أكد خبراء مياه وشؤون افريقية، أن موقف دول منابع النيل من المفاوضات حول مستقبل المياه فى دول الحوض، كان متوقعا في ظل الغياب المصري عن الساحة الإفريقية، وإنشاء العديد من الدول مثل اسرائيل وأمريكا والصين مشروعات ضخمة داخل دول الحوض.
و اعتبر الدكتور «هاني رسلان» المتخصص في الشؤون السودانية ودول نهر النيل، أن قرار دول المنبع يمثل خطورة كبيرة بالنسبة لها و لمصر أيضا في المستقبل .
وأوضح أنه في حالة إصرارهذه الدول علي إتخاذ قرارات منفصلة عن دولتى المصب"مصر والسودان" فإنها سوف تواجه صعوبات بالنسبة للتمويل الدولي من الجهات المانحة للمشروعات الخاصة بها، مثل البنك الدولي،وغيره من الجهات التي سوف ترفض تمويل أي مشروعات متعلقة بالمياه في هذه الدول.
وأوضح أن هذه الصعوبات بدورها لا تمثل أي ضمانة لمصر،لأن دول المنبع قد تلجأ الي جهات اخري لتمويل مشروعاتها مثل الصين و غيرها. و اعتبرأن تنفيذ هذا البيان يمثل ضررا كبيرا لمصالح مصر المائية،منوها أن هذه الدول تعمدت تجاهل الحقوق التاريخية لمصر و الامن المائي لها . مستطردا:لذلك فعلي مصر استخدام كل الوسائل الممكنة و المتاحة لحماية امنها القومي، بما فيها الوسائل الدبلوماسية و غير الدبلوماسية .
وقال:كان يجب علي العديد من دول المنبع"عدم التكبر" علي مصر، فدولة مثل اثيوبيا لديها العديد من المشاكل الداخلية و الخارجية،ونفس الأمر ينطبق علي العديد من دول المنبع ، لافتا الي وجود قوي خارجية تحرك تلك الدول مثل اسرائيل .
من جانبه أكد الدكتور «مغاوري شحاته» رئيس الجمعية العربية للمياه، ورئيس جامعة المنوفية السابق، أن هذا البيان لا يعني نهاية المطاف بالنسبة للمفاوضات حول مياه النيل،منوها أنه ما يزال هناك حديث علي مستوي الرؤساء،وأنه ستكون هناك جولات جديدة،فضلا عن ان هذه الدول لن تستطيع منع المياه عن مصر قبل فترة من 30 الي 50 سنة .
وقال «شحاته»:هناك موقف تاريخي للعديد من هذه الدول ودول منطقة البحيرات الوسطي منذ عام 1962،الا اننا لم نهتم بهذه المواقف و اعقب ذلك دخولنا في حربي 67 و 73 و ما صاحب ذلك من وجود فراغ للتواجد المصري في دول المنبع،مما دفع العديد من الدولي الاخري الي الدخول لملء هذا الفراغ مثل امريكا و الصين و اسرائيل .
وأشار إلى أن الولايات المتحدة ساعدت اثيوبيا علي إنشاء العديد من السدود،و قيل فيما بعد ان هذه السدود تهدف الي توليد الكهرباء و لن يكون لها تأثير علي منابع النيل الا أن واقع الامر يشير الي أن هذه السدود سوف تحتاج الي تخزين المياه لتوليد الكهرباء، وأن هذا التخزين سيؤثر بالسلب علي كميات المياه التي تخرج من اثيوبيا،وبالتالي سوف تتأثر كميات المياه الوافده الي مصر.
و كشف عن أن مفاوضات شرم الشيخ نفسها التي إنتهت اليوم كان بها مراقبون من تلك الدول، موضحا أنه على الرغم من ان دول المنبع كانت فيما مضي ترفض الاتفاقيات الحالية الا أنه لاول تتخذ هذه الدول موقفا موحدا ضد مصر و يعلنون عدم اعترافهم بوجود حقوق تاريخية لمصر فيما يتعلق بمياه النيل، ويرفضون المطالب المصرية المتعلقة بالامن المائي و الإخطار المسبق لأي مشروعات يتم تنفيذها بدول المنبع .
و أكد أن هذه النوعية من المفاوضات تأخذ بطبيعتها وقتا كبيرا، مشددا على أن مصر تحتاج الي تعامل مختلف مع ملف المياه لتدخل فيه كل الجهات المعنية بهذا الموضوع مثل الجهات المسؤولة عن الأمن القومي و وزارة الخارجية، بالإضافة إلي وزارة الموارد المائية و غيرها من الجهات.
و قال:" يجب ان يكون لنا اساليب جديدة مع دول المنبع، و ان يكون هناك صبر في التعامل معها وتوجهات مدروسة و خطط مستقبلية معلومة ، فالتفاوض ليس بالمسئلة السهلة " .
و ذكر أن علينا الاستعداد لمواجهة ازمة المياه رغم انها بعيده في أسوأ الظروف، مطالبا بأن يكون لمصر تواجد قوي في تلك الدول ، وألا يكون هذا التواجد مرتبطا بمناسبة محددة.