حلموا دوما بيوم التخرج.. اعتبروه يوم عرس لأبنائهم، لِمَ لا وهو اليوم الذى طال انتظاره، لكن القدر لم يكن رحيما بهم، إذ جاءت أحداث الثورة لتخطف منهم فلذات أكبادهم، لتتحول معها الأحلام إلى آلام، حيث تستقبل أسر شهداء القوات المسلحة الذكرى الثانية للثورة بالبكاء على ألم الفراق.
«استدعى ليلة 2 فبراير 2011 وخرج يومها ولم يعد، وكان يستعد لكى يخطب وأعد قميصاً وكرافات كما هما حتى الآن».. بهذه الكلمات عبرت بهية على عبدربه عن آلام فقدانها ابنها النقيب محمد فؤاد عبد المنعم، ضابط سلاح المدرعات الذى استشهد فى أحداث وزارة الداخلية.
على الرغم من مرور عام على تاريخ استشهاده، فإن والدة الشهيد محمد مازالت تتذكر تفاصيل اليوم الأخير الذى ودعها فيه ابنها، قائلة: «أصر محمد على تلبية واجبه نحو الوطن بعد استدعائه منتصف الليل، قالى هذا واجبى وربنا ينصرنا، وهذه المرة بالذات أيقظ والده ليسلم عليه على غير العادة وطلب منى أن أنظر من الشباك وأودعه بعد نزوله».
الشهيد محمد، خريج الكلية الحربية دفعة 2008، كانت أمانيه أن يدافع عن بلده منذ الصغر وهو ما أوضحته والدته فى حديثها: «ابنى منذ الصغر كان نفسه يدخل الحربية كان حلمه أن يدافع عن بلده وكلنا فى البيت كنا بنأييده وفرحت فرحة كبيرة عندما تخرج، وكان نفسى أفرح به وهو عريس».
«أصبحت وحيداً ويتيماً من بعد محمد»، هكذا عبر أحمد فؤاد 23 سنة، شقيق محمد، عن مأساته لفقدان أخيه قائلا: «إحنا الاتنين كنا واحد ومحمد كان بالنسبة لى كل شىء، وزملاؤه جميعا يشهدون له بحسن الخلق، ولكن هو الآن فى دنيا أفضل».
ولا يختلف حال أسرة الشهيد نقيب محمد عن غيره من مئات أسر شهداء القوات المسلحة أثناء ثورة 25 يناير، وهو ما أوضحه والد الشهيد نقيب أحمد سمير رمضان الذى استشهد أثناء تأمينه قسم شرطة أطفيح، نتيجة لهجوم البلطجية على القسم لاستوقافه إحدى السيارات النقل فى أحد الأكمنة ومطاردتها وضبط كمية من المخدرات بها.
«فى آخر اتصال تليفونى بى طلب منى الدعاء وأكد لى أن مصر لن تركع أبدا وأن القوات المسلحة سوف تسلم الراية مرفوعة»، هكذا يتذكر والد الشهيد أحمد سمير رمضان آخر كلمات لابنه كأنها اليوم.
وعلى الرغم من مرور عامين على ثورة 25 يناير فإن أفراد وضباط الجيش مازالوا تذكرون يوم تلقى الأوامر فى 28 يناير 2011 بالنزول للشارع، عبدالحميد سند عبدالظاهر، أحد ضباط الصف بالمنطقة المركزية، روى لـ«المصرى اليوم» تفاصيل نزول الجيش للشارع.
وقال عبدالحميد: «نزلنا يوم 28 يناير 2011 أثناء أحداث ثورة 25 يناير، وقمنا بالحفاظ على ميدان التحرير من الخارج وتم تكليفنا فيما بعد بالفصل بين الشرطة والجيش، وكلفنا فيما بعد بتأمين وزارة الداخلية يوم 4 فبراير 2011 ضد أى اعتداءات، موضحا أن القوات المسلحة انحازت منذ البداية للشعب وحرصت على تحقيق أهداف الثورة».
دور الجيش أثناء الثورة سيظل راسخا فى أذهان جنوده وهو ما أكده ضابط صف عبدالحميد، مضيفا: «دورنا فى ثورة 25 يناير سيظل مبعث فخر لنا ولأولادنا مدى الحياة مثلما نتذكر حتى الآن دور أبطالنا وقادتنا فى حرب 73».
واتفق ضابط صف مطاوع سامى عبدالوهاب مع زميله عبدالحميد قائلا: «بداية نزولنا بدأت فى ميدان التحرير وقمنا بحماية الثوار والشعب كما قمنا بتأمين وزارة الداخلية، وكل الناس اللى كانت فى الميدان أهالينا».
وأضاف: «الجيش رأى أن الشعب كان على حق، قادتنا كانوا باستمرار معنا فى أماكن التأمين، وكنا حريصين على أقصى درجات ضبط النفس».
دور الجيش لم يتوقف على تأمين المنشآت الحيوية، بل ساهم فى تقديم المساعدات وحل الكثير من المشاكل أثناء الأزمات مثل أزمة العيش، وهو ما أكده الضابط صف مطاوع.