دون مقدمات.. بادرنا المهندس ممدوح حمزة بقوله، لن أتحدث عن دورى أو دعمى المتواضع فى ثورة 25 يناير، فلم أكن إلا مواطناً مصرياً يرغب فى أن تأخذ مصر مكانتها اللائقة، بشعبها وتاريخها، وإنما سأحاول التحدث عن بعض الوقائع، التى يمكن أن تفسر ما نحن فيه الآن، من اكتئاب وترنح، وما آلت إليه الثورة من نكسة، لنحدد بدقة من هم أعداء الثورة والمتآمرون عليها، ولم أكن فى حاجة لمنبر حزبى لكى أعلن موقفى وأمارس دورى وأعبر عن قناعاتى الوطنية من خلاله، ويمكننى القيام بهذا بنفسى ومع مجموعة من الوطنيين الذين يحبون هذا البلد، وبدأ الحوار بالحديث عن بداية التفكير فى ثورة يناير، وماجرى قبلها، ثم تداعى الأحداث بعدها حتى رحيل مبارك، وإحالة سلطة البلاد للمجلس العسكرى، لندخل إلى شهادة وتفاصيل تستحق التأمل فى الحوار التالى:
■ متى بدأت فكرة الثورة تراودك وما القناعات التى تحركت وفقا لها؟
- بدأت أفكر فى التحرك الإيجابى وليس فقط المعارضة الكلامية، بغرض التخلص الكامل من نظام مبارك، فى يونيو 2010، وكانت تلح على أغنية عبدالحليم حافظ «سكت الكلام والبندقية اتكلمت»، وأدركت أن الوقت حان للعمل على الإطاحة الكاملة سلمياً بنظام مبارك، وأن المعارضة الكلامية انتهى دورها، وعلى الجانب الآخر كان هناك من يفكرون بنفس الطريقة فكونت مجموعة صغيرة أطلقنا عليها اسم «تنظيم الوطنيين الأحرار» وأصدرنا أول بيان فى 23 يوليو 2010، ولو قرأت هذا البيان ستندهش وكأننا نستعجل مخاض الثورة بما رفعته من شعارات وأهداف، وأصدرنا البيان الثانى فى سبتمبر 2010.
■ كيف نشرت هذا البيان؟
- نصحت بعدم استخدام الإنترنت لأن عليه رقابة شديدة، وسافرت إلى إنجلترا ليومين، وكتبت البيان أنا وعبدالحكم دياب، فى أحد مطاعم لندن، ثم أعطيته للدكتورة أهداف سويف لمراجعته، وكلفت سكرتيرتى بالسفر إلى برلين وأرسلته بالبريد لمائتى عنوان، ومن ضمن العناوين التى تم إرسال البيان إليها كان عنوانى أنا، فاندهشت إذ لم تصلنى الرسالة، وبدأت أتشكك فى الأمر، وسألت بعض أصحاب العناوين الأخرى إذا ما كانت رسائل وصلتهم أم لا، واكتشفت أن الرسائل كلها لم تصل لأحد، وكان هذا خطأ من السكرتيرة إذا وضعت المائتى رسالة فى أظرف مماثلة وتم إرسالها من صندوق بريد واحد من برلين فكان من الطبيعى أن ينكشف أمرها فى البريد المصرى، فعدت إلى الإنترنت، وطلبت من رئيس تحرير جريدة يسارية مستقلة بأن يرسل لى ميلاً لـ4 آلاف شخصية وطنية مهمة فى مجال العمل السياسى، وأرسلت البيان إليهم جميعاً وكان بعنوان: «نداء إلى الوطن والمواطنين.. الاستقواء بالشعب»، وفى سبتمبر 2010 كان البيان الثانى بعنوان: «الطريق إلى العصيان المدنى».
■ ومتى حدث التعاون بينك وبين شباب الثورة؟
- منذ يوليو 2010 وبعض الشباب، طلب منى دعم حملة البرادعى للتغيير ورفضت لأنى رأيت أن الـ7 نقاط «مطالب البرادعى» ليست لتغيير النظام وإنما لتغيير أسلوب انتخاب الرئيس، ثم حضر شباب 6 إبريل (أحمد ماهر ومحمد عادل وعمرو عز الرجال) فى أغسطس، وحتى هذا الوقت كان أحمد ماهر يعمل معنا، وطلبوا منى مقرا يعملون فيه استعداداً لمظاهرة عيد الشرطة 25 يناير 2011، وأعطيتهم الفيلا الخاصة بى فى شارع قصر العينى واسموها المغارة، تلك كانت البداية قبل أن أشعر بالتغيير فى سلوك 6 إبريل (أحمد ماهر) أثناء الإعداد لمليونية اعتصام 8 يوليو، حيث تم تغيير الشعار من «الدستور أولا» بعد الاتفاق معى إلى «الثورة والشهداء أولاً» تحت ضغط الإخوان، ثم ترك ماهر الميدان فجأة، وبدون إخطارى، ولجأت لشركة فراشة لتنفيذ المظلة، وبعد الاتفاق على إلغاء مسيرة 23 يوليو 2011، فوجئت بمسيرة تهتف «يسقط يسقط حكم العسكر وأنا متأكد أن الإخوان هم اللى وجهوهم إلى ذلك، حيث يفاوضون المجلس العسكرى ثم يرسلون شباب 6 إبريل للهتاف ضدهم».
■ ما موقف السلفيين وتيارات الإسلام السياسى مما قمت به وهل دعموك أم لا؟
- بعد أسبوع من بدء اعتصام 8 يوليو 2011 فوجئت بهجوم شديد جدا من الجماعات الإسلامية والسلفيين والإخوان علىَّ، لم أستطع تفسيره فى حينها، ولكن تلقيت رسالة تليفونية من صديق لى مرتبط بالسلطة، طلب منى أن أكلمه من تليفون السائق الخاص بى، وكلمته فإذا به يطلب منى الذهاب إليه فى لندن لمقابلته، وأكد لى فى المقابلة أن سامى عنان يوم 12 أو 13 يوليو قال بالحرف: «ماحدش مبوظ مصر غير ممدوح حمزة» وهذا فسر لى العداء الشديد من قبل المجلس العسكرى وبدء حملة الهجوم والتشهير التى قامت بها الجماعات الإسلامية والسلفيون والإخوان معاً فى نفس التوقيت، وفسر هذا لى ما قام به رجل اسمه عاصم عبدالماجد حين وقف يوم 15 يوليو بعد يومين من كلام سامى عنان عنى ليقول فى مسجد الفتح هاتفا: «ممدوح حمزة باطل» علماً بأنه قال للدكتور أسامة رشدى القيادى بالجماعة الإسلامية، وهو صديق مشترك، أنه لا يعرفنى، ومعنى هذا أن الهجوم على جاء بناء على تعليمات بالطبع من عنان، وهذا فسر لى بالتالى العلاقة بين المتأسلمين وطنطاوى وعنان وما استتبع ذلك من حملات تشويه وهجوم متواصل على الثوار عموماً لقد خاض هؤلاء هجوما بلا هوادة لدرجة أنهم قالوا إننى حصلت على 4.2 مليون دولار من أمريكا، وهذا معناه أن جماعات السياسة المتأسلمة كان يحركها آنذاك سامى عنان.
■ وما مصلحة سامى عنان فى تحريك كل هذه الجبهات ضدك؟
- تعليمات من أمريكا من ناحية واعتقادهم بأننى أثير الشارع عليهم.
■ تخيلتك ستقول بتعليمات من جماعة مبارك؟
- جاءتنى شخصية رفيعة المستوى من السفارة الأمريكية، وقالت لى إنهم يتابعون أعمالى لكنهم يرون، الاتجاه اليسارى الذى اتخذته لا يناسب الثورة ولن يساعدنى على تحقيق أهدافها وأنهم يفضلون أن أتعاون مع اليمينيين مثل فلان وفلان!! «رجال أعمال» ثم دعانى فى يوليو 2011 المدير العام للأمن القومى الأمريكى فى السفارة، واعتذرت وقلت لهم إننى ممنوع من دخول أمريكا فكيف يتأتى لى قبول الدعوة فى سفارتها، وقد أتتنى الدعوة بعد مؤتمر مصر الأول فى 7 مايو 2011، والذى عقدته بقاعة المؤتمرات بأرض المعارض بمدينة نصر وأدنت فيه المجلس العسكرى وتحدثت عن «بوصلة المجلس العسكرى واتجاهها المعاكس للثورة»، وأيضاً عن دور أمريكا ومحاولة الوصاية على الثورة وعلى مصر، وقلت أمام الآلاف «يا أمريكا.. ارفعى يديك عن مصر».
■ وكيف تعاملت مع تعارض بوصلة المجلس العسكرى مع بوصلة الثورة؟
- أعتقد أن طنطاوى وعنان كانا ضد الثورة، ولم يتخلصا من مبارك نزولا على رغبة الجماهير، وإنما بمنطق «نتغدى بيه قبل ما يتعشى بينا» وبناء على موافقة من أمريكا، وساعدا وعززا عزل مبارك لأغراضهما الشخصية، لأنهما من أعداء الثورة الحقيقيين، ومكنا الإخوان تنفيذا لتعليمات أمريكا ثم خضعا للإخوان لكى لا ينكشفا ويتعرضان للمساءلة.
■ ماذا تفعل إذا ما كذب سامى عنان قولك: «ممدوح حمزة هو اللى بوظ مصر»؟
- سأقول فورا من قال لى إن عنان قال ذلك.
■ سامى عنان خارج الخدمة ولا خوف على من أوصل لك المعلومة فمن هو؟
- لن أقول فالرجل ائتمننى على سر، ولابد أن أحترم العهد بينى وبينه، وأذكر أنه فى أواخر أغسطس اتصلت بى سيدة أعرفها منذ كنت أتعامل مع مكتب الشلقامى للمحاماه وهى المحامية رقية سلطان، وأعرف هذه السيدة منذ 1992، واتصلت بى لتقول إن أناسا اتصلوا بها من القوات المسلحة ربما الشؤون المعنوية لتواصلها معى عبر موقعها على الفيس بوك، وفى الموقع كانت تقول إنها لا تدعم الثورة ولكنها تحب ممدوح حمزة، لأنه يقوم بما يقوم به لدواع وطنية وليس لدواع شخصية وأدخلوها غرفة اسمها «غرفة ممدوح حمزة» بها شاشات لمتابعة كل ما أفعله، وكل تحرك أقوم به، وقالوا لها إننى أخطط لعمل ما يوم 9 سبتمبر 2011، وأنهم مستعدون لتنفيذ ما أريده بشرط إيقاف ماسموه مخططاً، وقالوا لها اعرفى منه ما هى طلباته؟ وقدمت لها ورقة تتضمن 5 مطالب منها التطهير، والحد الأدنى والأقصى للأجور وتغيير قيادات البنوك، واتصلت بى ليلا تفيدنى بأنهم وافقوا على المطالب وقالت لكنك طبعت منشورات فى المطبعة الفلانية للدعوة إلى 9 سبتمبر فقلت لها لن أستخدمها فقالت «ممكن أخدها؟» قلت لها نعم وأخذت المنشورات من صاحب المطبعة، فى نفس الوقت اعتقدت أن الـ5 مطالب سوف تتحقق ولكن للأسف الشديد طلع كله كذب ومناورة سخيفة وحقيرة لإيقاف ما خططنا له.
■ ما الذى كنت تنوى فعله فى التاسع من سبتمبر 2011؟
- كنا رتبنا أمورنا على القيام بإضراب شامل لمدة يوم أو يومين بدلاً من العصيان المدنى كمرحلة أولى لكن العسكريين لم يفوا بالوعد فلما كلمت المحامية قالت لى: هم ضحكوا على أنا كمان، ثم وقعت بعد ذلك أحداث محمد محمود وحريق المجمع العلمى، وغيرها من الأحداث المؤسفة، وفوجئت ببلاغ للنائب العام يفيد بأننى اعتديت على مبانٍ حكومية وخاصة، واعتديت على الشرطة والقوات المسلحة وقمت بحريق المجمع العلمى: «وعدينا منها والحمد لله»، وبعد ذلك فوجئت بتسجيلات صوتية تتعلق بالإضراب العام الذى كنت أنوى تنظيمه فى 9 سبتمبر وتخليت عن تنظيمه نزولاً على وعدهم لى بأنهم سيحققون المطالب الـ5، إذن فمن أخرج هذه الاسطوانات أليس المجلس العسكرى؟ وهذا تم بالاتفاق مع الإخوان لأن أول موقع نشر هذه الأسطوانة هو موقع وهمى أنشئ قبل نشرها بساعتين ثم نشرها بعد ذلك موقع إخوانى مباشرة.
■ لكنك قبلت دعوة المجلس العسكرى لحضور لقاء مع أعضائه مثلما فعل آخرون ممن شاركوا فى الثورة؟
- نعم حدث هذا بعد مؤتمر مصر الأول مايو 2011 اتصل بى اللواء العصار من المجلس العسكرى وقال إن المجلس يقوم بعقد لقاءات مع شخصيات وطنية فاعتذرت مرتين، ولم يمكننى الاعتذار فى المرة الثالثة، وسألته من سيحضر معى؟ فقال لى: مجموعة أسماء ممن أحترمهم وأحبهم، وعرضت اسم الدكتور نور فرحات والدكتور فكرى فهمى، وهما من فقهاء القانون، وفى تلك الجلسة كان اللواء عبدالفتاح السيسى حاضرا، وكانت جلسة ساخنة لدرجة أن السيسى قال لى أنت تستخدم أسلوب الإرهاب فى المناقشة، حينما طالبت بطريقتى أن يكون الدستور أولا، وسجلت اعتراضى بشدة على الحلول الوسط التى تقدم بها الدكتور نور فرحات، وأتذكر أيضا ردى على اللواء السيسى حينما قال إن الجيش كان ضد «التوريث» وكان ردى أن الفريق عنان كان مع التوريث، وفوجئت بأن أحدا لم يعلق أو يدافع عن عنان، أما اللقاء الثانى فكان فى 11 يوليو 2011 بعد المؤتمر الصحفى الذى عقدته فى الميدان، وطلبنى اللواء الروينى وقال: «هات طلباتك التى تحدثت عنها فى الميدان لنتناقش حولها» وفى هذه المرة اصطحبت معى جورج إسحق وعبدالله السناوى وأحمد بهاء الدين شعبان، وتكلمت بصراحة لدرجة أن أحدهم قال لى مازحا: «إحنا ممكن نقبض عليك فوراً»، ويسأل من ذكرتهم عن هذا، وقلت وقتها: «ماتنسوش إن سامى عنان هو رجل أمريكا الأول فى مصر طبقاً لجريدة نيويورك تايمز بتاريخ 11 مارس 2011، إزاى أطمن لكم وأقترح أن يعودوا للثكنات على أن يعين أكبر الأعضاء سنا للقيام بمهام رئيس الجمهورية مؤقتا، ويعين أصغر الأعضاء سنا وزيرا للدفاع، وأرسلت هذا الطلب كتابة يوم 19 يوليو 2011»، وكان هذا اللقاء فى عقر دارهم، أما اللقاء الثالث فجاء حينما أرادوا تأسيس مجلس استشارى بناء على فكرة طرحتها، وحين حضرت وجدت معظم المدعوين فوق السبعين، وكان الدكتور مرسى مدعواً، وطرحت ألا يشارك فى هذا المجلس أى شخص فوق السبعين، وطبعا قلبوا الدنيا على وبالذات الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، وفى النهاية اقترحت أن نقول رأينا فى كل الأمور المتعلقة بمطالب الثورة وليس على ما يتم عرضه علينا فقط من قبلهم طبقاً للائحة قدمها الدكتور سليم العوا، وطلبوا التصويت فلم أحصل إلا على صوتى أنا فقط فاعتذرت عن المجلس الاستشارى وانصرفت، ومنذ ذلك الحين حدث ما يشبه القطيعة بينى وبين المجلس العسكرى.
■ هل التقيت أحدا من المجلس العسكرى بعد ذلك؟
- كانت هناك لقاءات بعسكريين وليس باعتبارهم من المجلس العسكرى، الأول بناء على مكالمة تليفونية من اللواء الروينى آخر شهر مايو 2011، ودعانى لاجتماع معه استغرق 6 ساعات متصلة، قال خلالها عدة نقاط مهمة منها أنه أخرج قصاصة صحيفة وقال: «اتفضل آدى أحمد زويل بيقول إنه فى عهده لن يكون هناك فساد»، وأكد على كلمة «فى عهده» وقال لى إننى أحصل على أتعابى بالملايين من الطريق الصحراوى، وأحولها لدعم الميدان، وأكد أن المجلس العسكرى لن يسلم البلد للإخوان، وقال بالحرف هو «إحنا نخرج مبارك علشان نجيب الإخوان»، وقلت ولو حصلوا على أغلبية فى البرلمان القادم؟ فقال سنحله وبعد هذا الاجتماع تم وقف أتعابنا الاستشارية فى مشروع الطريق الصحراوى، وتم تحويل المشروع إلى نيابة الأموال العامة، وإلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وآخر نقطة أثيرت فى الاجتماع كانت حول الملتحين المسلحين الذين كانوا موجودين على أسطح عمارات ميدان التحرير، وتمخض هذا الاجتماع عن تحديد موعد لبحث مسألة المحاكمات العسكرية للثوار، لأنها كانت مشكلة فى ذلك الوقت، وللأسف الشديد تمخض الاجتماع عن مقال كتبته صحفية فى صحيفة «الفجر»، ولم تكن حاضرة الاجتماع تضمن وقائع لم تحدث، وعندما صرحت بأن المقال يعج بالأخطاء انقلبت الدنيا وأصبحت موالياً للمجلس العسكرى.
■ هل توجد دلائل كافية عن تحالف المجلس العسكرى مع الإخوان بموافقة أمريكية، وأنهم باركوا رئاسة مرسى، وأن شفيق هو الذى نجح؟
- لا توجد بيانات موثوق بها تؤكد هذا، لكن ما نسمعه خلف الكواليس ومن الجهات التى يمكن أن نثق فيها أن مرسى حصل عدديا على أصوات أعلى بنسبة قليلة جداً ولكن كان هناك أكثر من 600 بلاغ على انحرافات انتخابية وتزوير، ولو تم التحقيق فيها لكانت ألغيت الانتخابات بمرحلتيها.
وإن ما أقطع به- وفقاً لمعلوماتى- أن أمريكا أرسلت أحد رجالها فى مصر وهو ممن هبطوا علينا مؤخرا دون تاريخ نضالى، وقابل المشير طنطاوى فى مكتبه الساعة 9 ليلا قبل ظهور النتيجة بـ36 ساعة، وقال له: «أمريكا بتقول لك طلع النتيجة كما هى بأرقامها ولا تعر اهتماما للبلاغات».
ولو كان هناك عدل واحترام للثورة ولمصر لكان رفض طنطاوى الطلب الأمريكى، وأمر بالتحقيق فى البلاغات، وهذا دليل قاطع على أن أمريكا تريد الإخوان، بالإضافة إلى كل أقوال كلينتون والبلاغ المقدم فى الكونجرس حول الأموال التى حصل عليها الإخوان من أمريكا لدعمهم كل هذا لايحتاج لدليل أو إثبات، وحين حضر جيمى كارتر إلى هنا قال إن التجاوزات فى الانتخابات الرئاسية كانت بسيطة، وحينما عاد إلى أمريكا قال هناك تجاوزات خطيرة، بالإضافة إلى بدء دفع فاتورة التمكين من قانون تنمية سيناء، وعمل دستور يسخر مصر للرأسمالية المسعورة، وبيع أراضى مصر وأراضى سيناء للأجانب مع إمكان تغيير الحدود.
■ وما مصلحة الأمريكيين فى مجىء مرسى والإبقاء عليه؟
- مصالح، فهناك وعد من أحد الطرفين أن يكون خادما للآخر «هو حد لاقى خدامين فى الزمان ده؟» وبالذات مع موضوع حل القضية الفلسطينية على حساب أرض مصر، وتمكين الرأسمالية والشركات المتعددة الجنسية من الاقتصاد كما أوهمهم بأنه يمتلك الشارع، وإن اتضحت الصورة حاليا أمام الأمريكيين وهى أن الإخوان لايملكون الشارع، بالقياس للإجماع الوطنى، كما لايمكنهم الوفاء بما يعدون به.
■ هل يمكن للرئيس و«الإخوان» تحرير القدس مثلما عهدناهم يهتفون: «ع القدس رايحين شهداء بالملايين»؟
- عليه أن يحرر ميدان التحرير أولاً.
■ لماذا تعادى الإخوان رغم أنهم كانوا أحد الفصائل التى شاركت فى الثورة؟
- «ده الكلام اللى ما أحبش أسمعه» أنا لا أعادى أحداً، لكنى أقول وجهة نظر خلاصتها أن الإخوان نقمة على مصر وحدودها واقتصادها وهويتها، وليس لهم علاقة بالثورة، ونزلوا ميدان التحرير بعد انهزام «الداخلية» ليلة 28 يناير، وكانوا يقبضون على البعض، ويعذبونهم فى شقق حول الميدان، وتفاوضوا مع عمر سليمان والمجلس العسكرى، وقالوا لهم: «أعطونا السلطة فى مقابل تهدئة الشارع» وأحدهم اتصل بى وقال لى: «كفاية بقى يا دكتور ارفع المنصة الراجل خلاص مشى».
■ من قال لك هذا؟
- الدكتور سليم العوا، وقال طالما تنحى مبارك علينا أن نخلى الميدان، هذا ما يريده الجيش، والكلام ده كان 12 فبراير بعد التنحى بيوم، لأنهم كانوا متفقين فى أول اجتماع عقد بين عمر سليمان والإخوان قبل التنحى، ونقل هذا الاتفاق بالكامل للمجلس العسكرى.
وهل يمكن أن تقول لى لماذا لم يرفع إخوانى واحد، ولو على سبيل الخطأ، قضية على مبارك أو أحد الفاسدين الطلقاء أو حتى السجناء؟!، ولا أرى فارقا بين مكتب الإرشاد والمجلس العسكرى ممثلا فى «طنطاوى وعنان»، وأنا لا ألوم باقى المجلس بقدر ما ألوم «طنطاوى وعنان»، حيث باقى الأعضاء عليهم السمع والطاعة كعرف عسكرى، فهذا مرشد وذاك مشير قلق على مصالحه.
■ وما مصالح المشير طنطاوى؟
- شوف مصنع الأسمنت فى سيناء مين اللى عمله ومين كان وكيل الشركة المنفذة غير الأراضى والفيلات، وكيف أدار شركات الجيش، ولقد أحنى رأسه للريح لهذا السبب، وعلى فكرة أنا حين أقول رأيى لا أقيم حسابا لأحد، ولعلنى أذكر عبارة قالها فيلسوف وردت فى أحد كتب سلامة موسى حين قال له البعض إن العالم كله سيكون ضدك بسبب آرائك، فقال لهم: وأنا ضد العالم.
■ ما رأيك فيما قيل عن ضلوع الإخوان فى موقعة الجمل؟
- محتمل، لكن موقعة الجمل 3 مواقع وليست واحدة، الأولى دخول الجمال والخيول، وهذه كانت «لعب عيال وأخذوا علقة ساخنة»، ثم التراشق بالحجارة طوال الليل حتى الفجر، ونجم عنها إصابات كبيرة، لكن لم تنتج عنها وفيات، ثم بداية ضرب القناصة الثوار من أعالى العمارات ما أدى إلى 19 حالة وفاة، وتلك المأساة هى التى تحيط بها الشكوك.
حول دور الإخوان وضلوعهم فيها وأول شخص أكد لى هذه الشكوك هو اللواء حسن الروينى فى اجتماع الـ6 ساعات المشار إليه، وقال إن أحد الضباط قال لأحد كوادر الإخوان: لو مانزلتوش الأخ أبودقن ده من فوق «أنا ح أنشه» فرد عليه الإخوانى ولا أذكر إذا كان البلتاجى أو صفوت حجازى قائلا: «أنا ح أنزله»، كما أن هناك سيدة عربية تسكن إحدى شقق عمارات التحرير ذكرت لى أن أناساً بلهجة عربية طلبوا منها استخدام البلكونات وسطح العمارة، وأعطوها الأمان فتركت لهم البيت، وذهبت إلى الساحل الشمالى، ويحتمل أن يكون الإخوان ضالعين فى هذا بأسلوب «الاستعانة بصديق».
■ ما حكاية الدعم اللوجيستى للثوار حيث نشر على بعض المواقع أنك وفرت «ملابس داخلية» للبعض فى الاعتصام السابق؟
- قصة الملابس الداخلية هى أنه بعد 8 أيام من الاعتصام جاءنى أحد أبناء المحافظات وأنا جالس فى مقهى المشربية بميدان التحرير الساعة 8 صباحا، وقال لى إنهم منذ أسبوع لم يتمكنوا من الاستحمام أو تغيير ملابسهم، وأعطانى قائمة بما يحتاجونه وهذه القائمة مازالت لدى، وكانت تتضمن 100 بشكير و100 صندل و100 قطعة غيار داخلى، وأنشأنا حمامين مثلما فعلنا فى الـ18 يوماً الأولى لأبناء المحافظات، واشتريت لهم ما يريدون والمفترض ألا يسخر أحد من هذا، بل أستحق عليه الشكر، فتلك احتياجات حرصنا على تلبيتها منذ الأيام الأولى للثورة، ومنها الخيام والبطاطين، والحقيقة هنا أن أحدا قام بالتسجيل لى دون إذنى أو علمى وأنا أكلم المكتب أطلب منه شراء هذه الأشياء، وهذه جنحة لمن يصورنى فى الخفاء: واللى عايزين يتريقوا المرة الجاية فى اعتصام 25 يناير أقول لهم إنه ستكون هناك مطابخ كاملة: «بدل الجبنة النستو» وهنا أوجه الدعوة للثوار للاعتصام بالمحافظات أمام مراكز الحكم لكى نؤكد على «لا مركزية الثورة».
■ وما الرسالة التى تريد توجيهها للثوار؟
- أقول لهم لقد عبرنا القناة، ولم يبق غير خط بارليف، وكلنا يعلم أن خط بارليف سقط بالمياه، وليس بالدم أو بالنار.