x

«معهد واشنطن»: أمريكا تتلهف لانتقال سلطة يضمن المواقف المفيدة للسعودية

الأربعاء 24-11-2010 17:07 | كتب: أشرف علام |
تصوير : أ.ف.ب

اعتبر «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» أن السن المتقدمة واستمرار اعتلال صحة كبار الأمراء في السعودية سوف يعززان على الأرجح ما وصفه بـ«التوترات المستمرة داخل العائلة المالكة».

وقال: إن «واشنطن متلهفة لضمان حدوث أي انتقال للسلطة بطريقة هادئة، واستمرار القيادة السعودية الجديدة في مواقفها السياسية المفيدة، على الأقل فيما يتعلق بحماية إمدادات النفط العالمية، ونزع الشرعية عن التطرف».

وفي مقال بعنوان «تغيير الحرس: السياسات القائمة على كبار السن في المملكة العربية السعودية» كتب سايمون هندرسون أن مصدر القلق الفوري لكل من واشنطن والرياض يتعلق بتسهيل التقدم بصفقة الأسلحة المعلن عنها في الآونة الأخيرة التي اشترتها السعودية من الولايات المتحدة بستين مليار دولار، وتشمل طائرات عالية المدى من طراز إف 15 للقوات الجوية السعودية، وطائرات مروحية يتم تزويدها للمرة الأولى لـ «الحرس الوطني السعودي».

وقال هندرسون، وهو زميل بيكر في برنامج الخليج والطاقة في معهد واشنطن: إن التقدم في الصفقة الأخيرة سيكون على الأرجح مسؤولية مهمة بالنسبة للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز المعين حديثاً في منصب رئيس الحرس الوطني.

وأضاف أنه على الرغم من أن واشنطن تميل أيضاً إلى بيع 24 طائرة مروحية قتالية من طراز «أباتشي لونج بو» إلى الجيش السعودي، و10 أخرى لـ «الحرس الملكي السعودي» النخبوي، إلا أن هذه الطلبيات تبدو صغيرة جداً مقارنة بالبيع المقترح لــ 156 طائرة مروحية لـ «الحرس الوطني السعودي» -- التي تشمل 36 «أباتشي لونج بو» و 72 سفينة نقل «بلاك هوك» و 48 طائرة شحن وهجوم من نوع «ليتل بيرد».

وفي الواقع، يقدر إجمالاً نصيب «الحرس الوطني السعودي» من صفقة الأسلحة بنحو 29.6 مليار دولار، أي نصف المجموع كله.

وقال هندرسون: بشكل واثقٍ وصفت الأخبار التي صدرت عن «وكالة التعاون الأمني بوزارة الدفاع الأمريكية» عن صفقة الأسلحة بأن: «السعودية لن تكون لديها أية صعوبة في استيعاب هذه الطائرات المروحية ضمن قواتها المسلحة». غير أن هذه الفكرة -- التي تأتي وسط تمنيات بأن يكون الانتقال السياسي الوشيك هادئاً -- تبدو في أحسن الأحوال اقتراحاً قابلاً للاختبار أكثر من أن تكون حقيقة يقينية.

واوضح هندرسون أنه في 17 نوفمبر الجاري -- في منتصف إجازة عيد الأضحى- أعلنت وكالة الأنباء السعودية أن الأمير بدر بن عبد العزيز الذي خدم طويلاً كنائب لقائد الحرس الوطني للمملكة العربية السعودية طلب إعفاءه من منصبه نظراً لصحته المعتلة. وبعد ذلك بدقائق أعلنت الوكالة عن قبول طلب بندر وأنه قد تم ترشيح الأمير متعب نجل الملك عبد الله قائداً للحرس الوطني السعودي، وأيضاً تعيينه وزيراً للدولة وعضواً في مجلس الوزراء. لكن لم يتم الإعلان بأن الملك عبد الله -- الذي خدم قائدا للحرس الوطني السعودي منذ عام 1962 -- قد تخلى عن المنصب.

واعتبر هندرسون مؤلف كتاب «بعد الملك عبد الله: الخلافة في المملكة العربية السعودية» أن هذه الإعلانات تشي بأن التنافس بين الملك والعديد من كبار الأمراء قد بلغ أشده.

وقال: يبقى أن نرى ما إذا كان تغيير القيادة في المملكة -- أكبر مصدر للنفط في العالم وموطن أقدس مكانين في الإسلام -- سيتم تصميمه بعناية أم سيؤدي إلى نزاع مفتوح.

واعتبر أنه خلال الأيام القليلة الماضية ظهر تسلسل استثنائي للأخبار الملكية، مما يدل إما عن عزم كبار الأمراء على الحفاظ على الظهور بصحة جيدة نسبياً، أو على الأرجح، إصرار أبنائهم على تغطية واسعة لكي يظهروا أن آباءهم لا يزالون لاعبين مهمين.

وقال إنه في أوائل الأسبوع الثاني من نوفمبر، اختفى عن الأنظار الملك عبد الله البالغ من العمر سبعة وثمانين عاماً وانقطع عن ترأس الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء. وبعد أربعة أيام وفي 12 نوفمبر أفادت الأنباء أنه يستريح بسبب انزلاق غضروفي.

وفي اليوم التالي ظهر علناً ولي العهد الأمير سلطان البالغ من العمر ستة وثمانين عاماً -- الذي كان يعاني من مرض السرطان ويقضي فترة نقاهة في المغرب -- كما لو كان يريد أن يُظهر أنه مستعد لتولي منصب الملك عبد الله. وقد التقطت له صور فوتوغرافية وهو يوقع على عقد لتطوير مطار مدني، على الرغم مما يُقال بأن قواه العقلية ضعيفة جداً لدرجة أنه لم يعد قادراً على أداء المناصب التي لا يزال يشغلها (نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والطيران).

وفي 16 نوفمبر ظهر علناً الملك عبد الله، الذي يقال إن لحظات يقظته الفكرية آخذة في التدهور أيضاً، في مأدبة غداء مع مختلف الأمراء وكبار المسؤولين. وبعد وقوفه فقط لفترة وجيزة اتكأ بقوة على عصاه.

ونظراً لغياب الملك عبد الله، وقعت مهمة الإشراف على ترتيبات الحج هذا العام على مسؤولية الأمير نايف البالغ من العمر سبعة وسبعين عاماً وهو النائب الثاني لرئيس الوزراء، وزير الداخلية الذي يُعتقد على نطاق واسع بأنه سيصبح ملكاً في المستقبل.

وقال هندرسون إنه لسنوات عدة قاد عبد الله وسلطان ونايف ثلاثة هيئات عسكرية مختلفة في المملكة وهي على الترتيب: «الحرس الوطني السعودي» وقوامه 100 ألف شخص وجيش قوي عدده 75 ألف جندي والقوات الجوية القوية وقوامها 20 ألف جندي ووحدات قوية من الشرطة وأخرى مساندة للقوات العسكرية وعددها 80 ألف شخص. وينظر إلى الدور الرئيسي الذي يقوم به «الحرس الوطني السعودي» بأنه حماية العائلة المالكة من الانقلابات العسكرية.

وأضاف أنه خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي قام المستشارون الأمريكيون وإلى حد كبير ببناء وتدريب القوات من جديد، بعد مؤامرة تورط فيها ضباط من القوات الجوية عام 1969. وعلى الرغم من أن «الحرس الوطني السعودي» مجهز جيداً لكن بصورة أقل من تجهيز الجيش إلا أنه يعتبر الأكفأ من الناحية العسكرية. وعندما غزا صدام حسين الكويت في عام 1990 ارتبك الجيش السعودي في حين اتخذت وحدات «الحرس الوطني» مواقع دفاعية على الحدود مما ساعد على منع القوات المسلحة العراقية من التقدم إلى حقول النفط السعودية.

وقال هندرسون إنه عندما أصبح الآباء أكبر سناً قاموا بنقل المزيد من المسؤولية إلى أبنائهم. ففي عام 2009، أصبح الأمير متعب نائب القائد للشؤون التنفيذية في «الحرس الوطني السعودي»، كما أصبح خالد نجل سلطان مساعد وزير الدفاع والطيران منذ عام 2001، بينما أصبح محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية منذ عام 1999.

ويرىهندرسون أن تعيين الأمير متعب قائدا للحرس الوطني السعودي لا يفي فقط بطموحه الشخصي الذي لطالما أضمره، لكنه سيحفز أيضاً على الأرجح ابن عمه خالد لتولي منصب وزير الدفاع من أبيه سلطان. وبالمثل، وبلا شك سيتطلع الأمير محمد للحصول على منصب وزير الداخلية.

لكن هندرسون لا يعتبر أيا منهم مرشحاً قريباً لتولي عرش المملكة. وللسنوات القليلة القادمة على الأقل؛ إذ سيبقى هذا الدور على الأرجح محفوظاً لأبناء مؤسس المملكة -- ابن سعود -- الذين حكموا في تسلسل تنازلي من أعمارهم منذ وفاة والدهم عام 1953.

وأشار إلى أنه بصرف النظر عن عبد الله وسلطان، هناك 18  ابناً آخرين ما زالوا على قيد الحياة ومرشحين من ناحية التسلسل [لتولي منصب الملك]، لكن الكثيرين منهم في حالة صحية سيئة وليست هناك كفاءة ظاهرة بينهم أو حتى القليل من الدعم العائلي.

وقال: يبدو أن نايف والأمير سلمان، حاكم منطقة الرياض، هما المرشحان الوحيدان في الوقت الحاضر.

واعتبر هندرسون أن الانقسام الرئيسي في العائلة المالكة لا يزال هو الأشد ترسخاً بين من يُسمون الأبناء السديريين لابن سعود (أكبر مجموعة من الإخوة الأشقاء، وتمت تسميتهم بهذا الاسم نسبة لقبيلة أمهم) وإخوانهم من الأب. وسلطان هو أكبر السديريين الأحياء، ونايف وسلمان من بين إخوته الأشقاء.

وقال: لقد خطط السديريون لسنوات عدة من أجل تقويض مركز الملك عبد الله. ففي عام 1982، عندما توفي الملك خالد وحل محله الأمير فهد الذي هو نفسه سديري، أصر إخوة فهد على تخلي عبد الله عن قيادة الحرس الوطني السعودي مقابل تقلده منصب ولي العهد. وحيث إنه كان مدعوماً من الإخوة الآخرين غير الأشقاء وكذلك أبناء الراحل الملك فيصل، رفض عبد الله التخلي عن منصب القيادة.

 إن لفتة تعيين متعب رئيساً للحرس الوطني السعودي، إنما تؤكد أن قوة الحرس الوطني ستبقى مستقلة بدلاً من أن يتم استيعابها في الجيش السعودي الرئيسي، كما أراد الأمراء السديريون منذ فترة طويلة.

 كما أن النفوذ السياسي الداخلي لـلحرس الوطني السعودي هو أوسع بكثير من القوات البالغ عددها 100 ألف  جندي يعمل ربعها على الأقل جزءاً من الوقت فقط. كما يعمل «الحرس» كمنظمة رعاية اجتماعية لقبائل البدو في المملكة لكي يضمن ولاءهم لآل سعود.

ولفت هندرسون إلى أن ممتلكات السعودية من النفط والثروة الناتجة عنها جعلت من المملكة عضواً مهماً ضمن دول مجموعة العشرين. وعلى الصعيد الأيديولوجي، كان الملك عبد الله صوتاً مهماً في تصوير المتطرفين المسلمين كـ «منحرفين» وليسوا مسلمين حقيقيين حسب التعبير السعودي.

وقال إن تشجيع الرياض على الاحتفاظ بهذه الوظائف أصبح هدفاً سياسياً مهماً لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حتى إذا كان هذا الهدف لا يزال غير مكتمل بعد، مشيرا إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية في منتصف نوفمبر الجاري أكدت وجود مراجع في الكتب المدرسية السعودية تسئ إلى الأديان الأخرى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية