عانى الأشخاص ذوو الإعاقة، كغيرهم، قبل الثورة من التهميش والشعور بالنقص فى الحقوق والخدمات، وتعالت أصواتهم قبل الثورة للمطالبة بالحق فى العمل والسكن المناسب، والتعليم وتوفير وسائل التعليم المناسبة لكل إعاقة، بالإضافة إلى النضال من أجل وجود قانون لذوى الإعاقة، ومباشرة حقوقهم السياسة، فبدأت تظاهرات المعاقين بقوة للمطالبة فى عام 2009 أمام محافظة القاهرة بتوفير الحقوق الأساسية لذوى الإعاقة وأن يكون لديهم مجلس أعلى لشؤون ذوى الإعاقة مستقل ويقوم عليه المعاقون والنشطاء من ذوى الإعاقة.
وبعد قيام الثورة فى 25 يناير 2011 والأشخاص ذوو الإعاقة هم شريك أساسى فى ميدان التحرير حتى رحيل النظام وبعد التنحى مباشرة توالت الإضرابات والاعتصامات على مستوى محافظات الجمهورية للمطالبة بحقوقهم الأساسية، ومحاولة توصيل أصواتهم إلى المسؤولين، ولكن قابل المسؤولون هذه المطالبات بمجرد وعود فقط ففى شهر مارس 2012 تم تجاهلهم فى التشكيل الأول للجمعية التأسيسية للدستور، وكذلك الحال فى التشكيل الثانى فى شهر يونيو، ولكن مطالبهم استمرت بالتواجد فى جلسات الاستماع وهو ما حدث بالفعل وأن يكون لديهم مادة فى الدستور تنص على إلزام الدولة بحقوقهم الأساسية.
لم تتوقف احتجاجات الأشخاص ذوى الإعاقة بل استمرت طوال العام، وكان أبرزها اعتصام عدد من ذوى الإعاقة فى العاشر من أكتوبر الماضى أمام قصر الاتحادية، وهو ما تعرض للفض بالقوة، ثم تم تعليقه بعد لقائهم رئيس الجمهورية، وكان من أبرز مطالبهم تفعيل نسبة الـ5% وزيادة نسبة تمثيل المعاقين بالمجلس القومى للمعاقين حيث يبلغ عددهم أربعة أفراد فقط.
لكن ذلك لم يمنع تكرار تظاهرات واعتصامات المعاقين للمطالبة بالحصول على فرصة عمل وذلك على مدار العام فى محافظات: سوهاج والدقهلية والشرقية وأسيوط والفيوم والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والمنيا.
لم يقتصر التمييز والتهميش للمعاقين إلى هذا الحد بل وصل إلى حد أن اللجنة العليا للانتخابات تصفهم «بذوى عاهات» حيث جاء بالبند التاسع من دليل الناخب، والصادر من اللجنة العليا للانتخابات، بوصف ذوى الإعاقة بأنهم (ذوى عاهات) وبعد وقفات احتجاجية اعتذرت اللجنة العليا للانتخابات عن هذا الخطأ ووصفتهم بـ«ذوى إعاقة» وقد نجح ذوو الإعاقة فى توصيل أصواتهم للمطالبة بحقهم فى الترشح لمجلس الشعب وبالفعل ترشح أكثر من 20 من ذوى الإعاقة ضمن قوائم الأحزاب ووصل واحد من حزب النور إلى برلمان 2012 الذى صدر قرار بحله.
بالإضافة إلى أن الصم والبكم حصلوا على حكم قضائى بأحقيتهم بأن يستقدموا مترجم إشارة للترجمة أمام الشهر العقارى والمحاكم والنيابات لتمكين المعاق من التعبير عن نفسه إلا أن هذا الحكم لم ينفذ حتى الآن.
حتى إن المادة 72 الخاصة بالمعاقين فى الدستور الجديد الذى تم إقراره بموجب الاستفتاء لم تحقق لذوى الإعاقة ما كانوا يأملونه، لعدم توافقها مع الاتفاقية الدولية التى وقعت عليها مصر عام 2007، فكان رد فعلهم النزول إلى الشارع للتظاهر على كوبرى قصر النيل فى المكان الذى بدأوا فيه نضالهم قبل الثورة إلا أن المطلب الوحيد الذى تحقق على أرض الواقع هو تأسيس مجلس أعلى لشؤون ذوى الإعاقة برئاسة دكتوره هالة عبدالخالق، والذى أبدى تحفظه على المادة 72 من الدستور، وتلقى وعداً من الرئاسة بتعديلها فى المذكرة التفصيلية.
أما ريهام المصرى رئيس جمعية «7 مليون معاق»، تقول: «قبل الثورة كنا بنحارب للحصول على الحق فى التشغيل وتفعيل نسبة 5% والسكن الملائم والتعليم وخرجنا فى مسيرات واعتصمنا أكثر من 90 يوماً أمام محافظة القاهرة ولم يقترب الأمن منا ولم نتعرض لأى انتهاكات امنية، الغريب أنه بعد انتخاب الدكتور محمد مرسى رئيساً للجمهورية قررنا الاعتصام أمام قصر الاتحادية يوم 10 أكتوبر الماضى لتوصيل أصواتنا له وتعرضنا للضرب والسحل من قبل الأمن وعلى الرغم من أننا تمكنا من مقابلة الدكتور محمد مرسى إلا أن كل الوعود التى وعدنا بها لم تنفذ حتى الآن وهذا ما لم نكن نتخيله بعد الثورة».
أشارت المصرى إلى أن الإيجابيات بعد الثورة تتلخص فى وجود وعى حقوقى لدى المعاقين أنفسهم وأصبحوا ممثلين لأنفسهم ويتحدثون عن أنفسهم، ويميزون بين الأشخاص المستغلين لقضايا الإعاقة وغير المستغلين وأصبح المعاق أكثر حرصاً على المشاركة السياسية.
وأوضحت أنه بعد الثورة أصبحت هناك لجان فى الانتخابات مخصصة للمعاقين ويتم تخصيص مساعد للمعاق أثناء الإدلاء بصوته ومترجم إشارة حتى إن الصم حصلوا على حكم قضائى يمكنهم من استقدام مترجم إشارة لإجراء أى تعاملات حكومية، ولكن مع الأسف لم ينفذ هذا الحكم، بالإضافة إلى السماح بتأسيس جمعيات أهلية يقوم على إدارتها ذوى إعاقة.
وبالنسبة للمشكلات تقول المصرى: «الهم الكبير للمعاقين يتمثل فى التعليم خاصة مدارس التربية الفكرية والصم والبكم فمازالت سيئة جدا وتعانى من نقص الإمكانيات وأيضا العلاج والسكن المناسب، كل هذه القضايا لم نر منها إلا وعودا فقط من المسؤولين».