لم يكن الأطباء أفضل حالاً عن غيرهم من فئات المجتمع، وربما تحول وضعهم «السيئ» إلى «الأسوأ» بعد ثورة يناير، وفقاً لتأكيدات معظمهم، لعدة أسباب أبرزها تنامى ظاهرة الاعتداء على المستشفيات، التى لم تكن موجودة قبل الثورة بهذه الكثافة، بينما تكرار الاعتداء عليهم فى ظل تقاعس أجهزة الأمن عن حمايتهم، دفع الأطباء لأول مرة فى تاريخهم المهنى، لإطلاق حملة تطالب بالسماح لهم بترخيص السلاح، لحماية أنفسهم.
الاعتداء على الأطباء دفعهم إلى أن يقرروا فى جمعيتهم العمومية الدخول فى إضراب جزئى عن العمل فى أكتوبر الماضى، استمر لمدة 82 يومياً، وفى المقابل قررت الدولة إنشاء إدارة خاصة لتأمين المستشفيات بوزارة الداخلية، لكنها لم تُفعل حتى الآن، وفيما يتعلق بالوضع المادى للأطباء، مازالت رواتبهم ضعيفة، حيث يتقاضى على سبيل المثال الطبيب وليد الخولى، يعمل بمستشفى المنيرة لمدة 11 عاماً راتبه 672 جنيهاً شهرياً، وفقاً لمفردات راتبه.
نقابياً، يقول الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء، والقيادى فى حركة «أطباء بلا حقوق»، إن الأطباء بعد الثورة تحول حالهم من السيئ إلى الأسوأ، فمازالت رواتبهم ضعيفة رغم ارتفاع الأسعار وزيادة معدل التضخم، بينما زادت نسبة العبء النفسى عليهم نتيجة الاعتداءات المتكررة التى يتعرضون لها، يضاف إلى ذلك تراجع الإمكانيات الصحية وتدنى مستوى الخدمة فى المستشفيات، وزيادة المصاريف المادية المخصصة للدراسات العليا للطبيب وتراجع دعم الدولة لهم. ويرى، أن الميزة الوحيدة للأطباء بعد الثورة، هى زيادة مساحة الدور الذى تلعبه نقابة الأطباء فى التفاوض مع وزارة الصحة وأجهزة الدولة التنفيذية. ويقول الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة أطباء القاهرة: «مفيش مكاسب للأطباء بعد الثورة لأن أهم مطالبنا هى إعادة هيكلة منظومة القطاع الصحى من خلال وضع خطة واضحة تظهر آثارها خلال 5 سنوات، لكن الحكومة تتجاهل مطالبنا تماماً، وتتعامل معنا بـحالة من العند».
ويضيف أن الأطباء يطالبون برفع نصيب الصحة فى الموازنة من 4.7% إلى 15% تطبيقاً للاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر، وحتى الآن لم تضع وزارة الصحة أى جدول زمنى لتحقيق هذا المطلب، ومستمرة فى إدارة القطاع الصحى على طريقة النظام السابق. ويوضح أن الأطباء مازالوا يتقاضون رواتب ضعيفة تدفعهم للعمل فى 3 أو 4 أماكن للحصول على دخل يفى باحتياجاتهم المعيشية.
ويضيف: «مطلوب من الطبيب أن يؤدى عمله بتركيز فى مستشفى بلا إمكانيات، ويدرس بشكل متواصل ليطور من نفسه.. كل ذلك مقابل أجر هزيل». ويعتقد «الطاهر» أن تأخير تطوير القطاع الصحى الحكومى يرجع إلى «حرب» يشنها القطاع الصحى الخاص الذى يستفيد منه بعض كبار المسؤولين. رسمياً يرى الدكتور سعد زغلول، مساعد وزير الصحة للطب العلاجى، أن الأطباء لم يحصلوا على أى مزايا أو مكاسب إضافية بعد الثورة، مؤكداً أن الفترة المقبلة سوف تشهد تحقيق عدد من المزايا لهم على أرض الواقع ، تقديراً للجهد الذى يبذلوه فى إنقاذ حياة المرضى. ويضيف، أن ظاهرة الاعتداء على المستشفيات موجودة منذ «قديم الأزل» لكن ليس بالصورة الموجودة حالياً بسبب الانفلات الأمنى، مشيراً إلى أن إدارة تأمين المستشفيات التى استحدثتها وزارة الداخلية لم تقم بدورها حتى الآن، وأنه خلال الـ3 أو 6 أشهر المقبلة سوف يتحسن وضع أقسام الطوارئ والاستقبال بنسبة تتجاوز 50%. وفيما يتعلق بكادر الأطباء، يؤكد: «سوف يتم إقراره فى أسرع وقت عبر مجلس الشورى، وحينها سوف تتحقق العديد من المزايا للأطباء والعاملين بالقطاع الطبى».