واصل الناخبون السودانيون اليوم الثلاثاء، الإدلاء بأصواتهم في اليوم الثالث من أول انتخابات قائمة على التعدد الحزبي في السودان منذ عام 1986 ، حيث كان قد تم تمديدها حتى بعد غد الخميس عقب مشاكل كبرى في عملية التصويت.
ومن المفترض أن تؤذن هذه الانتخابات ببدء حقبة جديدة من الديمقراطية في السودان الذي يتعافى الآن من حرب أهلية دامت عقوداً بين الشمال الذي يمثل فيه المسلمون الغالبية، والجنوب الذي يتألف معظم سكانه من المسيحيين والوثنيين وكذلك من الصراع في إقليم دارفور الواقع غربي البلاد.
لكن هذه الانتخابات التي بدأت أمس الأول الأحد عكر صفوها مقاطعة الأحزاب لها وكذلك مشاكل تتعلق بتسليم البطاقات الانتخابية وتسجيل الناخبين.
وأعلنت المفوضية القومية للانتخابات في السودان أمس الاثنين، عن تمديد الانتخابات بعد أن طالب الحزب الرئيسي في جنوب السودان وهو حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان بتمديدها لمدة أربعة أيام.
وقال «باقان أموم» الأمين العام لحزب الحركة الشعبية لتحرير السودان، "لقد تسببت المفوضية القومية للانتخابات في حدوث الكثير من المخالفات والتأخيرات في تسليم البطاقات الانتخابية فضلاً عن عدم تسجيل غالبية الناخبين في القوائم الانتخابية بالجنوب".
يذكر أن عدد الناخبين المسجلين في كشوف الانتخابات يبلغ 16.5 مليون ناخب، وكان من المتوقع على نطاق واسع مواجهة مشاكل، وذلك يعود في جزء منه إلى ضخامة وسوء البنية التحتية لأكبر بلد أفريقي من حيث المساحة، وكان المراقبون الدوليون قد دعوا إلى تأجيل الانتخابات بسبب مسائل تنظيمية.
وقد أثر انسحاب مرشحي المعارضة الرئيسية على مصداقية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية حيث أعربوا عن اعتقادهم بأن الانتخابات سوف يشوبها أعمال تزوير لمصلحة حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
ويعد فوز الرئيس عمر البشير بالانتخابات الرئاسية أمراً مؤكداً بعد مقاطعة الأحزاب للعملية الانتخابية، أما في الجنوب فمن المتوقع فوز «سلفا كير» زعيم جنوب السودان الذي يتمتع بالحكم الذاتي.
وقد وجهت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمنظمات الحقوقية انتقاداً للحكومة السودانية بسبب سوء التحضير للانتخابات وأسلوب إدارتها لها، ومع ذلك يزعم البشير الذي تولى السلطة في انقلاب أبيض عام 1989 أن الانتخابات تتسم بالمصداقية.
ويقول المحللون إن الخرطوم ترغب بشدة في تحقيق الشرعية للبشير المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بزعم ارتكابه جرائم ضد الإنسانية في دارفور .
وقال أموم إنه ثبت خلال الأيام القليلة الأولى من التصويت قيام حزب المؤتمر الوطني بسرقة الأصوات، وتابع قائلاً، "هذه (الانتخابات) ليست حرة ونزيهة . وهي لا تعتبر بأي شكل جديرة بالمصداقية في شمال السودان أو دارفور".
ويقول الكثير من المراقبين إن الانتخابات في الإقليم شابها أعمال تزوير لمصلحة البشير وحزب المؤتمر الوطني عن طريق تجزئة الدوائر الانتخابية والرشوة والتلاعب بالأرقام الإحصائية .
يذكر أن الاتحاد الأوروبي سحب مراقبيه من الإقليم بدعوى ارتفاع المخاطر الأمنية بصورة كبيرة . غير أنه لم ترد أي بلاغات عن وقوع أعمال عنف في دارفور منذ بدء التصويت.
ويقول المحللون إنه من غير المحتمل حدوث أية اضطرابات كبرى مرتبطة بالانتخابات لكنهم حذروا من أن أي تأجيل للاستفتاء حول استقلال جنوب السودان والمقرر إجراؤه في يناير 2011 طبقاً لاتفاق السلام الموقع في عام 2005 والذي أنهى الحرب بين الشمال والجنوب قد يتسبب في اندلاع اضطرابات في البلاد.
يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة (يوناميد) أمس الاثنين، أن أربعة من أفراد القوة اختفوا في إقليم دارفور السوداني الذي تعصف به الحرب.
وقال «كمال سايكي» المتحدث باسم البعثة، "غادر أربعة من قوة حفظ السلام قاعدتهم في نيالا (بجنوب دارفور) وكانوا في طريق عودتهم إلى سكنهم أمس." وأضاف " ومنذ ذلك الوقت لم يشاهدوا أو تسمع عنهم أية أخبار."
وقال سايكي إنه لا يعرف ماذا حدث لأفراد حفظ السلام الأربعة الذين بدأوا رحلتهم لمسافة سبعة كيلومترات من القاعدة الى مقر سكنهم الساعة الرابعة عصرا (1300 بتوقيت جرينتش).
وأضاف "أبلغنا السلطات السودانية على الفور... ونسخر كل وسائلنا في الإقليم من أجل الحصول على معلومات عن مكان وجودهم."
وكان آخر رهينة أجنبي في دارفور وهو «جوتييه لوفيفر» الموظف بالصليب الأحمر الدولي قد أفرج عنه الشهر الماضي بعد 147 يوما في الأسر.