناك اعتماد على الشق الأمنى فى التعامل مع المطالب الاقتصادية والاجتماعية، وبطء شديد فى التجاوب مع الأفكار المطروحة، وبالتالى وصلنا إلى مجتمع مأزوم، ونظام سياسى مخنوق بفعل النظام والمعارضة.

ومن الملاحظ أن جماعة الإخوان لديها مشكلة حقيقية فى إدارة شؤون البلاد، فلأول مرة فى التاريخ نجد تراشقات بين الجيش والشرطة، وهما العمودان الأساسيان لأى دولة من الدول، وهو ما يؤكد حالة الانفلات والتفكك فى الدولة، خاصة بعد أن خرجت «الداخلية» ضعيفة ومجروحة من الثورة، والمؤسسة الوحيدة المتماسكة هى الجيش، صحيح أنها أدارت المرحلة الانتقالية بشكل ملىء بالأخطاء والمشاكل، لكن فى النهاية استطاعت استعادة صورتها الإيجابية لدى الناس، فالمشهد فى بورسعيد كان موحياً بأن «الداخلية» موجودة عند مديرية الأمن، والجيش موجود لكى يؤمنها، لكن المتظاهرين يقفون خلف قوات الجيش، فبدا الأمر وكأن الجيش يحميهم، وتلقى جزءاً من الغازات المسيلة للدموع التى كانت تلقى على المتظاهرين، وأصبح المشهد وكأن السلطة فى مواجهة الجيش والشعب، وهذا أمر خطير سياسياً، بل الأخطر من ذلك أن يظهر جناحا الأمن فى مصر بصورة المتقاتلين.

وأنا شخصياً سمعت على لسان اللواء عبد الفتاح السيسى عندما كان مديراً للمخابرات العسكرية، فى جلسة حضرها قيادات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وسعد الكتاتنى، أنه قال بشكل واضح:« نحن فى العامين الأخيرين قبل الثورة، كنا نعلم أن جمال مبارك يدرك أن الجيش ضد موضوع التوريث، فاعتمد على «الداخلية»، وعقد صفقة مع حبيب العادلى بأن يعطى كل الإمكانيات للداخلية، ويشترى لها مصفحات وأسلحة، حتى إذا آن أوان التوريث، وخرج الجيش يعترض، حينها يستعين على «الداخلية» بأن تواجه الجيش، «جمال كان عاوز يمشى مشروع التوريث بمساعدة الداخلية، فى حال لو أن الجيش رفضه»،

■ ما رأيك فى وقف محكمة القضاء الإدارى سير الانتخابات البرلمانية؟

- هذا القرار كان متوقعاً، وأنقذ البلد من أزمة وانقسامات خطيرة وسيناريوهات مزعجة، فإصرار«الرئاسة» على استكمال سير عملية الانتخابات البرلمانية كان سيؤدى إلى حل مجلس الشعب، وحكم المحكمة جاء لكى تلتقط القوى السياسية أنفاسها بعد استمرار الاحتدام السياسى مدة طويلة بين مؤسسة الرئاسة بمعاونة جماعة الإخوان المسلمين والمعارضة على الجانب الآخر،.

■ هل إعلان الرئيس موعد الانتخابات قبل أن تعلن الدستورية العليا موقفها من قانون الانتخابات- يؤثر على مدى دستورية الانتخابات من عدمها؟

- نعم، بالطبع، فى الدستور الجديد بموجب المادة 177 تم إلغاء الرقابة اللاحقة للمحكمة الدستورية على القوانين الخاصة بالانتخابات، وأصبحت رقابة سابقة، وهى تعنى أنه لابد للمحكمة أن تراجع النسخة الأخيرة من القانون، والمحكمة سلمت ملاحظاتها لمجلس الشورى فوضع المجلس مادتين جديدتين دون الرجوع مرة أخرى للمحكمة الدستورية، إذاً فالقانون غير دستورى، وفى ذلك عجلة وتسرع غير مبررين،

■ كيف قرأت ردود أفعال الرئاسة و«الجماعة» والمعارضة تجاه حكم وقف إجراء الانتخابات البرلمانية؟

- وقف الانتخابات كشف للجميع من الذى يدير البلاد، وبالطبع هو مكتب الإرشاد، فالرئاسة أعلنت من اليوم الأول بعد وقف الانتخابات أنها سوف تحترم قرار المحكمة، ولن تطعن على الحكم، وفى الناحية الأخرى، وجدنا بعضاً من قادة «الجماعة» يحرضون «مرسى» للقيام بالطعن على الحكم، لنجد أنه بعد أكثر من 10 أيام من قرار المحكمة، قررت الرئاسة الطعن عليه، وبالتالى فإنه يتأكد أن «مرسى» هو مجرد مسؤول ملف الرئاسة داخل مكتب الإرشاد والجماعة.

والمعارضة استقبلت الحكم بقدر كبير من الارتياح، لأنه أنقذ البلد من هلاك كان يحدث لا محالة، وقرار المحكمة إشارة للجميع لكى يعيدوا ترتيب أوراقهم من جديد، ويراجعوا مواقفهم، بما يتناسب مع صالح الوطن.

■ إذا كانت أجريت الانتخابات واكتسح الإسلام السياسى البرلمان.. كيف كنت تتوقع ردود أفعال الشارع؟

- كانت ردود الأفعال ستصبح أكثر سلبية، وسيتسع العصيان المدنى فى الدلتا والقاهرة الكبرى وما حولها، وسيكون جزءًا من تصعيد المشكلة، وليس بداية للحل.

■ ما رأيك فى دعوات الشارع التى تنادى بعودة القوات المسلحة؟

- الجيش بالتأكيد أخذ درسا بعد تجربة المرحلة الانتقالية، واليوم هناك عجز من السلطة والمعارضة فى إدارة البلاد، وهذا كله أدى إلى استدعاء الشعب للجيش مرة أخرى، خاصة بعد موقفه المشرف مع أهل القناة من حظر التجوال وقانون الطوارئ، من هنا بدأ الجيش يستعيد صورته الإيجابية فى عيون المواطنين البسطاء، ويمارس دوره فى حماية الأمن القومى ويغلق الأنفاق مع غزة، وبدأت الصورة أن الجيش أقرب للناس من الشرطة، وبدأ الشعب يوقع توكيلات ليدير الجيش البلاد.

والجيش سيتحرك فى حال تأزم المشهد واستمرار الصراع بين القوى السياسية مما يؤدى إلى انهيار الدولة.

■ هل تعتقد أن الرئيس لديه ثقة كافية فى نفسه ليستفتى على منصبه؟

- لا، ومكتب الإرشاد لا يريد هذه الخطوة، لأنه يعلم أن شعبيته فى الشارع تراجعت، وقيل إنه بعد أحداث الاتحادية الرئيس ذهب لبديع وأخبره بأنه يريد أن يتنحى ويتم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فرفض المرشد وقال له أكمل مدتك.

ولو أنهم يثقون فى أنفسهم «يعملوا انتخابات رئاسية مبكرة، ولو الناس عاوزاهم هينتخبوهم تاني»، وستكون رسالة للعالم كله، لكن ما هو شعور مرسى ومكتب الإرشاد بعد تعطيل جون كيرى 3 ساعات ودخوله من بوابة فى قرية البضائع، فما هى الرسالة التى خرج بها «كيرى» من مصر؟، إنهم عاجزون عن تأمين زيارة لوزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية على بعد 6 كيلو من القصر الرئاسى!، لو مرسى قرر فعلا عمل انتخابات مبكرة سواء نجح أو لا، فإنه فى الحالتين سيؤدى الى حالة هدوء فى البلاد.

■ ما رأيك فى تصالح الإخوان مع رموز النظام السابق مالياً وعزلهم سياسياً؟

- «شوية شوية وهيتصالحوا معاهم سياسياً»، هم يتصالحون معهم لأن هناك أزمة مالية حادة، والإخوان ساوموا رموز النظام السابق على ذلك مقابل أن يأخذوا أموالهم، ولدى معلومات أن الحرية والعدالة وجماعة الإخوان يقومون باتصالات مع رموز عائلات فى صعيد مصر كانت منتمية للحزب الوطنى، من أجل ترشيحهم على قوائم من يريدون التصالح معهم، إذن هناك مصالحة اقتصادية تحت ضغط الأزمة الاقتصادية، وسوف تأتى المصالحة السياسية تحت ضغط الحاجة إلى مقاعد فى البرلمان، وتقوية لشعبية الإخوان فى الشارع.

■ فى اعتقادك هل الأزمة بين الرئاسة والقضاء سببها الدفاع عن الثورة أم التخوف من أخونة القضاء؟

- هى بسبب الرغبة فى السيطرة على القضاء، وليس أخونته، والجماعة قامت بصياغة مواد مخصوصة للمحكمة الدستورية العليا، فأبقوا على «ناس معينة» وقللوا عدد أعضائها، وهم يريدون إخضاع السلطة القضائية تحت سيطرة السلطة التنفيذية.

■ ما رأيك فى قرار النائب العام بشأن الضبطية القضائية؟

- كارثة، ودعوة صريحة لحرب أهلية وانتشار الميليشيات على أرض مصر، وإعادتنا لمرحلة ما قبل الدولة، وللأسف النائب العام يوافق على كل ما يأتيه من مكتب الإرشاد، بصرف النظر عن دستوريته وقانونيته، فهذا القرار يقنن بل يمحو جهاز الشرطة لتحل محلها ميليشيات تخدم مصالح التيار الإسلامى، فهم لا يثقون إلا فى أنفسهم ولا يثقون فى مؤسسات الدولة، ويريدون عمل دولتهم فوق دولة القانون، وفوق الدولة نفسها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية