شكلت وزارة إسماعيل صدقى انقلاباً جديداً وثالثاً على الدستور، بعد انقلاب زيور ومحمد محمود، حيث ألغت وزارة الأول الدستور، وكان صدقى رئيساً للوزراء ووزيراً للداخلية والمالية. واتضح عزم هذه الوزارة على أخذ الشعب بالشدة والبطش، بل كان من المدهش أن يكون من توابع اختيار إسماعيل صدقى لهذه الوزارة أن انضم محمد محمود للوفد لمناوأة هذه الوزارة.
ومثلما فعلت وزارة زيور ومحمود بدأت هذه الوزارة عملها بتأجيل انعقاد البرلمان شهراً بدءاً من 21 يونيو 1930 وقد أراد النواب والشيوخ أن يجتمعوا فى البرلمان فى 23 يونيو الذى كان محدداً لانعقاد الجلسة واتفق عدلى يكن باشا، رئيس مجلس الشيوخ، وويصا واصف، رئيس مجلس النواب، على أن مرسوم تأجيل الانعقاد تجب تلاوته أولاً على الشيوخ والنواب فى المجلسين وأجابا رئيسا المجلسين بأن هذا لا يمنع من تلاوة المرسوم فى المجلسين. وتقرر يوم 21 يوليو يوماً للانعقاد وطلب إسماعيل صدقى من ويصا واصف أن يعطيه عهداً بألا يتكلم أى عضو من النواب بعد تلاوة المرسوم ورأى واصف فى هذا تدخلاً سافراً من الحكومة فى شؤون المجلس وغضاً من كرامته، فرفض إعطاء هذا العهد فأرسل إليه صدقى فى 23 يونيو خطاباً يصر فيه على أن يصله هذا التعهد قبل الساعة الواحدة بعد ظهر ذلك اليوم، فلم يسع واصف إلا الرد عليه رافضاً طلبه.
فأغلقت الحكومة أبواب البرلمان ووضعت حوله قواتها المسلحة وربطت بابه الخارجى بالسلاسل الحديدية غير أن هذا لم يحل دون حضور النواب والشيوخ فى الموعد المحدد فلم يكن من ويصا واصف إلا أن أمر بوليس البرلمان بتحطيم السلاسل فحطمها اثنان من رجال المطافئ بالبلطة وسمى هذا اليوم المشهود يوم تحطيم السلاسل. ودخل النواب قاعة المجلس وتلى بها مرسوم التأجيل وسط هرج ومرج شديدين وأقسم النواب اليمين بالمحافظة على الدستور كما اجتمع أعضاء مجلس الشيوخ فى مجلسهم وتلى عليهم المرسوم واقسموا نص اليمين، وأصدر المجلس بالإجماع قراراً (فى صيغة احتجاج) وأرسله عدلى يكن إلى إسماعيل صدقى ضد إغلاق الحكومة أبواب البرلمان ثم اجتمع مؤتمر من الشيوخ والنواب وأعضاء مجالس المديريات فى النادى السعدى يوم 26 يونيو 1930 وكان الاجتماع مؤلفاً من الوفديين وبعض نواب الوطنى. وألقى النحاس خطبة مطولة هاجم فيها سياسات وزارة إسماعيل صدقى وقرر الحاضرون الدفاع عن الدستور وأقسموا على ذلك.
واعتزم صدقى قهر معارضيه بقوة الحكومة والبوليس والجيش، فتعددت الحوادث الدموية فى عهده، وأخذ الوفد وعلى رأسه النحاس يجوبون أنحاء مصر لنشر الدعوة لمقاومة الاعتداء على الدستور ووقعت مصادمات فى بلبيس والمنصورة وبورسعيد والإسماعيلية وطنطا والإسكندرية، وقامت مظاهرات فى القاهرة.
وأبدى الإنجليز انزعاجهم وأصدروا تعليمات لصدقى لحماية رعاياهم وممتلكاتهم. وحتى لا تواجه الوزارة البرلمان استصدرت فى 12 يوليو 1930 مرسوماً بفض الدورة البرلمانية واحتج الأعضاء على الفض لمخالفته الدستور وكان فى نيتهم عقد البرلمان فى نهاية الشهر ولكن الحكومة احتلت البرلمان بقواتها فى 21 يوليو 1931.
واحتج عدلى يكن مجدداً مع الأعضاء فى النادى السعدى فى 26 يوليو 1930 على سياسات الوزارة. وفى 22 أكتوبر 1930 ألغى الدستور وحل مجلسا النواب والشورى وأعلن دستور جديد وصدر قانون للانتخاب على درجتين منسجماً مع الدستور الذى ابتدعته الوزارة. وواصل الوفد احتجاجه مع الحزب الوطنى على إلغاء الدستور، كما عارض الأحرار الدستوريون الوزارة واستقال عدلى يكن احتجاجاً على إلغاء دستور 1923 وقاطع الوفد والأحرار الدستوريون الانتخابات التى اعتزم صدقى باشا إجراؤها.