بارتباك وخجل من يشعر أنه يتكلم للمرة الأولى، وبأداء غير المقتنع أن لديه ما يقوله فعلا، بدأ إسلام أحمد عطية، 17 عاماً، أحد الأطفال الذين يعملون، ويعيشون في الشارع - حديثه المضطرب حيناً الغاضب أحياناً: «أنا مشاركتش في الثورة اللى حصلت أيام مبارك، لكن شاركت في النزول للتحرير ضد الإخوان، من كتر المصائب اللى بقينا بنسمعها، ونشوفها مابقيتش عاوز الإخوان يكملوا فى الحكم، لما مبارك مشى كان عندي أمل كبير إن ييجى رئيس يحس بكل الناس، ويعرف إني موجود، ويحاول يحس بي، ويحسن حياتى، ماكنتش أعرف حاجة عن الإخوان، ولا أعرف إذا كانوا كويسين ولا وحشين».
يضيف إسلام: «أنا نزلت التحرير ضد الإخوان لما لاقيت الناس بتضرب في بعض.. الأول كانت الحكومة - يقصد الشرطة - بتضرب الناس.. دلوقتي الناس بيتخانقوا مع بعض وبيموّتوا بعض والحكومة واقفة تتفرج، وكل ده بسبب الإخوان وآخر حاجة اللى حصل لعمر - يقصد الطفل الشهيد عمر صلاح بائع البطاطا - عمر اتظلم أوى فى حياته وفى موته، أنا ماعرفهوش بس أعرف إنه كان شبهنا، وأعرف كمان إن أى حد من أصحابى في الشارع ممكن يحصل له زيّه في أى وقت». ترك إسلام بيته هرباً من قسوة والده الذى أخرجه من التعليم من الصف السادس الابتدائي، قبل أن يحصل على الشهادة، ودفعه للعمل.
يقول: «أنا اشتغلت في كل حاجة، اشتغلت محار وميكانيكى ونجار وسواق على توك توك، ومفيش ولا شغلانة عرفت أكمل فيها، وأبويا أهم حاجة عنده إني أرجع له البيت كل يوم وأنا معايا فلوس، فضل يجبرني على الشغل لغاية ما زهقت وسبت له البيت، دلوقتى عرفت إنه معذور، هو بياع في سوق العبور على باب الله، بيجيب كارتونتين فاكهة بيتاجر فيهم والفلوس اللى كان بيكسبها صعب تكفي مصاريف إخواتى والبيت».
أما عن أكثر ما يؤرق إسلام في الشارع كباقى أقرانه، فهو أنه في الشارع ليس آمناً ولا بمؤتمن، يشعر كل لحظة أن الناس تتوجس خيفة منه حينما يرونه، وهو كذلك ليس آمنا، لأن الشرطة بمجرد رؤيته تقبض عليه من باب الاشتباه فقط، يقول: «حالنا ده لم يتغير لا قبل الثورة ولا بعدها، الشهور اللى في الأول بعد الثورة كانت الحكومة - يقصد الشرطة - هادية علينا، لكن دلوقتى رجعوا تاني خلاص، أنا من 4 شهور أخذوني في قسم العجوزة بتهمة التسول، مع إني كنت قاعد في المهندسين بس، وماكنتش باعمل حاجة، أنا نفسي أشتغل أوي، عشان أبقى حد بيعمل حاجة للناس، ومايبقوش قلقانين مني».