x

فى أفغانستان «4-4»: أمريكا تحتل الأرض وإيران تحتل العقول

الجمعة 26-11-2010 07:20 | كتب: محمد السيد صالح |
تصوير : أ.ف.ب


نشر موقع «ويكيليكس» قبل فترة وثائق أمريكية سرية أفادت بأن إيران تشارك فى الحملة ضد القوات الأجنبية الرابضة فى أفغانستان عبر تزويد حركة طالبان بالمال والسلاح والتدريب. واحتوت هذه الوثائق على ملاحظات دبلوماسية سرية صادرة عن سفارة الولايات المتحدة فى كابول، حول النفوذ الإيرانى المتزايد فى أفغانستان، وعلى أرض الواقع فإن التواجد الإيرانى أو المد الشيعى هو المعلم الرئيسى حالياً على الساحة الأفغانية، فالإيرانيون اعتمدوا سياسة التقارب مع الجميع، ولم نسمع تصريحاً سلبياً واحداً عن دورهم، سواءً من المعارضة أو الحكومة أو رموز المجتمع المدنى الذين التقيناهم.


وبعيداً عن المؤتمرات والمنتديات الرسمية، وفى هذا السياق، أكد لنا عدد من الإعلاميين الأفغان أن الحكومة المحلية تغض الطرف عن الدور الإيرانى لأسباب أرجعوها إلى حصول الرئيس الأفغانى حامد كرزاى على دعم مادى متواصل من طهران للإنفاق منه على موظفى الرئاسة، وكذلك وجود بعض السياسيين فى السلطة يريدون أن يلعبوا مع الولايات المتحدة لعبة توازنات القوى، اقتداءً بالطريقة التى نجحت فيها بعض القوى العراقية، والتى صنعت توازناً بين الاحتلال الأمريكى وتزايد النفوذ الإيرانى على أراضيها.


الإعلاميون قالوا أيضاً: «إن إيران تموّل الصحف وتدفع للصحفيين وتبعث برسائل تهديد لمعارضيها من الإعلاميين، كما أنها تدعم 17 قناة فضائية مستقلة».


و«الشيعة الهزارة» لهم نفوذ قوى على الساحة حالياً. وبالرغم من أنهم لا يمثلون سوى 9٪ من الشعب الأفغانى وكانت طوائف البشتون والطاجيك (الأغلبية) تعاملهم باستعلاء وكانوا لا يشتغلون إلا فى الأعمال البسيطة والمتدنية، فإن نفوذهم زاد خلال السنوات التسع الماضية التى أعقبت سقوط طالبان، لدرجة أن أحدهم وصل إلى منصب نائب الرئيس الأفغانى، وهو محمد كريم خليلى.


والحكومة الأفغانية لديها عدد محدود من الجامعات أشهرها «كابول وجلال آباد وقندهار ومزار شريف وخوست»، لكن ابتداءً من عام 2002 ظهر التعليم الجامعى الخاص، الذى يستقطب أبناء الأغنياء ويركز فى الجزء الأكبر منه على العلوم العصرية ويتم استقدام أساتذة من أوروبا والهند والصين.. لكن مشكلة هذه الجامعات الخاصة- وفقاً لعدد من السياسيين البشتون الذين التقيناهم- أن معظمها تموله إيران وتتعمد- من خلاله- تخصيص منهج بعينه داخل التخصصات لنشر الثقافة الإيرانية والفكر الشيعى.


لكن أهم مظهر شيعى على الإطلاق فى كابول هو حوزة «خاتم النبيين»، التى أكد لنا عدد من الرموز السياسية الشيعية أنها ستكون أهم جامعة دينية شيعية فى العالم بعد حوزة «قم» فى إيران.


و«الحوزة» أقامها آية الله محسنى، وهو الرمز الشيعى الأبرز فى أفغانستان، وتكلفت 17 مليون دولار.


زرنا «خاتم النبيين» مرتين خلال الأسبوع الذى قضيناه فى كابول بتنظيم مشترك بين المركز الدولى للدراسات المستقبلية ومركز كابول للدراسات الاستراتيجية. فى المرة الأولى تفقدنا منشآت الجامعة المختلفة، واستمعنا لشرح عن أهدافها وطبيعة الدراسة والإقامة فيها، أما الزيارة الثانية فكانت للقاء آية الله محسنى، حيث إنه كان على موعد مع الرئيس كرزاى حين زرنا حوزته فى المرة الأولى.


أما عن نشر مبادئ الحوزة وعلومها فإنها أنشأت قناة فضائية خاصة باسم «تمدن» بدأت إرسالها فعلياً، كما أنها تقوم بتنظيم دورات دينية وشرعية، لسيدات المنازل والفتيات.


وعن مصادر تمويلها قال المشرفون على «الحوزة» إن «آية الله» كان ضمن المجاهدين الذين شاركوا فى «الجهاد» ضد الاتحاد السوفيتى لإخراجه من أفغانستان، وأنه ادخر جزءًا من الأموال التى كان يحصل عليها من بعض الدول والجهات ووجهها لإنشاء هذه الحوزة التى تخرّج الآلاف سنوياً.. كما أن جزءًا من هذا التمويل يأتى من «الخمس» الذى يخرجه الشيعة من أموالهم للملالى وآل البيت.. ولديهم بالفعل حالياً طلاب وطالبات من السنة يدرسون علوماً مشتركة مع الشيعة، لكن لهم مناهج «سنية» خاصة يقوم مدرسون سنة بشرحها لهم.


التفاصيل التى حصلنا عليها حول الحوزة من آية الله محسنى بنفسه كانت أكثر أهمية، فحينما التقيناه وجدناه رجل دين متفتحاً تجاوز السبعين من عمره وحاصلاً على إجازته العلمية من النجف بالعراق ولغته العربية فصيحة جداً، وقال لنا إنه عضو فى «مجلس السلام» الذى تأسس للمصالحة الداخلية فى أفغانستان.


وعن «الحوزة» قال: «كنت فى باكستان وقت (الجهاد) ضد الاتحاد السوفيتى، وحصلت كغيرى من المجاهدين على أموال بعض الدول العربية التى كانت ترسلها لنا عبر باكستان.. وأنا ادخرت جزءاً من هذه الأموال.. لأننا علمنا فى حينها أن الشعب الأفغانى فى حاجة للعلم».


وأضاف: «الدولة قدمت لى الأرض بالمجان، إضافة إلى أننى قبلت الخمس الذى يتبرع به الشيعة، وفقاً لتعاليم مذهبنا، والذى يدفع من تجارة الحبوب والماشية والزراعة وغيرها من جميع أرباح المقاصد، إضافة إلى أن كل شىء مر عليه عام يدفع عنه الخمس».


وقال: «هذا النظام موجود هنا فى أفغانستان حتى إن أتباع المذهب الحنفى يقرونه»، وحول الخلافات بين السنة والشيعة، قال «آية الله» إنها ليست أكثر بكثير من الخلافات بين مذاهب السنة الأربعة، وليست أكثر من الخلافات الموجودة داخل المذهب الشيعى نفسه.. نحن نرى أن جميع أهل السنة مسلمون.. ولماّ تجاوز الروس علينا لم يحددوا بقنابلهم من السنى ومن الشيعى.. ونحن مشتركاتنا أكثر.. والقائل بالفروق بيننا إما أحمق، وإما يعمل لصالح الكفار.. وأنا أفسر القرآن وأشرحه وفقاً لجميع الفقهاء.. وأؤكد أن لدى فقهاء المسلمين 90٪ من الأمور الفقهية المشتركة وتبقى الخلافات حول 10٪ فقط.


واشتكى الرجل مما وصفه بـ«تجاهل» الأزهر له رغم أنه كان حريصاً على التواصل مع علمائه - على حد قوله- مواصلاً: أرسلت بعضا من مؤلفاتى لشيخ الأزهر الراحل الدكتور سيد طنطاوى، وأنا أطلب زيارة الأزهر، ولم أتلق أى رد.


وأضاف: أنا حريص على وجود مندوب من «قم» ومندوب من النجف وثالث من الأزهر الشريف فى هذه «الحوزة»، بحيث يأتى الواحد منهم كل 6 أشهر للحديث والمناقشة مع مسؤولى الحوزة فى أفكارهم وأساليب التدريس لديهم وكذلك بحث الموضوعات الشرعية المختلفة.


وقال: جاء السفير المصرى إلى هنا وقدمت إليه هذا الطلب، الذى وجهته إلى الخارجية المصرية التى كانت بدورها سترفعه إلى الأزهر، ولكن لم يأتنى أى رد بالرغم من أن هذا الموقف حدث قبل ما يزيد على العامين.


فى المقابل فإن مسؤولاً مصرياً قال لنا إنهم يريدون الأزهر كواجهة لتقريب فكرهم الشيعى إلى الشعب الأفغانى اعتماداً على مصداقية الأزهر هنا على كل المستويات.


وخلال الجلسة التى تمت فى مكتب «آية الله» فى الحوزة قال الدكتور إسماعيل الدفتار، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، إنه لو كانت هناك رسالة بهذا الخصوص فإنه مستعد لتسلمها وعرضها على شيخ الأزهر، ورد آية الله محسنى بأن مصر لديها مشكلة مع الأزهر ومع الإخوان المسلمين، وحين قدم له عدد من أعضاء الوفد المصرى، خاصة مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين، واللواء عادل سليمان، المدير التنفيذى للمركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، رؤية مخالفة لما يقوله عن علاقة الحكومة بالإخوان المسلمين، وكيف أن هذه «الجماعة» هى التى بدأت العنف السياسى فى مصر - على حد قولهما - قال: «أنتم تتحدثون عن العنف لدى الإخوان وتنسون الذى مارسه القوميون والبعثيون العرب فى جميع المجالات، أنتم لديكم نظام شبه ملكى. رؤساؤكم مثل الملوك، والولايات المتحدة لا تريد نظماً شعبية إسلامية لأنها تمثل خطراً على إسرائيل، وعلى الولايات المتحدة نفسها.. وتخيلوا معى نظماً إسلامية فى مصر والأردن والعراق.. وغيرها من الدول الإسلامية».


وتجاوزنا فى حوارنا مع آية الله محسنى قصة الشيعة والأزهر إلى الوضع السياسى الحالى، فقال: «إن 83٪ من الشعب الأفغانى مع المصالحة، لكن هذه المسألة صعب تحقيقها الآن فى غياب الوفاق الوطنى.. فالرئيس مغلوب على أمره مع القوات الدولية ومع قوى الجذب الداخلية، أما طالبان فإن باكستان مازالت هى المحرك الأساسى لها رغم ما يبدو على السطح الآن من خلافات، وباكستان تحتاج إلينا لأنها فى خطر داهم، فهم يريدون دولتنا كساحة خلفية أو عمق استراتيجى فى أى مواجهة لهم مع الهند.. وهناك دول أخرى لا تريد بقاء الغرب هنا».. (وعندما سألته: هل تقصد بذلك إيران؟ ابتسم وقال: اكتب ما تريد!).


وأضاف آية الله: كنت مع الرئيس كرزاى قبل فترة بسيطة ورأيته يشتكى من «الضيوف الثقال» فى إشارة إلى القوات الدولية.. وعموماً الدول الغربية تعلم جيداً أنها لن تستطيع الانتصار على طالبان عسكرياً.. ومعلوماتى أن العمليات العسكرية لا تحقق أى مكاسب، وبالتالى فإن خططهم الاستراتيجية هى البقاء هنا لعشرات السنين بشكل أو بآخر.. أى أنهم يريدون إنهاء الحرب ولكنهم لن يخرجوا من بلدنا.


وحول طالبان وجهود الصلح قال: سألت كرزاى فى مقر الرئاسة: هل تحدثت مع أفراد نافذين من «طالبان»؟ فقال: لا.. وكان ذلك فى وجود برهانى ومجددى و20 من القيادات السياسية.


وعن رأيه الفقهى فى طالبان قال: قتلاهم فى الغالب مسلمون وليسوا من القوات الأجنبية، وبالتالى ما يفعلونه ليس جهاداً.. ولقد وقع بعض «المجاهدين» أيام الاقتتال الداخلى فى نفس الأخطاء.


لكن رؤية آية الله محسنى حول صعوبة حسم الأزمة مع طالبان عسكرياً ليست نفسها التى يؤمن بها قيادات بارزة تشغل مناصب رسمية، كنائب الرئيس محمد كريم خليلى، وهو شيعى أيضاً، الذى قال لنا: نحن لا نقبل من طالبان إلا حلاً واحداً هو إلقاء السلاح والعودة للمجتمع كأفراد عاديين والانخراط فى العملية السياسية.


وأضاف: لو أعطينا امتيازات لطالبان فى الوقت الحالى لتشجيعها على المصالحة، فإن قوى أخرى ستحمل السلاح وستطلب نفس الامتيازات. وعن المشاكل مع باكستان، قال نائب الرئيس الأفغانى: كابول لا تسعى إلى خلق المشاكل مع جيرانها، ولكن بعض هذه الدول هى التى تسعى إلى التدخل فى شؤوننا.


مقابلتنا للرجل تمت فى القصر الرئاسى.. وهو مبنى عريق لكنه على ما يبدو لم يشهد أى عمليات تطوير أو ترميم منذ فترة طويلة.


أما مبنى البرلمان، الذى زرناه لمقابلة رئيسه محمد يونس قانونى، فكان عبارة عن مبنى بسيط يبعد عن قلب العاصمة بنحو 10 كيلومترات، والمثير أن الطريق المؤدى إليه شهد انفجاراً مروعاً استهدف عدداً من مركبات القوات الدولية وذلك فى اليوم التالى لزيارتنا له.


خلال الزيارة تحدث «قانونى» بلغة عربية صحيحة، رغم أنه لم يدرس فى مصر أو فى أى بلد عربى، لكنه درس الشريعة فى مدرسة أبوحنيفة، ولايزال يتذكر عدداً من أساتذته المصريين مثل عبدالحميد النجار وخليل أحمد وغيرهما، من الذين تعلم منهم مبادئ الإسلام الوسطى الحنيف.. واللغة العربية الفصحى.


وعن القضية نفسها قال: «هناك دول تبحث عن مصالحها واستقرارها من خلال نشر الفوضى والإرهاب فى بلدنا».


وأضاف: طالبان هى صنيعة باكستان وأعضاؤها يفرضون علينا القتال، ورغم أن هذه «الحركة» جزء من واقعنا ولا يمكن إنكار أنها جزء من الشعب الأفغانى، فإن عليهم أن يعلموا أنهم صنيعة أجنبية هدفها تحقيق مصالح بعينها.


وأنا أعتقد أن الكوادر الحقيقية للحركة فى حدود 20٪، أما الـ80٪ الباقون فانضموا إليها، لكنهم غير مؤمنين بالفكر الجهادى وقتل الأفغان الأبرياء، وكوادر الحركة أعتقد أنه لا يناسبهم سوى الحل العسكرى.. أى لابد أن تضعهم تحت ضغط قوى لإقناعهم بأن الحل السياسى هو خلاصهم، وللعلم فإن «طالبان» لديهم قراءة مختلفة، فهم يرون أن القوات الدولية ستبدأ الخروج العام المقبل، وبالتالى ستتاح لهم الفرصة للعودة إلى خلق التكافؤ العسكرى.. بل العودة للسلطة.


أما عن «المصالحة» فقال قانونى: هى تستهدف الـ80٪ الباقين، ونحن نوجه إليهم الدعوة لتأسيس حزب سياسى وقبول الفكر التعددى فى كابول، أما الـ20٪ وهم المتشددون من طالبان فلا رجاء فيهم حتى لو بُعث فيهم الخلفاء الراشدون مرة أخرى.


وأشار قانونى إلى أن هناك تيارات فى حكومة كرزاى ترفض نعت طالبان بـ«الإرهاب»، وذلك لاعتبارات طائفية، حيث إن أغلب أصول أعضائها من البشتون.


وشرح قانونى طبيعة النظام السياسى فى بلاده وقال: نحن نتبع النظام الرئاسى.. وكرزاى هو رئيس الحكومة أيضاً، وعندما يحدث خلاف مع البرلمان فإن الرئيس يدافع عن الحكومة فى مواجهة النواب، وقد أثبتت تجربة السنوات التسع الماضية أننا فى حاجة إلى إصلاح للنظام الرئاسى.. ونحن اقترحنا إحداث تعديل دستورى يتم بموجبه تعيين رئيس للحكومة، على أن يبقى الرئيس حكماً بين السلطات.


وشرح «قانونى» للوفد المصرى طبيعة الأزمة البرلمانية الحالية، التى تسببت فى تأخير انعقاد البرلمان الجديد رغم أن الانتخابات تمت قبل شهرين تقريباً، وقال إن البشتون كانوا يراهنون على أنهم سيحصلون على أكثر من 53٪ من مقاعد البرلمان، ولكن النتائج جاءت عكس ذلك تماماً، وهناك حاليا محاولات لتغيير النتائج عن طريق الضغط على لجنة الانتخابات.. وفى رده على أسئلتنا حول عدم إجراء الانتخابات فى المناطق التى تسيطر عليها طالبان، وأن هذا جاء خصماً من حصة البشتون فى البرلمان قال: الصناديق لم تفتح فى مناطق عديدة، بها أغلبية للطاجيك والهزارة والأوزبك أيضا، وقال: «كرزاى غير راض عن نتائج الانتخابات، خاصة أن طائفته البشتون أتت بتمثيل ضعيف»، ولكننى أؤكد أنه لا توجد محافظة لدينا بلا نواب.


ودافع قانونى عن تزايد النفوذ الشيعى فى البرلمان الجديد وحصول «الهزارة» على مقاعد إضافية. وقال قانونى: «المجتمع الشيعى فى أفغانستان خرج إلى الميدان بشكل واسع، والآن لهم دور مهم.. ولابد أن تُحترم إرادة الشعب».


وللعلم فإن الأمور تتطور لصالح جميع الطوائف، ودستورنا الحالى يعترف بالفكر الشيعى الجعفرى.. والنائب الثانى لرئيس الجمهورية هو شيعى وإلى جواره عدد من الوزراء الشيعة.. وعن دور إيران قال: هنا دورهم مختلف عنه فى فلسطين وسوريا والعراق.. فهم جيراننا ولا نستطيع أن نغير هذه الجيرة، وطهران غير مرتاحة للوجود الأمريكى على أراضينا لأنها تعتقد أن لواشنطن أهدافاً طويلة المدى فى المنطقة، ولذلك ستكون سعيدة بتحقيقها بعض المشاكل للضغط لإخراج القوات الدولية.


وقارن قانونى بين دورى طهران وإسلام آباد فى أفغانستان وقال: الإيرانيون لا يتدخلون فى تشكيل الحكومة.. ومن قبل لم ينشئوا طالبان كشوكة فى بلدنا.. وباكستان يحكمها الجيش وهم يحافظون على إبقاء قضيتى أفغانستان وكشمير على قيد الحياة لأن نهايتهما تعنى إسقاط الشرعية عن هذا النظام العسكرى ودوافع وجوده.


وخلال ندوة الحوار المصرى - الأفغانى التى تمت بتنظيم مشترك للمركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية ومركز كابول للدراسات، تحدث الخبير الأفغانى فى شؤون الجماعات الإسلامية وحيد موجدى عن بعد آخر فى القضية الأفغانية، وخلق عناصر التطرف هنا، وقال: الريف فى أفغانستان هو مصدر الثورات والأفكار الجهادية، فعندما جاءت قوات الاحتلال الإنجليزى فى أتون الماضى واجهت مقاومة من أهل الريف وكانوا عنصراً مهماً فى الاستقلال، وبعد ذلك حدثت تغيرات بواسطة هؤلاء الريفيين ابتداءً من سقوط دولة أمان الله وحتى الآن. وأضاف: «وعندما ننظر إلى الحرب الأخيرة بين المنظمات الجهادية نرى أن من دمروا كابول لم يكونوا من أهلها ولكن كانوا من الريف.. وهم جاءوا إلى العاصمة وعاشوا فيها ولم يكونوا حريصين على منشآتها وسكانها.. ومن ثم حدث الاقتتال، ثم الاحتلال الحالى».


وأشار إلى أن قوات الناتو كررت نفس الأخطاء بتدميرها للقرى وقتلها لعشرات الآلاف من القرويين بحثاً عن بن لادن والملا عمر وهو ما تسبب فى ابتعاد أهل القرى عن بلادهم ولجوئهم مجدداً للمدن وخاصة كابول.


أما عاشم عصمت الله، رئيس نقابة الصحفيين الأفغانية والأستاذ بجامعة كابول فقال: لا ننكر مشكلاتنا الأساسية والهوة الشاسعة بين أهل القرى وأهل المدن.. لكن علينا ألا ننسى أن القوى العظمى والقوى الإقليمية فى المنطقة هى التى خلقت تلك المشكلات فالمخابرات الباكستانية التى هى صنعت طالبان وتشجعها على القتال.


أما عبدالبارى رشيد، وهو سياسى أفغانى، وناشط فى المجتمع المدنى، فقال لنا: إننا نستطيع حل المشكلة مع طالبان عندما نعرف بالتحديد ماذا تريد.. فكل ما يقال عن هذه الحركة مجرد أقوال ليس لها أساس علمى أو واقعى.. ونحن هنا فى كابول عندما نتحدث عن الحرب فعلينا أن نحدد ما هو الطرف الآخر الذى نحاربه، وطالبان لا تنتمى للإسلام فى شىء.. وهى ليست نتاجاً أفغانياً كاملاً.. فهى فعلياً لا ترتبط بالمذاهب الإسلامية المعروفة هنا.. وأؤكد أن كل التعريفات التى تم وصف حركة طالبان بها تعتمد على ما سمعناه من وسائل الإعلام ومن تصريحات المسؤولين هنا، وتحديداً عندما يصفون الحركة عقب أى عمل عسكرى أو إرهابى أو انتحارى.. وبالتالى فإن كل من يرد أن يكون له دور فى حل المشكلة الأفغانية فعليه أن يجيب عن الأسئلة التالية وبدقة حول طالبان: من هم؟.. وما هى عقائدهم؟.. وأين يسكنون؟.. ومن يحمى طالبان؟.. وهل هو المخابرات الباكستانية وحدها أم أن هناك قوى أخرى؟.. وكم عددهم بالتحديد وتكررت هذه اللغة الاستفهامية حول طالبان خلال الندوة من جميع المشاركين الأفغان فيها، كما سمعنا أسئلة مماثلة فى أكثر من ندوة وفى أكثر من لقاء خلال الأسبوع الذى قضيناه فى كابول.. وكانت بعض هذه الأسئلة موجهة إلى الجانب المصرى، طلباً للمساعدة السياسية والاستخباراتية والدينية، خاصة من الأزهر.. وهو ما أثار استغراب الكثيرين من أعضاء الوفد المصرى.. ورد بعضهم: طالبان أفغانية وهى استولت فعلياً على السلطة لخمس سنوات (1996 - 2001)، وتحارب النظام الحالى والقوات الدولية لتسع سنوات متصلة، ومازلتم فى طور البحث عن الأسئلة البديهية عنها!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية