x

وزير الري الأسبق: السعودية فضحت عجزنا تجاه «سد النهضة» وسكوتنا على بنائه «خطيئة» (حوار)

السبت 09-03-2013 21:24 | كتب: مصطفى عاشور |

قال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق، إن تصريحات الأمير خالد بن سلطان آل سعود، فضحت فشل الحكومة المصرية فى إدارة ملف السدود الإثيوبية، خاصةً سد النهضة، وحذر من مؤامرة إثيوبية لبناء 4 سدود على النيل الأزرق، مما سيؤدى للإضرار بمصر وسط ضعف الموقف الرسمى الحكومى.

وأشار «علام» إلى أن مشاركة مصر والسودان فى استثمارات السدود الإثيوبية أمر لابد منه وإلا فشلت أديس أبابا فى توزيع كميات الكهرباء الضخمة التى ستنتجها السدود.

■ هل فشلت مصر فى احتواء أزمة سد النهضة الإثيوبى؟

- الحكومة، للأسف الشديد، كان موقفها ضعيفًا، وهناك مسؤولون رسميون تحدثوا عن التشغيل ودراسة سياسة تشغيل السد وخفض سنوات الملء، وكأننا سلمنا بأن بناء هذا السد حق للإثيوبيين، وأن الضرر المتوقع إثر ذلك على مصر أصبح أمراً واقعاً، وباختصار: الموقف المصرى ضعيف وهزيل فى هذا الملف، وملف السد الإثيوبى لا تقدر على إدارته وزارتان فقط، وإنما يحتاج إلى إرادة سياسية، واكتمال السد بمواصفاته الحالية يعتبر فشلاً للحكومة الحالية.

■ هل سيكون سد النهضة آخر السدود على النيل الأزرق؟

- بالطبع لا، فإثيوبيا لديها خطة لبناء أربعة سدود إثيوبية على النيل الأزرق هى «كرادوبى، وديكوابا، ومندايا، بالإضافة للنهضة»، وبلغت قدرتها التخزينية 200 مليار متر مكعب من المياه- أى 4 أضعاف تصرف النيل الأزرق السنوى، وأنا أحذر من بناء السدود، وأقولها لكل المسؤولين والقادة السياسيين والشعبيين، إن الأجيال القادمة لن ترحمنا إذا فشلنا فى الحفاظ على حقوقنا التاريخية فى مياه النيل بتمرير خطط إثيوبيا المائية.

■ إثيوبيا تحدثت عن نيتها توليد كهرباء فقط، وبالتالى فلا مشاكل فى حصص مصر من المياه.

- إثيوبيا لديها خطة معلنة لاستخدام السد فى الزراعات المروية، تقدر ب5 مليارات متر مكعب من المياه، وإنشاء السد سيقلل من أهمية السد العالى، ويجعل مفتاح التصرف فى يد إثيوبيا، والآثار البيئية للسد كارثية على البحيرات الشمالية، حيث ستقل المياه المصرفة فيها، وستزيد نسبة الملوحة، ويرتفع التلوث، والثروة السمكية معرضة للانقراض، ومنسوب المياه الجوفية سيقل فى الوادى والدلتا وسنخسر ما لا يقل عن 2 مليون فدان من الأراضى الزراعية.

وأحب أن أذكر الجميع بأنه لن تكتمل الجدوى الاقتصادية لهذه السدود، دون مشاركة مصر والسودان فى هذا المخطط وشرائهما جزءاً كبيراً من كهرباء هذه السدود، خاصة أنه لا يتوفر لإثيوبيا حالياً، حسب البيانات المنشورة فى هذا الصدد، البنية الأساسية والشبكات اللازمة لاستيعاب ونقل واستخدام معظم الكهرباء الناتجة عن هذه السدود.

وبدون مشاركة مصر والسودان لن تكون الاستثمارات فى هذه السدود مجدية للجهات المانحة أو حتى للاستثمار الشعبى، بل سيكون من الصعب تمويلها إلا من خلال الميزانية الإثيوبية، التى تعجز عن تمويل مثل هذه الاستثمارات الضخمة، ولا يوجد مستخدم آخر لهذه الكميات الضخمة من الكهرباء إلا من خلال نقلها عبر أراضى السودان أو مصر.

وعدم مشاركة مصر والسودان سيؤدى حتماً لتعطيل مخطط إنشاء السدود الإثيوبية على الأقل حتى يتم استكمال البنية التحتية الإثيوبية الكافية لاستيعاب كميات الكهرباء الضخمة التى ستولدها هذه السدود، ولكن تعطيل مخطط السدود لا يعنى الوقف التام لها.

■ ما رأيكم فى تصريحات الأمير خالد بن سلطان حول وجود أصابع تعبث بمقدرات العرب من المياه؟

- الأمير خالد بن سلطان، نائب وزير الدفاع السعودى ،الرئيس الشرفى لمجلس المياه العربى- كان واضحاً فى تصريحه حول سد النهضة الإثيوبى، وأعتقد أنها أثارت لدى المصريين الشعور بالإعجاب والدهشة والصدمة فى آن واحد، وأنا كمصرى أشكر الأمير لدرايته بالقضايا المهمة للأمة العربية ولحبه وخوفه على مصر وشعوره القومى المسؤول نحو مصر والسودان.

■ كيف كانت تصريحات رئيس مجلس المياه العربى مثيرة للدهشة وللصدمة؟

- مثيرة للدهشة والإعجاب لصراحة الأمير خالد فى قضية مصيرية صمت فيها مسؤولون رسميون، وصادمة بعد مواقف الحكومة المصرية السلبية والضعيفة نحو قضية أمن قومى، وكان عليهم مصارحة الشعب بالآثار التدميرية لهذا السد، فى حين أنهم اكتفوا بتصريحات غريبة تقول إننا مازلنا ندرس السد مع الأشقاء، وأننا نتجه إلى سياسات تشغيلية للسد تقلل من آثاره السلبية، بل إن هناك من يدافع عن السد أكثر من الإثيوبيين أنفسهم، ويصرح بأن السد ليست له آثار سلبية على مصر، لأنه لتوليد الكهرباء فقط.

■ ما الجديد فيما قاله رئيس مجلس المياه العربى؟

- الجديد أن الأمير خالد بن سلطان قال ما أحجم المسؤولون المصريون عن قوله منذ وضع حجر أساس هذا السد فى 2 إبريل عام 2011، حيث أوضح أن السد سوف يتسبب فى الإضرار العمدى بحقوق مصر بمياه النيل، ويعبث بالمقدرات المائية لمصر والسودان، وأن مصر هى المتضرر الرئيسى من إقامة سد النهضة الإثيوبى، لأنه لا يوجد لها مصدر مائى بديل مقارنة بباقى دول حوض النيل، مشيراً إلى أن إقامة هذا السد تعد كيداً سياسياً أكثر منها مكسباً اقتصادياً.

كما أنه أكد أن إقامة السد ستؤدى إلى نقل المخزون المائى من أمام بحيرة ناصر إلى الهضبة الإثيوبية، وهو ما يعنى التحكم الإثيوبى الكامل فى كل قطرة ماء، فضلاً عن حدوث خلل بيئى يسبب تحريك النشاط الزلزالى فى المنطقة نتيجة الوزن الهائل للمياه المثقلة بالطمى المحتجز أمام السد، كما كشف أن سد النهضة إذا تعرض للانهيار فإن مصير الخرطوم هو الغرق تماماً، بل سيمتد الأثر حتى السد العالى.

■ هل أنت حزين لغياب رد الحكومة على تلك التحذيرات؟

- أنا لا يهمنى رد الحكومة، إنما يهمنى القيام بواجبى كمصرى بأن أحذر من أضرار السد، وكنت سعيداً جداً بتصريحات الأمير، لأننى كنت قد كتبتها فى عشرات من المقالات والحوارات الصحفية وفى العديد من البرامج التليفزيونية وفى كتابى الذى نشره مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام العام الماضى، والذى يحمل عنوان:«اتفاقية عنتيبى والسدود الإثيوبية» بينما كانت الحكومة تصرح بأننا مازلنا نتدارس آثار السد من خلال اللجنة الثلاثية مع خبراء مصر والسودان، بينما البناء مستمر فى السد، ويعلو البنيان يوماً بعد يوم، ونحن مازلنا ندرس حتى يصبح السد حقيقة واقعة.

■ ما الآثار التى ستخلفها السدود الإثيوبية على مصر؟

- السدود الإثيوبية، حسب نتائج الدراسات المصرية، سوف تتسبب فى حدوث عجز مائى فى إيراد النهر بمتوسط سنوى مقداره 9 مليارات متر مكعب سنوياً، وسوف تقل الكهرباء المولدة من السد العالى وخزان أسوان بحوالى 25%، ونتائج الدراسات المصرية متقاربة مع نتائج دراسة الدكتور مارك جيولاند من جامعة ديوك الأمريكية، والتى تم نشرها فى شهر نوفمبر 2010 فى إحدى أشهر الدوريات العالمية، حيث درست أثر إنشاء سداً إثيوبياً واحداً، وهو سد مندايا الذى تبلغ سعته 50 مليار متر مكعب، وانتهت الدراسة إلى أن تأثير السد يتمثل فى انخفاض إنتاج الكهرباء من السد العالى وخزان أسوان بمقدار 20%، تزداد إلى الضعف مع التغيرات المناخية، فيما سيتسبب فى عجز مائى فى إيراد النهر بمتوسط سنوى مقداره 9 مليارات متر مكعب فى المتوسط، ويزداد هذا العجز المائى إلى 16 مليار متر مكعب سنوياً مع التغيرات المناخية. وهناك العديد من الدراسات الأوروبية والأمريكية العام الماضى أكدت الآثار التدميرية نفسها للسد، خاصة على مصر.

■ ما تقييمك لأداء اللجنة الثلاثية؟

- اللجنة الثلاثية المكونة من مصر والسودان وإثيوبيا وُضعت للتباحث حول سد النهضة الإثيوبى، وتجتمع دورياً منذ سنة تقريباً، بينما يتم الاستمرار فى إقامة سد النهضة منذ شهر إبريل 2011، وسمعنا من الإعلام أن اللجنة الثلاثية المكونة من خبراء محليين ودوليين سيكون رأيها استشارياً فقط وليس ملزماً لأطراف المفاوضات، ونسمع كل يوم من المسؤولين الإثيوبيين أن السد مشروع قومى سيتم بناؤه تحت أى ظرف من الظروف، فلماذا المفاوضات إذاً، وهل هى فقط لإضفاء الشرعية الدولية على بناء السد؟!

وأنا أقولها صريحةً: ليس هناك ما يدل على أن اللجنة الثلاثية ستكون لها الصلاحية للتوصية بوقف إقامة السد بعد البدء فى تنفيذه، وقد يكون أقصى صلاحياتها هو إصدار توصيات بسياسة تشغيلية للسد وعدد سنوات تخزين المياه.

■ وزارة الرى تقول أنه لاتوجد معلومات مؤكدة عن السد. فما رأيكم فى هذه التصريحات؟

- للأسف، بعد عام من اجتماعات اللجنة الثلاثية لا نسمع من المسؤولين فى مصر إلا أنه مازال هناك نقص فى المعلومات والدراسات، ولا بد من الانتظار حتى تتمكن اللجنة من تقييم السد، وأنا بدورى أسألهم: إلى متى تستمر مثل هذه الاجتماعات؟ وهل مصر أعدت نفسها لكيفية التعامل مع هذا السد الذى يعلو بنيانه يوماً بعد آخر؟!

واذا كان الهدف من تشكيل اللجنة الثلاثية هو الوصول إلى توافق فى الرأى بين الدول الثلاث حول إنشاء سد النهضة، فكان يجب أولاً إيقاف عمليات التشييد حتى يتم التوصل للتوافق فى الرأى على جدوى وإيجابيات المشروع أو العكس، لذلك يجب وقف إنشاء السد حتى الانتهاء من اجتماعات اللجنة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية