وتشدد نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا السابقة، والمحامية التى مكنت المرأة العربية من عضوية اتحاد المحامين العرب، على أن الشعب المصرى قد خرج من سجنه الكبير، إلى براح الحرية، وأن أهم مكاسبها جيل جديد من الشباب، لا يرضى بأنصاف الحلول، ولن يهدأ إلا بتحقيق كل أهداف الثورة.
تحذر «الجبالى» من مخاطر استمرار الاعتداء على استقلال القضاء داخليا، بهز الثقة فيه، كما رأينا فى أعقاب حكم بورسعيد، بعد أن شكك فيه «الإخوان» لعدة شهور، وفق تعبيرها، وخارجيا بإضعاف فرص استعادة الأموال المهربة، كما رأينا فى أحكام سويسرية وإسبانية، وفى إقبال المستثمرين على دولة، تصفها الأمم المتحدة بأن استقلال قضائها محل شك.
تتوقع القاضية الدستورية، أن تصدر المحكمة الدستورية العليا، حكمها بحل مجلس الشورى، والجمعية التأسيسية، كما تتوقع دورا محوريا للجيش، فى الحفاظ على وطنية مفاصل الدولة، بعيداً عن أى لون سياسى، وعلى مدنيتها.
وإلى نص الحوار:
■ ما تعليقك على الأحداث الدموية التى تواكبت مع الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 25 يناير؟
- ما حدث يعكس استمرارية الثورة سعياً لتحقيق أهدافها، وعدم رضا الشارع عما حدث خلال المرحلة السابقة، ورفع الشعب سقف مطالبه إلى إسقاط النظام، كما حدث فى ثورة 25 يناير، منذ عامين. السلطة تتخبط فى إدارة البلاد وتقودنا للهاوية، الشرعية لأى نظام حاكم ثلاثية، شرعية دستورية، تتمثل فى احترام الرئيس للدستور والقانون والقضاء، وهذا ما خالفه محمد مرسى، وبالتالى سقطت شرعيته الدستورية، وهناك الشرعية الشعبية، التى تتمثل فى تأييد جموع الشعب للرئيس، وهذا لم يعد ممكناً، حيث خرجت الجماهير العريضة ضد الرئيس، وثالثاً شرعية التزام القانون بين الحاكم والمحكوم، وهذا لم يعد موجوداً، إذ سالت الدماء بالشارع على أيدى أدوات السلطة، التى تستخدم القوى المفرطة فى التعامل مع المظاهرات.
■ هل تعتقدين أن هذا الاحتقان السياسى هو سبب تفجر أحداث السويس؟
- المشهد العام فى السويس كان سلمياً، وهناك من تدخل لإفساده، أدوات للسلطة استخدمت عنفاً غير مبرر ضد المتظاهرين. هذا لا ينفى وجود مندسين لإثارة الشغب والعنف لصالح أطراف بعينها، ودور أجهزة الدولة الوطنية كشف كل هذه الأمور للرأى العام.
■ وما سبب الأحداث الدموية فى بورسعيد؟
- السبب الرئيسى فى المجزرة الدموية التى حدثت فى بورسعيد، هو انتقاص السلطة من هيبة القضاء وعدم احترامه على مدار الشهور الماضية، والتشكيك فيه منذ تولى «مرسى» رئاسة الجمهورية، ورفع شعارات تطهير القضاء، ما أدى إلى فقدان ثقة الشعب فى القاضى على منصته، ولا يمكن أن أدين رد فعل الشعب البورسعيدى على الحكم، هم يعتبرون أن القضاء ظلمهم بعدما فقدوا الثقة فيه نتيجة «غشم» السلطة وغبائها.
■ هل تعتبرين أن الحكم «مسيس» كما يردد البعض؟
- لا إطلاقاً، القضاء عادل، ولا يمكن أن يحكم إلا بما يراه حقاً وعدلاً ويمليه عليه ضميره، وصدور هذا الحكم يعنى، بالتأكيد، أن القاضى رأى أن المتهمين جناة ومدانون، وبالتالى قضى بهذا الحكم الرادع.. مستحيل أن يحكم بإنهاء حياة موطنين دون أدلة حقيقية، المشكلة الحقيقة أن السلطة خسفت بالقضاء الأرض وأهانته، ولم تعد تحترم أحكامه، وبالتالى الشعب فقد ثقته فى قضاته.
■ ما الحلول الممكنة للأزمة التى خلفها الحكم فى قضية بورسعيد؟
- لابد أن نفصل بين الحكم القضائى والأزمة التى تعيشها البلاد منذ فترة، النظام الحالى لا يختلف عن نظام «مبارك» فى شىء، السياسة الغبية نفسها، والبطيئة فى التعامل مع الأحداث الطارئة والمظاهرات، السلطة لا تستمع لأى قوى سياسية، فقط تنفذ ما تريد دون الالتفات لمطالب الشارع، لابد للسلطة أن تتنازل عن العناد، وتستعمل عقلها بعيداً عن الغباء السياسى.. وكلما تأخرت فى الرد على طلبات الشارع، ارتفع سقف مطالب المتظاهرين، جبهة الإنقاذ قدمت حلولاً فى إطار سياسى للأزمة يجب الأخذ بها، بأن تجرى انتخابات رئاسية مبكرة، مثلما حدث فى فرنسا، عندما خرجت المظاهرات ضد الرئيس الأسبق «شارل ديجول».
■ ما أخبار الطعن الذى تقدمت به على الدستور الجديد؟
- لم تحدد له جلسة بعد، لابد أن يأخذ مساره مثل أى قضية تنظر أمام المحكمة الدستورية العليا، والاستعجال غير وارد، وهيئة المفوضين ستعد تقريرها فى الطعن بوجهة النظر القانونية لأعضاء الهيئة كلهم، والحكومة سترد بمرافعات، وهناك 3 احتمالات عادية هى: الحكم بعدم الدستورية، أو بالدستورية، أو عدم قبول الدعوى.
■ هل تقدمت بالطعن كمحامية؟
- لا، تقدمت كنائب لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وهى الصفة الأصلية التى أتمتع بها، حتى الآن لم يصدر قرار من رئيس الجمهورية بإنهاء عملى فى المحكمة، كما حدث مع زملائى الآخرين الذين عادوا لمواقعهم القضائية السابقة، ما تم معى مجرد إجراءات تنفيذية فقط مثل تسليم مكتبى وعدم صرف الراتب.
■ ولماذا لم يصدر القرار؟
- الرئيس «حائر»، لو وقع القرار سيكون قد عزل قاضياً رسمياً من عمله، ولا يجوز إجبار قاض على مغادرة منصبه بقرار من سلطة تنفيذية، حقيقة القرارات الخاصة بعودة باقى زملائى إلى مناصبهم السابقة، هى عزل، لكن بها تغطية نسبية على الجريمة التى ارتكبتها السلطة، لأنهم عادوا إلى جهة قضائية، وهى هيئة المفوضين، لكننى لا أقبل أن أعود إلى هيئة المفوضين مرة أخرى، بعد أن كنت أشغل نائب رئيس المحكمة، وعودتى إلى هيئة المفوضين أمر قاس بالنسبة لى، ولجميع الزملاء، لكنه يمثل حداً أدنى من الحفاظ على خبرات هذه المحكمة، والزملاء الذين عزلوا قضوا أكثر من 10 سنوات فى المحكمة الدستورية، ويحملون درجات الدكتوراة ويحاضرون فى جامعات عالمية، وشاركوا فى كتابة العديد من دساتير العالم، وجزء من «رحمة ربنا» أن يكونوا فى هيئة المفوضين فى ذات المحكمة، ربما يتغير العدد طبقاً لهيئة المفوضين، رغم أن النص فى الدستور الجديد قال: إن عضو هيئة المفوضين، ليس بالضرورة أن يكون عضواً فى المحكمة، وجاء النص أن يتم ترشيحهم من أعضاء المحكمة، ومن جهات أخرى.
■ ما المقصود بـ«الجهات الأخرى»؟
- كان المفروض يقولوا «وباقى المصادر المنصوص عليها فى قانون السلطة القضائية» فى هذه الحالة نكون مطمئنين، وهذه المصادر هى المحاماة، وأساتذة القانون، ولا أفهم فى ظل هذا اللغط السياسى كيف تكون ترشيحات أعضاء المحكمة فيما بعد، هل تتم عبر مزاحمات حزبية، وترشيحات برلمان، لدينا إبهام فى القضاء، لم نعد نعلم من الذى سيمارس الرقابة الدستورية، الجمعية العمومية للمحكمة لم يعد لها أى دور فى ترشيح الأعضاء، أو حتى قبول الترشيح، والدستور الجديد أفقد الهيئة استقلاليتها.. أنا كقاضية تم ترشيحى من نقابة المحامين، والجمعية العمومية للمحكمة اختارتنى، وأنا فى صفوف المعارضة فى هذا الوقت، وهذا دليل على استقلالها.
■ هل هناك تدخلاًل فى شؤون القضاء؟ ومدى تأثيره على استرداد الأموال المهربة؟
- تأثيره فادح جداً، وهذا ما ظهر واضحاً فى محاكم سويسرا وإسبانيا، فالحكم الخاص برجل الأعمال حسين سالم، تحدث صراحة عن فقدان القضاء المصرى استقلاليته، وأن الرجل يحمل الجنسية الإسبانية، ولن يتمتع بالضمانات الكافية لمحاكمته فى مصر، وهناك مخاوف من أن تعاقب مصر من بعض الدوائر التى تسعى للحصول فيها على استثمارات مشاركة ومعاونة فى البناء القادم. مثلاً الاتحاد الأوروبى بدأ يتحدث عن هذا الأمر، وأمريكا والدول التى تعول السلطة الحاكمة فى مصر على علاقتها بها بدأ الرأى العام لديها يتحدث عن مذبحة مماثلة لمذبحة القضاء عام 1969، رغم أنها طالت أفراداً فقط، داخل السلطة القضائية، لأن توجهاتهم كانت معادية للثورة، خاصة قانون الإصلاح الزراعى، وكانوا يصدرون أحكاماً ضده.
■ السلطة الحاكمة تتهمك بأنك ضد الثورة!
- لا، طبعاً، نحن كنا ندين النظام السابق، ولا يجوز التدخل فى سلطة القاضى، ولا عزله من موقعه، وهذا كان يقال على أفراد فقط، أما حالياً العدوان على السلطة القضائية بأكملها، لابد أن تكون السلطة القضائية قادرة على القيام بدورها تجاه شعبها، وتحمى المواطن فى الداخل والخارج لأن الاعتداء على القاضى يهدد مصالح المواطن داخلياً وخارجياً.
■ ما توقعك لحكم المحكمة الدستورية الخاص بالدستور؟
- المحكمة ستحكم بكل حيدتها ومصداقيتها، وبكل نزاهة، لكن أمام المحكمة معضلات فى كل ما هو قادم، خصوصاً الدفوع التى تقدم بها المحامون فى الجلسة السابقة، وهى جوهرية وخطيرة، وتستحق أن تُنظر بمنتهى الدقة، خصوصاً أن بعضها ارتبط فيما سمى بالمسارات التى حدثت بعد انتخاب الرئيس، سواء الحق فى إلغاء الإعلانات الدستورية أو إصدارها، لكننا نعيش فى إشكالية، خطيرة جداً، إننا ندير الحياة السياسية بالقرار القضائى، فليس دور القضاء إدارة السياسة والمجتمع، حيث يجب أن تتم الإدارة عبر آليات اتخاذ القرار، وليس بانتظار الحكم القضائى فقط، ولدينا مجلس غير دستورى، من وجهة نظرى، مارس التشريع عنوة فى ظل انقسام الأمة، فى أخطر مرحلة من مراحل التشريع، وليس هكذا تدار الأمم أو الشعوب فى المراحل الانتقالية، والقضاة تتم محاكمتهم إذا ثبت فسادهم، ويعزلون ولا أحد يستطيع أن يقول إن القضاة على رأسهم ريشة ولا يحاكمون، لكن إذا دخلت فى الهوى السياسى لرئيس، أو برلمان، وشكلته على هواك السياسى، فأعتقد أن هذا الاستقلال يضيع. من هنا كانت فكرة الفصل بين السلطات، والرقابة المتبادلة، نحن نعيش حالة «الشاطر يبلطج على التانى»، وهذه ليست عناوين الدول ولا الشعوب، والجريمة التى حدثت فى المحكمة الدستورية العليا ستكشل أسود يوم فى تاريخ القضاء المصرى.
■ لماذا تم اختيار طلعت عبدالله تحديداً لشغل منصب النائب العام؟
- هذا الاختيار يطرح عدة تساؤلات، لا نعلم هل له موقع تنظيمى فى الجماعة، ولماذا لم يترك الأمر لترشيحات مجلس القضاء الأعلى، درءاً للشبهات، وفقاً لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - هل هناك شبهة؟ إن هذا الاختيار مرتبط بالولاء قبل أى شىء، وما حدث فيما بعد أحداث الاتحادية والمذكرة التى كتبها المستشار مصطفى خاطر، وقال فيها إن هناك محاولة للتأثير فى التحقيقات - هذا الكلام يضع كشافاً خطيراً جداً على شخص النائب العام، فمن حقى كمواطن أن أكون مطمئناً لسلطة الادعاء، التى يجب أن تكون مستقلة، ولا تؤتمر بأمر أحد، والادعاء الجنائى هو أخطر سلطة، حيث تقدم الشخص للمحاكمة، فيفقد حياته أو حريته، هذا منصب لابد أن يحاط بكل ضمانات الاستقلال، والأنظمة السابقة كانت تعتدى على القضاء قبل الثورة، فكيف نقبل بهذه التصرفات بعد الثورة، هذه خيانة للثورة، والثورة عنوانها استكمال بناء الدولة الوطنية الحديثة، التى ترتكز على القانون.
■ ألهذا فكّر فى الاستقالة ثم تراجع؟
- كان يمكنه أن يدخل التاريخ، لأن حالة الاحتقان فى صفوف القضاء ورجال النيابة العامة، وعملية الإحلال الجماعى، لمساعدى النائب العام، لا نعرف هدفها، خصوصا بعد حديث كثيرين عن محاولة أخونة القضاء، ونحن لا نعلم الخلايا النائمة والظاهرة، هذا تنظيم سرى لا نعلم ما فيه، بعد كل مرحلة يظهر الانتماء والتوجهات من الممارسة الفعلية، والمسألة ليست خالصة، ولا أحد يسكت على تسييس القضاء بلون محدد، حتى لو عقائدياً، لأنه تخريب للدولة المصرية، ولن نقبله، سواء فى الشرطة أو الجيش أو الخارجية المصرية، والمشهد فيه ضغوط تمارس من جانب جماعة الإخوان التى ضغطت على النائب العام، للاستمرار فى منصبه.
■ هل تتوقعين حل مجلس الشورى؟
- أعتقد أنه سيحل، لأن به عيب قانون مجلس الشعب نفسه، وسيحاكم وفقا للإعلان الدستورى، وليس الدستور الجديد. القضاء الدستورى مستقل فى مبادئه وأحكامه على محاكمة القانون من خلال مرجعية الوثيقة الدستورية المطبقة فى زمن، أى النافذة فى مرحلة صدور هذا القانون وليست اللاحقة عليه، وهذا جزء من الحكم بعدم دستورية قانون مجلس الشورى.
■ وهل سيحل المجلس بذلك؟
- قرار الحل تنفيذى مثلما فعل المجلس العسكرى باتخاذه قرارا بحل مجلس الشعب، بعد حكم المحكمة ببطلان قانونه. الحكم يقرر البطلان والانعدام فقط، ولكن لا يتخذ قرارا بالحل، هنا مفارقة عجيبة فهذا المجلس يصدر تشريعات خطيرة تصبح نافذة فى حق الوطن، فهل هو الذى سيمنحنا التشريع دون غرض، خصوصا أن من اختاروه 7% من الناخبين، فالناس لم تعط أى اهتمام ومعايير لانتخاب أعضاء الشورى تختلف عنها فى مجلس الشعب، هكذا يلوى عنق الإرادة الشعبية للناخبين ويتم التلاعب بإرادة الشعب.
■ وهل تتوقعين حل الجمعية التأسيسية للدستور؟
- نعم، أتوقع ذلك، والمشكلة أن الدستور تم إقراره، وهذه المطبات الدستورية التى أتحدث عنها، من مطب إلى آخر، تمثل الانحراف الدستورى القائم منذ اللحظة الأولى، فليست هناك إرادة سياسية فعلية لحمايته من الاستمرار فى الانزلاق، والمعلوم فى المبدأ القانونى، أن ما بنى على باطل فهو باطل، والاستفتاء لا يصحح البطلان. وهناك أحكام شهيرة فى هذا الاتجاه، أبرزها الحكم الصادر فى قانون «العيب» حيث كان مستفتى عليه، وهو قانون سيئ السمعة، وأصبح غير دستورى فى عهد الرئيس السادات، والقضية كلها عبارة عن ممارسة بلطجة سياسية من السلطة على دولة القانون السلطة تقول «قولوا اللى أنتم عايزينوا وإحنا هنعمل اللى إحنا عايزينوا» دون احترام للقانون، للأسف! وهناك بعض الشخصيات تقول كلاماً مذهلاً، وبعضهم فى مناصب رسمية، وبعضهم أساتذة قانون، ومصر لا تستحق منهما كل هذه الاستهانة بها وبمؤسساتها الدستورية.
■ إذاً ماذا حققت الثورة من مكاسب وخسائر؟
- إنها أطلقت سراح الشعب وانتزع حريته بنفسه، وليس هناك عودة للوراء، أصبح الشعب هو الفاعل الأصلى وليس بمقدور أى أحد أن يدخله «القمقم» مرة أخرى، والثورة قدمت جيلاً بأكمله، كنا نظنه لاهياً، ولا يدرك شيئاً عن دوره فى إقامة هذا الوطن، والدفاع عن حلمه ومستقبله، الشباب هم أيقونة هذه الثورة، يدفعون الثمن من دمهم ولن يقبلوا بأنصاف الحلول، وهذا هو مصدر القلق الأساسى للسلطة الحاكمة. وكذلك حققت الثورة مكسباً مهما وهو، أنها أخرجت من باطن الأرض كل ما فيها ليجعله فوق السطح، فأصبح الحوار علنياً، نحن نعانى من أننا غير قادرين على حوار وطنى مسؤول، لأن الشعور بالغلبة يحكم المشهد، لكن الفشل فى تحقيق أى هدف دون احتشاد وطنى سيجبر أى شخص على النزول لساحة الحوار، أى شخص سيحاول ممارسة الغلبة على الآخر سيفشل، وهذا إنجاز سيجعلنا، نضع إطاراً للثوابت الوطنية، وعلى المدى البعيد سيجعل الدولة تدار من خلال نظام وليس عبر قيادات كارزمية، وهذا تطور مهم فى تاريخ الشعب، ولا يخفى أبدا ما تحقق على أرض الواقع من إنجاز، فلن يستطيع أحد أن يبنى سجنا كبيرا بحجم شعب، لكن لا توجد وثيقة فكرية حتى الآن توضح شكل هذه الثورة، وما سبقها من مراحل النضال. وما شكل التحول الاجتماعى لصالح الأغلبية الأخرى، وشكل الاقتصاد. يجب أن نستدعى العلم لحل مشكلاتنا، الدولة ألغت المجالس القومية المتخصصة التى كانت تجمع علماء مصر فى قضايا بعينها، بدلا من أن تعتبرها معمل التفكير للحكومة. وأخطر شىء هو تضييع وقت ثمين على حساب الوطن وحقوق البسطاء، وقدرتنا على الاحتشاد والعمل معا.
■ ما رأيك فى قانون الصكوك؟
- كارثة، واسمه الحقيقى هو «صكوك بيع مصر» وأصول الدولة الوطنية، ولا يجوز لأى من كان أن يعيد تملك الأجانب لمقومات وطن. لابد من الوعى بأن مصر مرت. من قبل بهذه التجربة فى ثورة يوليو 1952 التى «مصرت» الاقتصاد وجعلته مصرياً خالصا، وعلى من يطالبون بهذه الصكوك أن يراجعوا هذه الفترة جيداً، لأن هذا القانون، به مخاطر تتعلق بالأمن القومى.
■ وفى قانون الانتخابات البرلمانية؟
- هذا القانون فى حد ذاته عار وطنى، لأنه لا يمكننا من أن نسمح للمتهرب من التجنيد بأن يكون نائباً عن الشعب، ومن يقرأ حكم المحكمة الدستورية العليا يعرف أنها ارتفعت بحق أداء الخدمة العسكرية لمرتبة «الحقوق الدستورية للوطن» وبالتالى المتهرب من التجنيد يفقد معايير الثقة والاعتبار أكثر من كونه يتلقى عقوبة معينه طبقاً لقانون. لابد أن تطبق شروط المصداقية، وشروط الثقة والاعتبار أشمل بكثير من الحق الفرضى فى العقوبة، دائما يقدم الحق العام على الحق الخاص، لكن الجزء الأهم فى موضوع الانتخابات أننا لم نبن البنية الأساسية، لضمانات نزاهة الانتخابات، وهذه يجب أن تسبق مضامين القانون نفسه، والنزاهة والشفافية أصبحتا راسختين فى قواعد وقوانين ومبادئ الأمم المتحدة وجزءاً لا يتجزأ من قواعد العدالة الانتقالية، وحتى الأمم المتحدة لديها آليات لبناء المفوضية العليا للانتخابات، بخبرات معينة يتم تدريبها، وتجهيزات مادية، ولا أفهم لماذا لم تطلب الحكومة من الأمم المتحدة أن تأتى بالخبرات والمال لإنشاء المفوضية الوطنية، فهم لديهم صندوق مالى خاص بهذا الأمر، ولن يكلف ميزانية الدولة أى شىء.
■ هل تطالبين الأمم المتحدة بالإشراف على الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
- نعم أنا أطالب بذلك، أنا لا أثق بأى انتخابات تجرى فى ظل حكومات بهذا الشكل وفى ظل هذه الغلبة ومخطط التمكين من مفاصل الدولة والهيمنة عليها.
■ ألا تخشين أن يفهم كلامك على أنه مطالبه بالتدخل الأجنبى؟
- لا طبعا، التدخل الخارجى شىء والأمم المتحدة شىء مختلف تماما، أنا لا أطالب بتدخل أوروبى أو أمريكى، فالأمم المتحدة منظمة دولية كل الدول أعضاء فيها، لديها آلياتها التى يمكن الاستفادة منها، مثل مشروع البرنامج الإنمائى ومشروعات مكافحة الجريمة والإدمان، وحقوق المرأة والطفل، وبناء المفوضيات شىء مهم، بحيث تصبح هيئة مستقلة دائمة للانتخابات، لا تستدعى وقت الانتخابات فقط دون خبرة سابقة.
■ ما توقعاتك لموقف الجيش من محاولات تمكين الإخوان من مفاصل الدولة؟
- الجيش أهم أركان الدولة، وعقيدته الوطنية تحمى الأمن القومى فى الداخل والخارج منذ 7 آلاف سنة، وجزء أصيل من مهمته التى يقتنع بها هو حماية مدنية الدولة، وإذا تحول الجيش عن ذلك، فسيكون هناك تخريب للدولة، والجيش لن يتحول لأنه قضية شعب بأكمله، ومن يرصد حركة الجيش يدرك جيدا أنه يتدخل فى اللحظات التى يحدث فيها انتهاك للأمن القومى داخليا وخارجياً. وتغيير عقيدة الجيش المصرى خط أحمر. نسمع عن محاولات إنشاء قوات موازية، وهذا عبث بمقدرات أمة و«لعب فى المحظور» الدخول فى هذه المخاطرة سيترتب عليه كوارث.
■ ما خطتك للعمل فى المستقبل؟
- كل الخيارات مفتوحة أمامى، ولدى عروض كثيرة من بينها التدريس فى الجامعات الدولية والمصرية، والعمل كمستشارة فى عدة دول، خلاف العودة لممارسة المحاماة، لكننى لم أقرر حتى الآن.