بشرة سمراء وجرح غائر فى وجهها يشبه جروحاً أخرى فى ذراعيها.. تجلس مبتسمة لا بتالى بأى شىء إلا برضيع حديث العهد بالحياة تضمه لصدرها، اسمه عبدالرحمن، عمره 7 شهور تتواجد «غ.ع» البالغة من العمر «19 سنة» فى الشارع منذ 7 سنوات، اضطرت إلى الهرب من قريتها بمحافظة الشرقية إلى القاهرة لتستقر بميدان رمسيس لتصبح عضوة جديدة فى إمبراطورية أطفال الشوارع.
وحسب روايتها، فإن سبب هروبها من منزلها ضرب أبيها المبرح، فقد كان يريدها أن تلتحق بإخواتها فى مهنة التسول ليستولى هو على كل ما يجنونه طوال اليوم، ولا يبقى لهم سوى وصفهم بأنهم «شحاتين».
ظلت فى الشارع منذ وصلت إلى القاهرة حتى شهور الحمل الأخيرة، حيث ذهبت إلى إحدى الجمعيات الخاصة برعاية أمهات الشوارع، أو ما يطلقون عليها اسم «الأمهات الصغيرات» وهناك وضعت وليدها عبدالرحمن الذى لم تسجله حتى الآن، ليس لأنها لا تريد أن تبوح باسم الأب ولكن لأنها لا تملك شهادة ميلاد خاصة بها، وعندما ذهبت لأسرتها لعمل شهادة ميلاد وفوجئوا بها تحمل طفلها أوسعوها ضرباً ولكنها لم تستطع أن تخبرهم باسم الأب.
تتذكر «غ» وتضحك بصوت مرتفع، ثم تقول: «كلت حتة علقة، بس أنا كمان ضربتهم، مش هم اللى خلونى أقعد فى الشارع!»..
وتضيف: «ساعة الثورة كنت فى الشارع بهتف مع الناس وما أعرفش معنى الهتاف ده إيه، لكن كنت حاسة إن الناس دى صح، وأول يوم كنت فى رمسيس لاقيتهم بيهتفوا هتفت معاهم ومشيت معاهم». وترى أن هذه الثورة لم تحقق لها شيئاً، فرغم أنها الآن فى دار رعاية لكنها تذهب بين الحين والآخر لرؤية صديقاتها فى الشارع فى نفس المكان خلف مسجد الفتح، كما أنها أصبحت أماً لطفل بلا أب بعد الثورة.