x

رامى جلال عامر يكتب: صديقى العجوز

الإثنين 11-02-2013 21:48 | كتب: اخبار |
تصوير : محمد الشامي

حضور جلال عامر فى ذكراه الأولى أكثر قوة وطغياناً من حضور كثيرين يحتفلون بعيد ميلادهم الستين أو السبعين، الرجل موجود بيننا ومؤثر وفاعل، جلال عامر يدير الأمور من خلف الستار، يعلق علينا ويضحك، يلقى بحكمه على أمل أن نتعلم يوماً ما، أنا لا يضايقنى غيابه، بل يسعدنى وجوده.. الشىء الوحيد الذى يؤلمنى، وسيظل معى إلى أن يحتضن جثمانى جثمانه يوماً هو غيابه عن اللحظة التى خططنا لها سوياً؛ يقول المسرحى الإغريقى الشهير سوفوكليس: «ليس هناك فرح أعظم من فرح الابن بمجد أبيه، ولا أعظم من فرح الأب بنجاح ابنه».. أذكر عام 2003، أول مرة نُشر اسمى على مقال، كان جلال عامر فرحاً وكأن اسمه هو قد نُشر فى أكبر جريدة عالمية.. قبل رحيله بثلاثة أيام، وقبل ساعات من دخولة المستشفى، دار بيننا آخر حوار، تنبأ لى فيه بمستقبل باهر وقال لى: «مفيش حد هيكون زيك»، ثم استطرد عن نفسه مع ابتسامه خفيفة: «وبكرة تعرفوا قيمة الراجل العجوز أبوشعر أبيض»!، لم أكن أعرف أن «بكرة» هذا سيكون بكرة بالمعنى الحرفى للكلمة! قلت له مبتسماً: «قيمتك معروفه يا جميل»، لكن أختى ريهام اجتذبت طرف الحديث

 وقالت: «ربنا يخليك لينا».. بعد أيام من الرحيل تذكرنا هذا النقاش وبكينا كثيراً.. الآن يا صديقى العجوز اختصر لى اسمك سنوات، واختصرت لى تعاليمك سنوات أخرى، وتم وضعى على الطريق وأصبح لى مكان على الخريطة.. ودائماً ما كنت تقول إنك بذرة تموت من أجل نمو الشجرة، فأرجو أن تكون سعيداً بفروع شجرتك المثمرة.. ورغم أنك علمتنى ودربتنى على أصول الكتابة وأسرارها، أجد نفسى عاجزاً عن وصفك.. يوماً ما قال أحد أبناء الرئيس الأمريكى تيودور روزفلت واصفاً أبيه: «كان أبى يريد أن يكون العروس فى كل زفاف والجثمان فى كل جنازة!!».. أما جلال عامر فكان يتبع الحكمة القائلة «إذا أردت أن تكون أولاً فكن آخراً».. صديقى العجوز نحن سنذكرك دائماً فأرجو ألا تنسانا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية