بعد تراجع وزارة الثقافة عن اختيار قصر عمر طوسون كمقر للأرشيف القومي للسينما، أعلن فاروق حسني، وزير الثقافة، أن هناك «توافقا تاما بين الجانبين بشأن اختيار قصر الأمير عمر طوسون ليكون مقرا للسينماتيك ومتحفا للسينما، لما يتميز به القصر من طراز معماري فريد وعراقة متميزة، تليق بصناعة السينما المصرية التي يتجاوز عمرها المائة عام»، مشيرا إلى أن مصر تتعاون مع فرنسا لتنفيذ مشروع إنشاء الأرشيف القومي للسينما المصرية.
وكانت وزارة الثقافة أعلنت في يوليو الماضي اختيار القصر كمقر للأرشيف القومي للسينما وفي اليوم التالي تراجعت عن القرار وقال حسني أن المكان «لا يصلح كمقر للأرشيف، ومن الممكن استغلاله كمتحف".
وقال وزير الثقافة، في تصريحات صحفية الجمعة، إن «التعاون المصري الفرنسي سيتضمن بحث أوجه التنسيق المشترك بشأن التراث السينمائي النادر والمقتنيات السينمائية الموجودة في كلا البلدين، وكيفية الاستفاده منه في المشروع، الذي يتم تنفيذه في إطار اتفاقية التعاون السينمائي بين الجانبين المصري ممثلا فى المركز القومي للسينما، والفرنسي ممثلا في المركز الوطني للسينما الفرنسي، وهي الاتفاقية التي تم توقيعها على هامش فعاليات مهرجان كان السينمائي خلال دورته الماضية بفرنسا، وبالتعاون مع السفارة الفرنسية والمركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة» .
من جانبه قال فاروق عبد السلام، المشرف على المشروع، إن وزارة الثقافة استضافت مؤخرا وفدا فرنسيا برئاسة بياتريس دى باستر، مديرة الأرشيف والمقتنيات، وحفظ التراث السينمائي بالمركز الوطني للسينما الفرنسي، في زيارة لمدة ثلاثة أيام، قام خلالها بتفقد العديد من المواقع التي اقترحها فاروق حسني لتكون مقرا للسينماتيك ومتحف السينما .
وأوضح عبد السلام أن «بياتريس اختارت أحد المخازن المجهزة تجهيزا عالميا بأحدث التقنيات التكنولوجية، ليكون مخزنا لنيجاتيف الأفلام»، مشيرا إلى أن هذا المخزن يتميز بالاتساع وحداثة التجهيزات «حيث يمكن استخدامه لعشرات السنوات المقبلة».
وأشار عبد السلام إلى أن وزارة الثقافة ستقوم بتكليف أحد المكاتب الاستشارية المتخصصة لإعداد مشروع متكامل للأرشيف السينمائي، ومتحف السينما والسينماتيك، ليكون من «أهم المشروعات القومية».
وقال الدكتور خالد عبد الجليل، رئيس المركز القومي للسينما، إن وزير الثقافة أصدر قرارا بتشكيل لجنة فنية برئاسة المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الإدارة المركزية لصندوق التنمية الثقافية، تضم العديد من الخبراء الهندسيين والاستشاريين المعماريين، من بينهم الخبير الفرنسي الآن بيس، عضو اللجنة العليا للصوت والصورة للسينماتيك الفرنسي، وأحد أهم الخبراء الفرنسيين المتخصصين فى التجهيزات والتقنيات الحديثة الخاصة بالسينماتيك والمتاحف، ليقوم بدراسة استطلاعية لقصر الأمير عمر طوسون، ليضع مع الخبراء الفنيين بوزارة الثقافة كافة التصورات عن التجهيزات والتقنيات المطلوبة أثناء تنفيذ هذا المشروع.
وأضاف عبد الجليل أنه «تم الاتفاق مع الجانب الفرنسي على تدريب الكوادر الفنية التي سيتم الاستعانة بها في هذا المشروع على يد خبراء فرنسيين من خلال زيارات عمل مشتركة بين القاهرة وباريس» .
ومن المقرر أن تقام ندوة في إطار مهرجان القاهرة السينمائي بعنوان «الحفاظ على التراث السينمائي المصري» تشارك فيها باتريس دو باستر، وتتحدث عن التعاون المصري الفرنسي بشأن السينماتيك والارشيف السينمائى والمشروع الذى تقدمت به للمركز القومي للسينما المصري في هذا الشأن، وريجى روبير، المدير بالسينماتيك الفرنسي، وسيقوم الاثنان بزيارة قصر "عمر طوسون" للاطلاع على عمل اللجنة التي شكلها وزير الثقافة في هذا الشأن، كما يشارك بالندوة جان لوكا فارنيلى، مدير أرشيف بولونيا، والذي تعاون في ترميم فيلمي المومياء والفلاح الفصيح، اللذين تم عرضهما ضمن البرنامج الرسمي لفعاليات مهرجان كان السينمائي خلال دورتيه السابقتين، ليتحدث بشأن التعاون في مجال ترميم تراث السينما المصرية، فيما يشارك أيضا بالندوة الباحث السينمائي الدكتور محمد كامل القليوبي الذي يتحدث عن تاريخ الأرشيف السينمائي المصري.
وكانت الدورة الماضية لمهرجان كان السينمائي الفرنسي قد احتفلت بتوقيع أكبر اتفاقية للتعاون السينمائي المشترك بين المركز القومي للسينما بمصر ونظيره الفرنسي تتضمن كافة أوجه الإنتاج المشترك والتمويل وتسهيلات التصوير في كلا البلدين، وتبادل الخبرات المهنية والأكاديمية، وعقد لقاءات دورية مشتركة لصناع السينما وإمداد الأرشيف القومي للسينما المصرية بالخبراء الفرنسيين لبدء الخطوات العلمية والعملية للحفاظ علي تاريخ وتراث السينما المصرية.
وتأتي هذه الاتفاقية بين البلدين، استكمالا لبروتوكول التعاون السينمائي المشترك بين مصر وفرنسا الذي تم توقيعه بين الجانبين عام 1998، حيث تم إضافة العديد من البنود الجديدة للتعاون المشترك الخاصة بإنشاء السينماتيك والأرشيف القومي للسينما المصرية، وتحديد مواعيد دورية للقاءات المهنية بين كبار الشركات المنتجة في مصر وفرنسا التي تعمل بمجال التوزيع وأعضاء غرفة صناعة السينما، وتفعيل ما تم التوقيع عليه من لقاءات وأفكار، وبحث كافة الاقتراحات الخاصة بتصوير الأفلام المصرية أو الفرنسية أو ذات الإنتاج المشترك في كل من البلدين، علما بأن الجانب الفرنسي سيكون شريكا رئيسيا حتى الانتهاء من المشروع القومي للسينماتيك والارشيف القومي ومتحف السينما.
يذكر أن المجلس الاعلى للآثار كان قد وافق على تخصيص قصر "عمر طوسون" ليكون مقرا للسينماتيك ومتحف السينما، والمشاركة فى الاشراف على عمليات الترميم اللازمة التى ستتم بالقصر، مع الأخذ فى الاعتبار الملاحظات الفنية للجانب الفرنسي بحيث يتم الحفاظ على الطابع الأثري والمعماري التاريخي للقصر الذى يعتبر تحفة معمارية فريدة من نوعها.