قال عدد من القانونيين إن المستشار طلعت عبدالله، النائب العام، ليس من حقه إصدار قرار بمنح صفة الضبطية القضائية للمواطنين، وأكدوا أن قانون الإجراءات الجنائية لعام 1950 لا يُعطي صفة الضبطية القضائية للجمهور، ولكنه أعطاهم صفة «الإمساك دون ضبط».
وطالب خبراء القانون في تصريحات لـ«المصري اليوم» النائب العام بالتراجع عن القرار لمخالفته قانون الإجراءات الجنائية.
مخالف للدستور
قال الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، إن الدستور الحالي، «الذي لا نعترف به»، يؤكد «حرية المواطنين ولا يُعطي لأحد الحق في القبض على مواطن آخر».
وأضاف في تصريحات لـ«المصري اليوم»، الإثنين، أن «ما أصدره النائب العام يُثير لبسا ويُقدم غطاء قانونيا غير شرعي لأن يستخدم المواطنون العنف والتشفي والانتقام من بعضهم».
وطالب بـ«إيضاح كيف يقبض مواطن على آخر، ولازم نوضح يعني إيه يقبض ويعني إيه يُسلم المتهم لمأمور الضبط القضائي».
وأوضح شوقي السيد أن «المادة 34 من قانون الإجراءات القانونية تحدثت عن سلطة الضبط لمأموري الضبط القضائي كضباط الشرطة والنيابة العامة، ولم تتحدث عن سلطة الضبط القضائي للمواطنين»، مضيفا «أن يترك النائب العام قراره بهذا الشكل ستتحول المسألة لفوضى».
خارج سلطاته
وقال الدكتور سامي عبدالكريم، أستاذ القانون الجنائي بجامعة المنوفية، إن النائب العام ليس من سلطته قانونيا منح صفة الضبطية القضائية، وبالتالي ليس من سلطته إصدار قرار بهذا الشأن، مضيفا: «المشرع أجاز لوزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط بالنسبة للجرائم التي تتعلق بأعمال وظائفهم (المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية)، ومن ثم يستحيل منح تلك الصفة للمواطنين العاديين من غير الموظفين العموميين».
وتابع: «ما صدر عن مكتب النائب العام من تخويل المواطنين سلطة القبض على الشخص الذي ضبط متلبسا بارتكاب جريمة استنادا لنص المادة 37 من قانون الإجراءات هو أمر يجانبه الصواب، وينطوي على خلط بين القبض كإجراء من إجراءات التحقيق والتعرض المادي الذي تجيزه المادة السابق ذكرها».
وأوضح: «التعرض المادي من قبل الأشخاص العاديين هو محض إجراء مادي يستهدف الحيلولة بين شخص في حالة تلبس بجريمة والفرار، وهدفه ينحصر في تسليم هذا الشخص إلى أقرب رجل سلطة عامة أو أقرب مأمور ضبط قضائي»، مضيفا: «هذا الإجراء يجد سنده في نظرية الضرورة الإجرائية، ومن ثم فهو محدد في النطاق الذي تقتضيه حالة الضرورة، والمتمثل في عدم وجود مأمور ضبط قضائي أو رجل سلطة عامة يباشر إجراء القبض على الشخص المتلبس بارتكاب الجريمة».
وخاطب سامي عبدالكريم، النائب العام، قائلا: «هل ترون صدور تصريح في هذا التوقيت وبتلك الصيغة الملتبسة التي تنطوي على خلط واضح، ومخاطبة رجل الشارع بها من خلال المداخلات التليفونية في برامج التوك شو يمكن أن يصب في مصلحة الوطن؟».
الضبطية القضائية حق لسلطات التحقيق فقط
وأضاف الدكتور عبدالرحيم صديق، أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة، أن «حق القبض على المواطنين سلطة من سلطات التحقيق، ولا يجوز القبض على المواطنين قانونيا إلا بمعرفة الشرطة والنيابة أو مأمور الضبط القضائي».
وأكد في تصريحات لـ«المصري اليوم» أن «حق الجمهور يقتصر على الإمساك بالجناة فقط، إذا لم يكن هناك خطر، وإن كان هناك خطر على المواطن إذا قبض على الجاني فلا يُمسك بالجاني، فالقانون لا يفترض أن يكون الإنسان شجاعا».
وتابع: «لو مواطن مسك جانيا لا يُعد قبضا، فالمادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية تتكلم عن الإمساك، وهو يعني عدم التفتيش، بعكس القبض فهو يعني تفتيشا، وبعدين هل يصح أن يفتش مواطن مواطنا؟».
وأوضح أن الإمساك في القانون لا تعني أن يكون فردا واحدا، ولكن يكون مجموعة حتى لا يحدث ضرر أو خسائر.
تثقيف قانوني للشعب
من ناحية أخرى، قال ناصر الحافي، محامي الإخوان المسلمين، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، إن قرار المستشار طلعت عبدالله، النائب العام، إعطاء صفة الضبطية القضائية للمواطنين بمثابة «تذكير للمواطنين، واللي مش عنده ثقافة قانونية يعرف ويتعلم»، مضيفا: «القانون موجود منذ 1950 وتم تفعيله الآن، فلماذا كل هذه الضجة؟».
وتابع: «إنتوا عايزين تحملوا السلطة الحالية كل القرارات، ولو عايزين تعرفوا ليه قانون الإجراءات الجنائية تضمن مثل تلك المواد اسألوا الناس اللي حطوا دستور 1923».
وأشار «الحافي» إلى أن النائب العام «رأى أنه في ظل عدم تواجد حقيقي للشرطة، ناشد المواطنين التعاون معهم»، مضيفا: «هو مش تعطيل مترو الأنفاق ده جريمة ولا إيه؟ والحرق والتدمير والسرقة دي جرائم تتطلب تصدى المواطنين والشرطة لها».
دعوة لارتكاب جرائم ضد الإنسانية
وقال ناصر أمين، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، في حسابه على «تويتر»: «تصريح النائب العام وعاصم عبدالماجد، وصمت الرئيس، دعوة ﻻرتكاب النظام جرائم ضد الإنسانية عبر ميليشيات مؤيدة له، وهو ما يعد جريمة دولية تهدد مصر»، لافتًا إلى أنه سيبدأ، الإثنين، في «اتخاذ الإجراءات القانونية ضد هذا النظام أمام المحكمة الجنائية الدولية».
واختتم «أمين» بقوله: «كل النزاعات المسلحة في روندا وسيراليون والكونغو بدأت بميليشيات ادعت أنها تحفظ النظام، وعملت تحت غطاء قانوني من تصريحات القادة».
وتنص المادة (37) من قانون «الإجراءات الجنائية» على أن «لكل من شاهد الجانى متلبسا بجناية أو جنحة يجوز قانونا الحبس الاحتياطى أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج الى أمر بضبطه».
وأصدر النائب العام، مساء الأحد، قرارا «أعطى الحق للمواطنين في الإمساك بمرتكبي الجرائم، وغيرها من الجرائم الجنائية، ما دام أنهم شاهدوهم في حالة تلبس، وتسليمهم إلى أقرب رجل شرطة أو أحد مأموري الضبط القضائي».