x

الخبير العالمي مغاوري شحاتة: نحن مقبلون على العطش.. والنيل أهم من حسن البنا (حوار)

الثلاثاء 26-02-2013 19:09 | كتب: خالد الشامي |
تصوير : حسام فضل

أكد الدكتور مغاورى شحاتة، رئيس الجمعية العربية للمياه، أن مصر تهدر 10 مليارات متر مكعب من حصتها من مياه النيل، وقال إن توقيع مصر على الاتفاقية الجديدة مع دول حوض النيل يعد تسليماً وتنازلاً عن حقها التاريخى فى مياه النيل، وأشار إلى الدور الذى تلعبه إسرائيل للحصول على مياه النيل عبر إثيوبياً، معلقاً بأنها لا تستطيع العيش بالـ5 مليارات متر مكعب من المياه المتوفرة لديها سنوياً كما أنها تسعى لأن تكون عضواً فى هيئة دول حوض النيل.

وإلى نص الحوار:

■ بداية هل هناك فرق فى تعامل الأنظمة الحاكمة لمصر مع ملف المياه؟

- لا أعتقد فملف المياه لا ينبغى أن يكون له أدنى تأثير بأى نظام أو حكومة حيث لا يرتبط بأشخاص، ففى عهد الدولة الفاطمية هدد إمبراطور الحبشة بوقف تدفق المياه رغم عدم قدرته وفى عام 64 أرسل حاكم تنزانيا وهو صديق عبدالناصر برسالة إليه، مفادها أن اتفاقيات القوى الاستعمارية لا تمثل تلك الدول بعد التحرر وفى عام 93 طلب زيناوى من مبارك توقيع اتفاقية بخصوص نهر النيل وبالتالى ينبغى على مصر تفعيل الدبلوماسية الشعبية وخلق رأى عام تجاه هذا الملف الحساس والشائك وتدريس مادة إجبارية فى المراحل الدراسية المختلفة حول مياه وحوض النيل من أجل تربية الأجيال على أهمية هذا الشريان بدلا من تدريس شخصية مرشد جماعة الإخوان المسلمين الأول حسن البنا، كما يتردد.

■ ما التحديات التى تواجه الأمن المائى؟

- النزاع بين دول المنابع ودول المصب وما تحتويه اتفاقية عنتيبى من عدم الاعتراف بحقوق مصر التاريخية فى مياه نهر النيل وعدم الاتفاق بشأن الإخطار المسبق ومفهوم الضرر وأخذ الآراء بالأغلبية فى مواجهة مصر وإنشاء السدود الإثيوبية خاصة فى مناطق حوض النيل الأزرق وعلى رأسها سد النهضة والإهدار الواضح فى استخدامات المياه، خاصة فيما يتعلق بالمقننات المائية للزراعات وزراعة محاصيل مستهلكة للمياه وتصدير محاصيل مائية وتلوث المياه، كل هذا يجعلنا أكثر عرضة لخطر شُح المياه والعطش ونقص الإنتاج وزيادة خطر التصحر والجفاف ونقص الطاقة بما يعنى تهديد مصادرها.

■ هل من حق إثيوبيا إنشاء سدود من أجل توليد الكهرباء؟

- تُعانى إثيوبيا من سوء إدارة مواردها المائية لعدم وجود كفاءات إدارية لترشيد استخدام المياه، إلا أنها تعتبر أكثر دول حوض النيل استطاعة لإنشاء مشروعات طاقة كهرومائية بسبب فقرها الكبير فى الطاقة التى ستجعلها مُصدرة فى يوم من الأيام لجيرانها لذلك قامت بإنشاء عدد من السدود وتعتزم بناء عدد آخر وأغلبها تم اقتراحه بمعرفة مكتب الاستصلاح الأمريكى عام 64 وهناك مخطط للانتهاء من إنشاء 33 سدًا إما بغرض الرى أو توليد الكهرباء أو متعدد الأغراض وهنا يظهر دور إسرائيل وعدد من الدول الراغبة فى الاستثمار الاقتصادى والحصول على سلات الحبوب والغلال وزراعة محاصيل وتربية ثروة حيوانية مستفيدة من الأيدى العاملة الرخيصة والأراضى الشاسعة وتعتبر تلك السدود تهديد للأمن القومى المصرى حيث يصنعها الساسة ويدفع ثمنها الشعوب والسودان ستدفع فاتورة انهيار السدود خاصة مناطق خلف السد وسيؤثر على بيئة الأسماك والبيئة النهرية وستتعرض المنطقة للزلازل.

■ لكن إثيوبيا الآن تضرب بالاتفاقيات عرض الحائط وتستمر فى بناء السدود؟

- نحن الآن أمام أمر واقع فرضته إثيوبيا بإنشاء السدود واليوم أصبح الحديث والتفاوض حول إمكانية تقسيط ملء سد النهضة بدلا من إيقاف إنشاء المشروع ذاته وللعلم فالسد سيتم ملؤه بـ74 مليارًا بدلا من 11 مليارًا والأخطر من ذلك هو إنشاء سدود أخرى بدون سابق إخطار، لكن إثيوبيا لا تستطيع أن توقف التدفق لكنها تستطيع أن تتحكم فى معدلاته وسيحرمنا ذلك 9 مليارات متر مكعب سنويا من سد النهضة على النيل الأزرق.

■ هل صحيح أن سد النهضة لن يطول عمره؟

- معظم الأراضى الإثيوبية سريعة الانحدار من 4200- 500 متر على حدود السودان لمسافة ألف كيلو متر بمعدل 4م/1 كم وتصرف سنويا حوالى 52 مليار متر مكعب وبالتالى فإن بحيرة سد النهضة محدودة بطول 60 كم وبسعة تخزين محدودة عند متوسط 300 متر عرض الوادى وتقل تدريجيا لوجود إطماء وبالتالى يُحدد ذلك عمره الذى لن يتعدى عشرات السنين.

■ هل نضطر للدخول فى حرب على المياه بالمعنى الحرفى لها؟

- لا أعتقد أن الأمر سيصل لشن حرب بسبب المياه واعتبره لفظًا إعلاميًا تم إدراجه بعد أن استخدمه السادات وللعلم فإن نهر النيل ليس الوحيد الذى تدور حوله النزاعات فقط فكل الأنهار عليها نزاع وبسبب ذلك قررت الأمم المتحدة عام 97 تطبيق سياسة الاستغلال العادل والمُنصف وعدم إلحاق الضرر والتعاون بحُسن نية لكنها لم تضع حلولا حاسمة أمام نهر النيل.

■ هناك تصريحات تُشير إلى ان إسرائيل ترغب فى مياه النيل عن طريق الضغط الإثيوبى؟

- تعتبر المياه أحد أسباب الصراع العربى الإسرائيلى والجميع يعلم أنها لاتزال متمسكة بهضبة الجولان ويشتد الصراع على نهر الأردن ونهر الوزانى، لأنها تسعى لزيادة حصتها من المياه فلا يمكن أن تعيش على 5 ملايين متر مكعب تحصل عليها من مياه خزان«وادى الجرافى» فى اتجاه صحراء النقب غرباً بفعل الطبيعة التكوينية لصخور الخزان، وتعمل على استنزاف مياه الخزان من خلال حفر المزيد من الآبار الارتوازية وتركيب طلمبات شفط المياه بالقرب من الشريط الحدودى بين مصر وإسرائيل، فوزارة الموارد المائية والرى لا تسعى لإقامة مجتمعات زراعية بالقرب من المنطقة «ج» على الحدود المصرية الإسرائيلية والتى تضخ مليارات الأمتار من المياه، إلا أن الوزارة عكفت على إنشاء آبار جوفية دون جدوى وعلى الحكومات القادمة أن تضع فى أولوياتها مثل هذه المشاريع لنهضة سيناء بعدما تم عزلها وفق اتفاقيات كامب ديفيد وبالتالى فإسرائيل لاتزال ترغب فى أن تصلها مياه النيل حتى تكون عضوا فى دول الحوض من خلال الضغط على مصر عن طريق استثماراتها هناك وللعلم فإن مشروع ترعة السلام ولد فاشلا ولم يحقق الغرض، حيث يمر من وسط سيناء ومن هنا أحذر بأن تكون سيناء مدينة مليوينة وعلينا بناؤها بطريقة المستوطنات حتى لا يحدث مكروه ووقتها سندخل فى نفق مظلم.

■ هل تفلح الدورة الزراعية فى ترشيد المياه؟

- أعتقد أن عودة نظام الدورة الزراعية سيوفر فى الاحتياجات المائية.

■ لماذا تُعارض مشروع ممر التنمية للدكتور فاروق الباز؟

- مشروع ممر التعمير أو التنمية الموازى للنيل على طول خط الصعيد داخل الصحراء الغربية ليس بجديد وحديثه عن الدخول بعمق أكبر لمسافة 40 كيلو مترا بالصحراء الغربية يُعد مستحيلاً لعدم توافر المياه اللازمة لإقامة مجتمعات عمرانية جديدة وافتراضه غير مضمون لارتباطه بحصة مصر من النيل وللعلم فإن ضخ المياه من خلال أنبوب قطره متر أو متر ونصف، سيكون حائلا بسبب الطبيعة الجغرافية الوعرة عند مفيض توشكى، وهذا يمنع ضخ المياه لأعلى بسبب هضبة «سن الكداب» والتى يبلغ ارتفاعها 220 مترا وموسوعة الصحراء الغربية عام 89 أوصت بوضع استراتيجية للنهوض بها.

وللأسف يسير فاروق الباز مع أى نظام ولقد طرح أفكاره على السادات ومبارك وسيطرحها على مرسى حيث يعتبر أن وجوده فى وكالة ناسا شىء فذ بحيث يأتى إلينا بما تهبط به السماء وعلينا نحن فك شفراته، فضلا عن أن اقتراحه يستلزم 24 مليار دولار.

■ لماذا لا يتم استصلاح أراضى توشكى بالمياه الجوفية فى الوقت الذى تستغلها البحيرات الصناعية؟

- كمية المياه الجوفية بمنطقة توشكى لا تكفى لاستصلاح 550000‏ فدان ولذلك يتم اللجوء إلى الاستفادة بمخزون بحيرة ناصر عن طريق قناة الشيخ زايد والحكومات المتعاقبة تتعامل بنظام المقلوب وبالتالى لابد من إصدار قانون للمياه الجوفية ينص على وضع قيود على حفر الآبار حتى لا يؤدى إلى تغيير نوعها الكيميائى ولابد من تنظيم إنشاء حمامات السباحة التى تُشكل خطرا على المياه الجوفية حيث يستهلك الفدان الواحد ثلاثة اضعاف فدان القمح وهو سلعة استيراتيجية ولابد من إعادة دراسة قضية المياه الجوفية المشتركة بين الدول المشتركة فى الخزان الحجرى الرملى الجوفى النوبى.

■ ماهى الحلول المقترحة لتأمين حقوق مصر من مياه النيل؟

- أحب أن أشير إلى أن التوقيع على الاتفاقية يعنى تنازل مصر عن حقها التاريخى، وينبغى التركيز على إقامة علاقات قوية بين مصر وشمال وجنوب السودان بعد استقلاله والذى تضم أراضيه مخزنا كبيرا من المياه بمنطقة السد فى حوض بحر الغزال.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية