اعتبر الكثير أن الأفلام المستقلة وسيلة مهمة لخروج السينما المصرية من أزمتها، إلا أن هذه النوعية من الأفلام تواجه مشاكل عديدة، تقلل من فرص وصولها إلى الجمهور الذى ينظر إليها باعتبارها موجهة للمهرجانات.
«المصرى اليوم» تحاول الكشف عن أبرز هذه المشاكل التى تواجه هذه النوعية التى ساهمت فى وجود جيل جديد من السينمائيين الموهوبين، واستطاعت أن تحصد العديد من الجوائز المهمة فى مهرجانات دولية وعربية مثل «ميكروفون» و«هليوبوليس» و«الخروج للنهار» و«الشتا اللى فات».
«أهم عقبة تواجه الأفلام المستقلة هى التوزيع» بهذه العبارة بدأ المنتج والمخرج شريف مندور حديثه، وأضاف: التوزيع عادة ما يرتبط بذوق وثقافة الجمهور الذى لم يجد الفيلم المستقل طريقه إليه حتى الآن، فالنجاح الحقيقى لهذه النوعية من الأفلام، لن يتحقق بصورة كاملة إلا عند وصوله للجمهور.
وأوضح مندور أنه رغم انخفاض ميزانيات الأفلام المستقلة مقارنة بالأفلام التجارية، إلا أن أى منتج يسعى دائما لاسترداد ما أنفقه، لضمان الاستمرارية، وهذه مشكلة أخرى تهدد هذه النوعية من السينما.
وأشار إلى أن السينما بكل أنواعها صناعة وليست فنا فقط، فهى تضم ثلاثة أضلاع «الصناعة والتجارة والفن»، ولابد أن يكتمل هذا المثلث حتى لا يتم تقديم منتج ضعيف، موضحا أنه لو تم الاهتمام بالجانب الفنى وإهمال التجارى الخاص بالتوزيع مثلا، سيسقط الفيلم جماهيريا، وهو ما يعانيه الفيلم المستقل بالفعل، حيث يمتلك عنصرا فنيا جيدا وصناعيا متوسطا، وتجاريا ضعيفا.
وقال مندور: السينما المستقلة هى سينما موازية لنوعية السينما الموجودة، وليست بديلة عنها، لأنه كما توجد أفلام تجارية لها جمهور، لابد أن يكون هناك النوع الآخر الموازى لها، وهذا التوازى مهم لتقديم أجيال من المخرجين والمصورين والمؤلفين، ولكى تجد هذه النوعية من السينما طريقها للتواصل مع الجمهور لأن هذا هو الحلم الذى يسعى إليه صناع هذه السينما.
وأشار المؤلف والمنتج محمد حفظى إلى أن المشكلة الحقيقية التى تواجه الأفلام المستقلة هى عدم تقبل الجمهور لها، موضحا أنه يلقى باللوم على الجمهور لأن من يقدمون هذه الأفلام عليهم بذل كل ما فى وسعهم للنهوض بالذوق العام لأن ذلك سيحل بدوره المشاكل التى تواجه الفيلم المستقل، والتى تتمثل فى التوزيع والتمويل، فوقتها سيصبح هناك سوق لهذا المنتج.
وقال: ليس من الضرورى أن تكون الأفلام الجيدة سياسية أو معقدة، فالفيلم الجيد هو الذى يحمل صفة الصناعة الجيدة بكل جوانبها، وهو ما ينطبق على نوعية أفلام السينما المستقلة، التى تحافظ على وسطية المنتج، والأمل فى الاعتماد عليها لتقديم أعمال جيدة قائم ومشروع.
وأضاف حفظى: السينما المستقلة ليست قادرة بمفردها على إنقاذ السينما المصرية مما تعانيه، أو على الأقل المساهمة فى خروجها من أزمتها، لأن 80% مما تنتجه السينما ينتمى لما نطلق عليه الأفلام التجارية، ومن الممكن أن تصبح الأفلام المستقلة بديلة للسينما التجارية، إذا أقنعنا نجوم الصف الأول والمنتجين والمخرجين بالتعاون مع هذه النوعية لكى تحظى باهتمام مثل باقى النوعيات الموجودة على الساحة الفنية ويتعرف عليها الجمهور، وتخرج من إطار سينما المهرجانات.
ويعتبر المخرج أحمد عبدالله الحائز على العديد من الجوائز عن أفلام تنتمى للسينما المستقلة، أبرزها الجائزة الذهبية من مهرجان قرطاج عن فيلم «ميكروفون» أن البيروقراطية هى أبرز المشاكل التى تواجه هذه النوعية.
وقال عبدالله: عندما نقدم فيلما جديداً نصطدم بمجتمع شديد البيروقراطية، بداية من التصاريح الخاصة بالعمل إذا لم يكن من إنتاج شركة كبرى، مروراً بتقبل الفيلم نفسه، فضلا عن المشاكل التى يواجهها المخرجون مع نقابة السينمائيين والتى تحصل بدورها رسوماً كبيرة، فضلاً عن الانضمام إليها فيه معاناة كبيرة لأى مخرج شاب.
وشدد على ضرورة التفرقة بين السينما المستقلة، والسينما قليلة التكلفة، لأنه ليس كل ما ينتج بتكلفة قليلة هو فيلم مستقل، فهناك أفلام تنتج بتكلفة قليلة، وتعتمد «طبخة» معروفة مكونة من «نكتة ورقصة وعاركة»، ولكنها لا تنتمى للسينما المستقلة، موضحا أن الفيلم المستقل ذو طابع خاص سواء فى إخراجه أو قصته أو مونتاجه.
وأكد أن الإنقاذ المنتظر من السينما المستقلة للسينما المصرية بشكل عام، لن يحدث إلا بالاندماج بين العالمين، مشيرا إلى أن السينما المستقلة مازالت خارج الشكل الإنتاجى المتعارف عليه، وأن الفيلم المتكامل هو الذى يضم معظم الأشكال الحياتية من حب وكراهية وغناء ورقص، لأن الواقع ملىء بهذا الزخم الدرامى.
وأضاف عبدالله: لكى يكون هناك أمل فى إنتاج نوعية جادة من الأفلام، لابد أن تستوعب السينما التجارية شكل السينما الجديد، والذى نسميه «السينما المستقلة»، كما يجب أن يدرك المنتجون والموزعون، أنها شكل من أشكال الصناعة المكمل للوجه الآخر، وليست معادية لهم أو تمثل خطرا عليهم، فلابد أن يقتنع الجميع بضرورة وجود نقطة تتقابل فيها كل الخبرات والإمكانيات.
وأشار عبدالله إلى أنه ليس هناك من ينكر دور الأفلام التجارية فى انتشار السينما فى مصر، ومساهمتها فى خلق نوع من الألفة بينها وبين المشاهد.