سيرته السياسية دائماً مغلفة بالدهشة لمن يتابعها ويتأملها، لكن الأكثر دهشة أنها لا تدهشه شخصياً لأن ما تعرض له يعتبر ثمناً بسيطاً دفعه عن طيب خاطر دفاعاً عن قناعاته وما يعتقد من أفكار وآراء، ويعرف تماماً أن التغيير يتطلب قدراً من التضحيات لا يقدر عليها إلا المتجرد من ذاته حباً فى الوطن.
دفع الدكتور حسام بدراوى الثمن مرتين: الأولى قبل ثورة يناير فى مواجهة قيادات الحزب الوطنى المنحل، رغم أنه كان أحدهم، وتصدوا دائماً لأفكاره وآرائه الداعية لضرورة إصلاح الحزب من الداخل، والانتقال بالحياة السياسية المصرية إلى مزيد من الديمقراطية، ودفع بدراوى الثمن ثانية بعد الثورة بعد تصنيفه واحداً من قيادات الحزب الحاكم الذى قامت الثورة عليه.
لم يظهر حسام بدراوى المولود عام 1951 على سطح الحياة السياسية قبل عام 1995 عندما خاض الانتخابات البرلمانية عن دائرة قصر النيل وخسر المعركة أمام ياسين سراج الدين، القطب الوفدى الراحل، المدعوم وقتها من النظام الحاكم، فى إطار تفاهماته مع أحزاب المعارضة لإنجاح بعض مرشحيها فى البرلمان لزوم الديكور الديمقراطى. قبل ذلك التاريخ تفرغ بدراوى لدراسته بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية إلى أن حصل على الدكتوراه فى الطب وأصبح أستاذاً ورئيس قسم النساء والتوليد بكلية طب قصر العينى.
وفاز بدراوى فى محاولته الثانية لدخول البرلمان عام 2000، وانضم للحزب الوطنى وتولى رئاسة لجنة التعليم والبحث العلمى فى مجلس الشعب، ومن خلال موقعه وضع رؤية شاملة لإصلاح التعليم و البحث العلمى فى مصر.
أسس «بدراوى» جمعية لمكافحة الفساد عام 2004، وأطلق تحالف «أمل» فى إطار مكتبة الإسكندرية بعد انتخابه عضواً فى مجلس أمناء المكتبة لإعلاء مضمون مكافحة الفساد ودعم الشفافية، وأمام تمسكه بآرائه الإصلاحية واجهه قيادات الحزب المنحل بتماسك أقوى، ورتبوا لإسقاطه فى الانتخابات البرلمانية عام 2005، وضربوا نفوذه السياسى داخل الحزب بالدسائس والوشايات ضده لدى الرئيس السابق مبارك ونجله جمال الوريث المحتمل للرئاسة وقتئذ.
وبعد ثورة يناير شغل بدراوى منصب الأمين العام للحزب الوطنى، خلفاً لصفوت الشريف لمدة 5 أيام فقط، وبعدها قدم استقالته لاختلافه مع قيادات الحزب فى طريقة التعامل مع ثورة الشباب.
ونجحت الثورة، وتصدر حسام بدراوى أكثر من مشهد خلالها مثل حرصه على نقل الناشط وائل غنيم بسيارته إلى منزله عقب الإفراج عنه بعد اعتقاله يوم 27 يناير لمدة 10 أيام، وكان المشهد الأكثر وضوحاً عندما اقترح على الرئيس مبارك التنحى بمجرد اشتعال الثورة، وهو الاقتراح الذى قام بسببه عمر سليمان بطرده من قصر الرئاسة بمجرد انتهاء مقالته مع الرئيس السابق، ومع ازدياد حدة المظاهرات تم استدعاؤه لمقر الرئاسة لأخذ رأيه فى التعامل مع الحدث، ولكن بعد فوات الأوان.
وغاب حسام بدراوى عن المشهد السياسى بعد الثورة حتى لا يطاله رذاذ تهمة الانتماء للنظام السابق رغم دوره معارضاً من قلب ذلك النظام.