حمّل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، الرئيس محمد مرسى المسؤولية الكبرى عن الأزمة الحالية التى تعيشها مصر، لكنه انتقد أداء جانب من المعارضة، واعتبر أنها تتحمل بشكل أو بآخر جزءاً من الأزمة، متهماً بعض السياسيين بأنهم يعارضون الرئيس على حساب الوطن.
ورفض «أبوالفتوح»، فى حواره مع «المصرى اليوم»، دعاوى رحيل رئيس الجمهورية، واعتبرها انقلاباً على الديمقراطية ومبادئ ثورة 25 يناير، وقال إن الرئيس أتى باختيار الشعب، ويجب ألا يبتعد عن السلطة إلا «وفق الصناديق».
وشدد على أن حزبه لن ينضم إلى جبهة الإنقاذ الوطنى، مشيراً إلى أن فريقاً من المعارضين يستعين بفلول النظام السابق لمواجهة الرئيس، واعتبر أن القول بأن مرشد جماعة الإخوان المسلمين يحكم مصر فيه تزيد ومبالغة، لكنه فى الوقت نفسه قال إن عين الرئيس محمد مرسى مازالت فقط على حزبه وجماعته.
وانتقد «أبوالفتوح» الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، واعتبر أنها حولت الهيمنة العسكرية إلى
وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى المشهد السياسى الحالى؟
- مر عامان على قيام الثورة، وأنا أرى أن المشهد السياسى لا يسير للخلف، والشعب المصرى لن يسمح بالعودة للخلف مرة أخرى، لكن المشهد السياسى الحالى به إرباك وسوء أداء، وهذا الإرباك مسؤول عنه السلطة والمعارضة، ولكن المسؤول الأكبر عن هذه الحالة هم الموجودون فى السلطة.
■ لكن المعارضة ليس فى يدها القرار حتى تتحمل جزءاً من المسؤولية؟
- إننى أتحفظ على أداء جزء من المعارضة، ولا أتحدث عن الجميع، فعندما تؤدى ممارسات جزء من هذه المعارضة إلى حالة الاستقطاب التى نعيشها الآن فهى مسألة بأى حال من الأحوال لا يرضى عنها أحد، ونحن نرفض ذلك، سواء كان من طرف ممن هم فى السلطة من الأحزاب الإسلامية سواء الإخوان أو السلفيون، أو من الطرف الآخر المتمثل فى جبهة الإنقاذ، وهذا الاستقطاب الذى يشعر به الجميع يعطى رسائل سلبية فى الداخل والخارج بأن هناك انقساماً على الرغم من أنه انقسام نخبوى وغير موجود فى الواقع أو فى الوطن، فالمواطن يريد أن يعيش وهو ليس مشغولاً بالإخوان ولا السلفيين ولا بجبهة الإنقاذ، وكل ما نجنيه من هذا أنه بلاشك يعطى رسائل للخارج وللمستثمرين الأجانب وللسياحة بأن هناك انقساماً وبالتالى يؤدى ذلك إلى انعكاسات سلبية.
■ وأين مسؤولية رئيس الدولة عن ذلك؟
- بالطبع رئيس الدولة كان مسؤولاً عن علاج هذه المسألة، وله أيضاً دور أساسى فيما وصلنا إليه، إلا أن ثقتى فى وطنية الدكتور محمد مرسى ورغبته فى وصول مصر إلى بر الأمان تمنينى فى تجاوز أخطاء إدارته الحالية للبلاد، وتمنينى كذلك فى تغليبه مصلحة الوطن وحشد كل القوى الشعبية حوله كرئيس لكل المصريين.
■ وكيف تنظر إلى الإعلان الدستورى الصادر فى نوفمبر الماضى؟
- ليس الإعلان الدستورى هو السبب الوحيد فى وجود حالة الاستقطاب التى تعيشها النخبة السياسية، فهو إحدى الممارسات السيئة الأساسية التى أدت إليه، واعترضنا على الجزء الأكبر منه وأعلنا ذلك بوضوح فى مبادرتنا التى طالبت بسحب الإعلان مع الإبقاء على موضوع إبعاد النائب العام وإعادة المحاكمات وتفويض مجلس القضاء الأعلى فى اختيار النائب العام الجديد، ولكن حتى نكون أمناء فإن جزءاً من حالة الإرباك الحالية كان بسبب عام ونصف من إدارة سيئة للمجلس العسكرى وهى فترة تناساها الكثيرون، وانتهت بوضع دستور للبلاد أحدث حالة من الوصاية العسكرية على مصر، ورغم الغياب الظاهرى للمجلس عن المشهد السياسى إلا أنه من الواضح أنه مازال مؤثراً على هذا المشهد.
■ لكن الدستور الذى تتحدث عن أنه منح هيمنة كبيرة للعسكريين تم وضعه فى ظل حكم الدكتور مرسى وهيمنة «إخوانية» على التأسيسية؟
- وهذا أمر سيئ جداً، فالسبب الرئيسى لرفضنا الدستور بشدة داخل «مصر القوية» هو دسترة الوصاية العسكرية، لأنه خطر كبير على مصر أن تتم تلك العملية، فجمال عبدالناصر جعل الهيمنة العسكرية على مصر أمراً واقعاً، بعد حركة عسكرية قام بها الضباط الأحرار داخل الجيش، وما فعلته الجمعية التأسيسية «سامحها الله» أنها حولت الهيمنة العسكرية من أمر واقع إلى نصوص دستورية، بل الكارثة أن القضاء العسكرى الذى هو أصلاً قضاء استثنائى ولا يعد قضاء من الأصل وإنما مجلس تأديب خاص بالعسكريين وليس قضاءً عادياً، إذا بالجمعية تحوله إلى إحدى الهيئات القضائية فى الدولة، ومجرد النص على أن القضاء العسكرى إحدى الهيئات القضائية هو مصيبة وكارثة، فأى وكيل نيابة عسكرية برتبة ملازم أول يستطيع الآن أن يصدر أمراً بالقبض على شخص ويحيله للقضاء العسكرى بأى تهمة يراها مضرة بالقوات المسلحة، دون ضوابط القضاء العادى، وهو ما يحدث حالياً فى بعض قضايا المدنيين المعروضة على تلك المجالس العسكرية، فى حين أنه كان مطلوباً من دستور الثورة أن يحصر محاكمة المدنيين أمام المحاكم الطبيعية كما يحصل فى كل بلاد العالم التى تحترم شعوبها، كما أن هذه الدسترة منعت المحكوم عليه عسكرياً من الطعن الدستورى (كما كان يحدث فى عهد مبارك) على إحالته للمحاكمة العسكرية.
■ وما الفرق بين النصوص التى أتت فى الدستور والنصوص التى كانت واردة فى وثيقة الدكتور على السلمى؟
- لا يوجد فرق.. بل إن النصوص الموجودة فى الدستور أسوأ من التى كتبها الدكتور على السلمى.
■ وكيف ترى ذلك فى ظل حكم «الإخوان»، أشد المعارضين لوثيقة «السلمى» فى السابق، ولهذه النصوص تحديداً؟
- الغريب أن وثيقة السلمى كان من أول وأقوى المعترضين عليها نفس الموجودين فى الجمعية التأسيسية وصنعوا هذه المواد، وهم من فى السلطة حالياً.
■ وما تفسيرك لذلك: أن يعترض الإخوان على هذه النصوص، وهم خارج السلطة، ويوافقوا عليها وهم فى السلطة؟
- أرى أن هذا نتيجة تفاهمات تمت بين أصحاب الأغلبية فى الجمعية التأسيسية وبين المجلس العسكرى أو العسكريين، وهذا ليس لصالح مصر، ويسأل عنه الطرفان، والشعب المصرى يحب الجيش ويحافظ عليه، وأفضل شىء يحافظ على هذا الجيش هو أن شعبه يحبه لأنه جزء أصيل من هذا الشعب، فالجيش المصرى ليس جيشاً طائفياً مثل الموجود فى سوريا، أو يشكل عصابات للدفاع عن الدولة مثلما كان يفعل جيش القذافى، فجيشنا من الشعب المصرى، وسعى بعض أطراف المجلس العسكرى لهذه النصوص لم يكن لصالح مصر أو الجيش.
■ ولماذا استجاب الإخوان لذلك.. وهل هناك صفقة؟
- لا أستطيع أن أزعم بأنها صفقة، إنما أسميها تفاهمات، وأنا حزين وآسف لذلك، خاصة فى وجود شخصية مثل المستشار حسام الغريانى على رأس الجمعية التأسيسية، ويسمح بهذه النصوص «ويدستر» القضاء العسكرى.
■ البعض كان يقول إن الإعلان الدستورى الصادر فى نوفمبر يعتبر ورقة ضغط لتمرير الدستور.. ما رأيك فى ذلك؟
- أتصور أن هذا الطرح ليس فى محله، فالإعلان عندما صدر وجدنا أن به مواد جيدة أيدناها، وهى المتعلقة بإعادة المحاكمة فى قضية قتل المتظاهرين، وإبعاد النائب العام، ومواد أكثر سيئة جداً رفضناها بشدة، وبالتالى كنا فى حزب مصر القوية من المعترضين على الإعلان الدستورى، ولكن ليس بشكل كلى.
■ هل الدستور الحالى يؤدى إلى الاستقرار؟
- وجود دستور يؤدى نوعياً إلى الاستقرار، وهذا ليس له علاقة بأن ثمة مواد مهمة جداً فى هذا الدستور ونحن نعترض عليها، ولكن الدستور لا يؤدى وحده إلى الاستقرار فى ظل الغلاء ومشاكل المواطنين وغياب العدالة الاجتماعية، ونحن لا نعترض على النصوص العسكرية فقط، وإنما أيضاً لدينا اعتراضات على بعض المواد المدنية وإذا كان من السهل علينا فى المستقبل مثلما يقول البعض تعديلها فسنسعى بكل قوة إلى تعديلها، لكن المواد العسكرية استمرت فى تركيا عشرات السنين وتم تعديلها جزئياً بعد صراع طويل، لأن هذه النصوص تخل بالمعادلة فى أن تخضع السلطة العسكرية للسلطة المدنية المنتخبة.
■ وما رأيك فى عملية الاستفتاء والنسبة التى صوتت وخرجت بها نتائج الدستور؟
- الاستفتاء من الناحية القانونية تم بشكل سليم، لكننا كنا نتمنى أن يكون يوم الاستفتاء عيداً للديمقراطية فى مصر ويشارك فيه 80٪ أو 90٪ حتى نقول إنه دستور يعبر عن رضا شعبى كبير، لكن حينما يشارك أقل من الثلث ممن يحق لهم التصويت فلا شك أنه من الناحية السياسية والشعبية ينبئ بحالة عدم رضا عن هذا الدستور، وهو يفرض على من فى السلطة أن يفهموا هذه الرسالة وأن يسعوا لتنفيذ ما سبق أن أعلنوه وليس بالطريقة التى تتم الآن، إلى أن يتم تحديد المواد المختلف عليها وتعديلها فى أسرع وقت ممكن، فإن السكوت على هذه المواد أو الالتفاف حول تعديلها قد ينبئ بأزمة كبيرة.
■ هل تلمس الصدق فى تعديل المواد المختلف عليها من خلال تسليمها لمجلس النواب بعد انتخابه فى وثيقة؟
- نحن نشارك فى الحوار الذى دعت له الرئاسة، لكننا غير راضين عن مشاركتنا فى الحوار حتى الآن، فلقد ناقشنا قانون الانتخابات المعروض أمام مجلس الشورى، وقدمنا رأينا نحن وآخرون ممن يحضرون الحوار، لكن النتيجة الحاصلة حتى الآن سلبية ولا تشجع على الاستمرار فيه، ووارد أن يتخذ الحزب قراراً بالانسحاب من الحوار، فنحن لا نتحاور من أجل أن يقولوا إن هناك حواراً وإنما نتحاور من أجل خروج أمور محددة وإيجابية.
■ ماذا قدمتم فى قانون الانتخابات الذى شاركتم فى الحوار حوله؟
- قدمنا مقترحاً حول نقطتين أساسيتين: الأولى: محاولة تلافى عيوب المادة الدستورية الانتقالية التى أجبرتنا على تقسيم الانتخاب إلى ثلثين للقائمة وثلث للفردى، وإلى وجود 50٪ للعمال والفلاحين رغم تفريغها من مضمونها، وذلك من خلال الانتخاب على أساس القائمة النسبية المفتوحة حتى نمكّن المواطن من انتخاب مرشحه مباشرة دون إجبار الناخب على اختيار من لا يرغب فى اختياره، وحتى نضمن وصول كفاءات حقيقية للبرلمان نظراً لضعف أعضاء مجلس الشعب السابق، وأخيراً حتى لا تنفجر التحالفات الانتخابية بين الأحزاب بسبب ترتيب القوائم، أما النقطة الثانية فكانت خاصة بتوزيع الدوائر الانتخابية، وحتمية أن تكون وفق قاعدة عادلة بين كل محافظات الجمهورية، حيث لاحظنا فى هذا الإطار أن محافظات مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية لا تحصل على عدد من المقاعد يناسب كثافتها التصويتية بعكس محافظات أخرى، ووضعنا لأجل ذلك قاعدة «المقعد الانتخابى يناظر كل 100 ألف صوت انتخابى» مع استثناء المحافظات الصغيرة والحدودية من هذا الشرط حتى لا نخل بخصوصية المحافظات، وكذلك اقترحنا تقسيم دائرة أسوان إلى دائرتين انتخابيتين حتى نضمن تمثيل إخواننا المصريين النوبيين فى مجلس النواب، وللأسف الشديد لم تتم الاستجابة لهذه الطلبات، ولم تناقش فى الحوار بشكل جاد لأن الرغبة كانت فى تمرير القانون بحد أدنى من التعديلات، وهو ما اعترضنا عليه، وتسبب فى تحفظنا على مقترح القانون الصادر من جلسات الحوار.
■ إذن هل جبهة الإنقاذ كانت على صواب عندما قررت عدم الحضور فى الحوار الوطنى؟
- كل طرف أقدر على تحديد أولوياته، وطريقته فى العملية السياسية، وكنا نتمنى من الجبهة مشاركتنا فى الحضور لأننا لا نرى أن هناك حلاً لمشاكل الوطن إلا بالحوار الجاد، وممارسة الضغط على من فى السلطة، وإن لم تتم الاستجابة فلنخرج جميعاً بما حدث ونثبت للشعب أن الحوار غير جاد، لأن بديل الحوار قد يكون العنف وهو ما نخشى منه.
■ ما رأيك فى قرارات مرسي خاصة المثيرة للجدل منها مثل رفع ضريبة بعض السلع ثم التراجع عنها؟
- هذا الأمر هو أحد مظاهر الإرباك فى مؤسسة الرئاسة الذى تحدثت عنه، وسببه سوء اختيار المستشارين وضعف الوزارة الموجودة، فحكومة الدكتور هشام قنديل ضعيفة أفراداً وسياسات ورؤية، ولم تقدم جديداً حتى الآن، ولم نر لها خططاً تنفيذية زمنية تهدف إلى إصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والخدمية، ومازالت تلك الحكومة قائمة على ردود الأفعال، فحادثة قطار أسيوط كانت جرس إنذار كبيراً حول تهالك السكك الحديدية لكن انتهت الضجة حول الحادث دون أن نسمع شيئاً عن خطط الحكومة لإصلاح هذا المرفق الحيوى، ثم صحونا على فاجعة البدرشين، ما يؤكد أنها حكومة ردود أفعال، وليست حكومة ذات رؤية واضحة، وهو ما نتمنى أن يتغير بعد انتخابات مجلس النواب واختيار حكومة ذات رؤية سياسية واضحة.
■ هل ترى أن تصريحات بعض رموز «الإخوان» سواء كانوا فى الحزب أو الجماعة تمثل عبئاً على الرئيس؟
- لا أعلم سبباً حتى الآن لأن يصرح أى أحد هنا أو هناك باسم مؤسسة الرئاسة، هذا أحد مظاهر التداخل الذى يسىء للرئيس، لأنه يجب الفصل التام بين الإخوان أو حزب الحرية والعدالة وبين الرئيس مرسى خاصة، ومؤسسة الرئاسة عامة، ويجب على الرئيس أن يكون واضحاً فى هذا الفصل، لأن انتماء الرئيس لحزب لا يعنى أن الرئاسة قد امتزجت مع ذلك الحزب.
■ وهل الواقع يقول إن مرسى يحكم مصر منفرداً بعيداً عن الجماعة وحزبها؟
- القول بأن من يحكم مصر هو «المرشد» هو شكل من أشكال التزيد والمبالغة، ولكن - للأسف - مازالت عين الدكتور مرسى على حزبه وجماعته، ونحن لا نطالبه بقطع الصلة معهم، لكن يجب أن يظل فى كل ممارساته رئيساً لكل مصر، فكما يأخذ رأى حزب الحرية والعدالة لابد أن يأخذ بنفس القدر رأى باقى الأحزاب على أن يكون ذلك فى العلن، ثم فى النهاية يتخذ قراره بما يحمى مصالح الشعب المصرى.
■ مرسى عقد لقاءات مع الكثير من القوى السياسية والشخصيات وأنتم حضرتم أحد اللقاءات.. فهل أخذ بآرائكم فى قراراته؟
- كان أملى بعد الجلسة الوحيدة التى التقيت فيها الرئيس مرسى بعد فوزه وقلتها له فى التليفون عندما اتصل بى يدعونى لهذا اللقاء «إن أملى أن يستمر فى عقد لقاءات مشتركة بينه وبين الرموز الوطنية الكبيرة»، لكننى فوجئت بأن أهم شىء قام به الدكتور مرسى بعد هذه اللقاءات كان كارثة الإعلان الدستورى، وكنت أتمنى قبل الإقدام على إصدار مثل هذا الإعلان أن يعقد لقاءات مع القوى السياسية وأن يتشاور معهم فى المشاكل التى تواجهه وأن يتم البحث عن حلول، وأن يسمع رأينا وهو فى النهاية صاحب القرار، ولا أحد من الأحزاب سواء من هو فى السلطة أو خارجها يفرض شيئاً على الرئيس فإنه يسمع ويتخذ قراره هو لأنه رئيس الدولة، وقد كنا تحدثنا من قبل عن عدم إصدار الدستور إلا بالتوافق، ثم نفاجأ بأن الدستور يتم وضعه بسرعة ويخرج بهذا الشكل، فهى ممارسات تعمق حالة عدم الثقة سواء بين السلطة والمعارضة أو حتى بين المعارضة ونفسها وهو أمر ليس فى صالح مصر، ويجب خلال الفترة المقبلة بناء الثقة بين بعضنا البعض.
■ وكيف يمكن بناء الثقة؟
- بالصدق والوضوح والشفافية، يجب أن نؤكد مرة أخرى أن المسؤول الأول والأكبر عن هذه الأزمة هو رئيس الدولة، لأنه بحكم كونه رئيساً ويملك السلطات يستطيع إعادة ضبط ممارساته التى يجب أن يتوفر فيها الشفافية فى التعامل والعلاقات ووضوحها، وأن يكون أداؤه كرئيس لكل مصر وليس رئيساً لطائفة معينة، وكنا نتمنى بعد إقرار الدستور أن تعمل الحكومة المؤقتة الحالية على تأدية واجباتها فى حل مشاكل المجتمع خصوصاً فى ملف المرافق والخدمات، وعلى المعارضة أيضاً أن تدرك أن المعادين لمصر قوتان واحدة خارجية والأخرى داخلية، ففى الخارج: لا يمكن للأمريكان والصهاينة أن يتركوا الساحة لمصر كى تتقدم للأمام، وهذا ما يجعلنا نؤكد فى حزبنا وجوب استقلال القرار الوطنى المصرى عن الهيمنة الأمريكية الموجودة على مصر للأسف حتى الآن، لأنها مازالت تمارس دورها فى إرباك إدارة الوطن سواء بشكل صريح أو خفى، أما على الجانب الداخلى، فأعداء الوطن هم امتدادات النظام السابق سواء فى الإدارات التنفيذية فى الحكومة أو فى الشركات العامة، والتى تهدد الثورة مصالحهم ويريدون أن يحافظوا على الفساد وشبكة علاقات المصالح التى نخرت فى جسد الدولة المصرية، أو من كانوا يستفيدون بعلاقاتهم بأقطاب النظام القديم وهم خارج مؤسسات الدولة، ومن المؤسف أن بعض أطراف المعارضة قد استعانوا بفلول النظام القديم وبأطرافه ورجاله فى معارضتهم للدكتور محمد مرسى، ويجب عليهم حينئذ أن يفرقوا بين معارضتهم لمرسى على حساب الوطن، ومعارضة مرسى لحساب الوطن، فإننا نعارض مرسى وحزبه ولكن لحساب الوطن وليس على حساب الوطن، وللأسف بعض أطراف المعارضة تعارض مرسى على حساب الوطن، ولا تفرق بين الاثنين.
■ فى الذكرى الثانية للثورة هل ترى أنه تم تحقيق شعارها «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»؟
- لا أستطيع أن أقول إن الثورة المصرية نجحت وإنما بدأت، ولذلك أحد شعاراتنا فى حزب مصر القوية «الثورة مستمرة» لأنها لم تحقق جميع أهدافها كما يجب أن تحققها، ونحن ندرك أن هناك عقبات لأسباب داخلية وخارجية موضوعة أمام هذه الثورة ومحاولة احتوائها من قوى الهيمنة العالمية، ومحاولة إسقاطها وإفشالها من بقايا النظام السابق تعطل إتمام أهداف الثورة، ولذلك هناك إصرار من الجماعة الوطنية بكل انتماءاتها على استمرار الثورة فى تحقيق أهدافها بشكل مشروع وسلمى، وبالتالى نحن مستمرون، ونعتبر أن 25 يناير المقبل ليس احتفالاً بنجاح الثورة لكنه رسالة نقولها للجميع بأننا مستمرون فى الثورة، وعلينا أن نستعيد روح الثورة التى كانت موجودة فى يناير 2011 والتى كان يقف الإسلامى واليسارى والناصرى والمسيحى والمسلم والفلاح والعالم جنباً إلى جنب فيها من أجل مصر، وبالتالى لا يصح أن يهدد أى فصيل الآخر.
■ هل يعنى ذلك مشاركة حزب مصر القوية فى مظاهرات 25 يناير؟
- نعم سنشارك فى ذكرى ثورة مصر الشعبية.. سنشارك على أرضية استكمال أهداف الثورة من «عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية».. سنشارك حتى نذكر أنفسنا وكل الشعب المصرى بأن هناك دماء سالت ولم يقتص لها حتى الآن.
■ ما رأيك فى مطالبة البعض وإعلان نيتهم رفع مطلب رحيل الرئيس؟
- هذا المطلب انقلاب على الديمقراطية وعلى مبادئ الثورة وأهدافها وهناك فارق بين أن نحتج وأنا من المحتجين على أداء رئيس الدولة، لكننا ضد من يطالب بإسقاط محمد مرسى لأنه هو الرئيس الذى أتى به الشعب المصرى رغم أننا نعترض على سياساته، لكن لا وسيلة لإسقاط «مرسى» إلا بصندوق الانتخابات، وعلينا ونحن نسير فى طريق الديمقراطية، كمعارضة أن نقوّم أداء الرئيس بالاحتجاج السلمى، فالذين يطالبون بإسقاط مرسى هم خطر على الوطن وهؤلاء لا يمثلون المعارضة الوطنية.
■ جبهة الإنقاذ مرشحة للانقسام أكثر من الاستمرار فى شكلها الحالى.. كيف ترى هذا؟
- لا نتمنى الانقسام لأى تجمع للمعارضة الوطنية، ونتمنى أن تكون قوية مادامت تسعى لتحسين أحوال المواطن المصرى وتمارس المعارضة بآلياتها الديمقراطية والشعبية، ولا يسعدنا فى حزب مصر القوية أن تكون جبهة الإنقاذ ضعيفة أو تنقسم أو تتشرذم، ويسعدنا أن تكون بعيدة كل البعد عن الفلول والنظام القديم.
■ ما الذى دار فى زيارة الدكتور محمد البرادعى وعمرو خالد لكم وكانت للاطمئنان عليكم؟
- بداية، كانت زيارتهما لى سياسية فى الأساس، فمرضى ليس كبيراً لهذه الدرجة، وأقدر زيارتهما لى، والحوار الذى دار بيننا كان كله منصباً حول مستقبل مصر والانتخابات البرلمانية والتعاون فى هذا المجال، ونحن داخل حزبنا مازلنا نتواصل مع كل أطراف المعارضة وليس لنا حتى الآن وجود فى أى تحالف من التحالفات ولا فى جبهة الإنقاذ وعلاقتنا طيبة بالجميع.
■ متى يمكن أن ينضم «مصر القوية» إلى جبهة الإنقاذ؟
- هذا أمر غير مطروح من الأساس، وهذا لا يعنى أننا فى خصومة مع أى طرف، ونحن على صلة بكل الأحزاب البعيدة عن الفلول، ولا يوجد لدينا أى اعتراض على التنسيق مع أى حزب مادام أنه يتوفر فيه المعياران اللذان تحدثنا عنهما وهما البعد عن حالة الاستقطاب وألا يكون طرفاً فيه، وألا يكون محتوياً فى مكوناته على بقايا النظام السابق.
■ لماذا لم تتحاور مع حزب الوفد أو حزب المؤتمر المصرى؟
- إننا نحمل تقديراً للسيد عمرو موسى والدكتور السيد البدوى الذى قبل أن يكون رئيساً لحزب الوفد هو زميل مهنة لأنه صيدلى، ولكننا نتحدث عن أحزاب وجدت أن مصلحتها أو رؤيتها أن تحتوى على بقايا النظام السابق أو تتعامل وتتعاون معه، هذا موقف آخر، ونحن لم نشر فى أى تصريح لنا أو حتى فى لقائنا بالبرادعى إلى أسماء أى أشخاص، وإنما قلنا إن الجبهة بها فلول ونظام سابق وبالتالى لن نتعاون معها.
■ هل قلت أيضاً أثناء لقاء البرادعى إنك لن تتعاون مع أحزاب تعاونت أو دافعت عن المجلس العسكرى؟
- قلت لن أتعاون مع أحزاب تضم أو تتعاون مع بقايا النظام السابق، وأنا أحسب المجلس العسكرى السابق على أنه امتداد للنظام السابق.
■ وما رأيك فى مقولة إن المجلس العسكرى والمشير طنطاوى تحديداً من أجبر مبارك على التنحى؟
- لا.. إطلاقاً فإننى ضد هذه المقولة، كما أننى ضد مقولة أن المجلس العسكرى هو من حمى الثورة، إنه لم يقم بحمايتها، ولكنه لم يتصد لها، فالثوار كانوا يقتلون فى ظل وجود المجلس العسكرى، ولذلك إنه مسؤول عمن قتلوا فى ماسبيرو وفى محمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد والعباسية.
■ إذن من أجبر مبارك على الرحيل؟
- الثورة والشعب المصرى، ولا يجوز أن نستهين بالشعب وثورته العظيمة ونقول إن من أجبر مبارك ونظامه الفاسد على الرحيل هو مؤسسة من مؤسسات الدولة وهى المجلس العسكرى فهذا غير صحيح، وأؤكد أن الجيش المصرى غير المجلس العسكرى، فالجيش لم يطلق رصاصة على الشعب المصرى لأنه لا يستطيع أن يفعل هذا ولا يمكن أن تطلب قيادته منه أن يفعل هذا لأنه لن يفعله.
■ الانتخابات البرلمانية على الأبواب.. كيف يستعد حزب مصر القوية؟
- الحزب لديه لجنة خاصة بالانتخابات وتقوم بالترتيب الكامل لها من حيث اختيار المرشحين فى كل المحافظات، ومعايير اختيار المرشحين وهى الكفاءة السياسية وتاريخ المرشح السياسى ومواقفه خلال الفترة السابقة فى ظل موانع للترشح لكل من انتمى قيادياً أو تمثيلياً للحزب الوطنى أو كان هناك ما يمس سمعته المادية أو الأخلاقية، والأولوية ستكون لقيادات الحزب فى الترشح لكننا أيضاً سنرشح قيادات وطنية غير منتمية للحزب، فنحن نسعى لأن يتشكل البرلمان المقبل من شخصيات تفيد الوطن، وإننا نؤكد دور المرأة والأقباط وقد نرشح نساء وأقباطاً على بعض رؤوس القوائم فى الانتخابات المقبلة.
■ ما ملامح برنامجكم الانتخابى؟
- لدينا برنامج للحزب يحدد الرؤية العامة للحزب وانحيازاته الفكرية والسياسية والاقتصادية، وكان لدينا فى السابق برنامج للرئاسة، وسنقدم بإذن الله برنامجاً انتخابياً لمجلس النواب بشكل مختلف، حيث سنسعى بقدر المستطاع إلى تقديم تفاصيل دقيقة حول ملفات بعينها مثل التعليم والصحة، والاقتصاد، والتعاونيات، والبطالة، والإسكان وغيرها من الملفات.. نسعى لكى نقدم صورة جديدة للبرامج الانتخابية لا تعتمد على العموميات والشعارات الفضفاضة، ولكنها تعتمد على تقديم الحلول العملية التى تمس حياة المواطن المصرى.. ولا نريد أن نمارس العمل الحزبى من خلال الإعلام والتنظير السياسى والفكرى، ولكننا نريد أن نقدم ممارسة حزبية جادة تصحح الصورة الذهنية عن العمل السياسى، وتؤكد فى الوقت ذاته أن العملية الحزبية قائمة فى أساسها على تقديم البرامج العملية التى تحاول الإصلاح والتغيير، وليست قائمة كما هو صائر الآن على الصراع الفكرى النخبوى الذى لا يهتم بالمواطن، ولا يهتم بإصلاح فساد استمر 60 عاماً حتى أوصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن من انهيار فى المرافق والبنية التحتية وحتى فى الكوادر البشرية.
■ ما أبرز المشاكل من وجهة نظرك التى تواجه الانتخابات المقبلة؟
- أبرز المشاكل التى تتعرض لها الانتخابات المقبلة هى المال السياسى، وهو أخطر شىء والمسؤول عن هذه المسألة هى الدولة، فإنها لم تقم بدورها الرقابى سواء كان فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية السابقة على المال السياسى، وبالتالى نحن كأحزاب خاصة حزب مصر القوية متمسكون بالتصدى للمال السياسى، ولا نقبل المال السياسى سواء كان من أطراف خارج مصر أو الأطراف الفاسدة داخل مصر والتى مازالت تنفق مئات الملايين من أجل إسقاط الثورة، فالمال السياسى مازال موجوداً والدولة موقفها سيئ جداً فى مواجهة هذا المال فقد أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية أن هناك 8 شخصيات مرشحين فى الرئاسة تلقوا أموالاً من الخارج فى الانتخابات الرئاسية ولم يقدم أحد للمساءلة، ولم يتم التحقيق فى هذا فلا يوجد حظر على المال السياسى حتى الآن ولا يتم تفعيل القانون لمنعه، وبالتالى سيكون ضحية هذا المال ومن سيدفع ثمنه الأحزاب الشريفة التى ترفض هذا، فإن الحزب الذى يعتمد على ماله ومال أعضائه الشرفاء لا يستطيع مواجهة مئات الملايين التى تأتى لتمويل البعض، فى دولة 40٪ من سكانها تحت خط الفقر، والذين يستغل فقرهم بهذا المال السياسى، وبالتالى هو يعتبر شكلاً من أشكال تزوير الإرادة الشعبية وارتكاب جريمة فى حق الشعب.
■ وهل هناك مطالب أخرى لضمان نزاهة الانتخابات؟
- نطالب بقاض على كل صندوق، وألا يتجاوز عدد الناخبين فى كل صندوق 1000 على الأكثر، وأن تخضع الانتخابات للمتابعة الدولية والرقابة الداخلية، فنحن مع الشفافية المطلقة فى متابعة العملية الانتخابية بجميع مراحلها سواء كانت دولية أو محلية، والمتابعة الدولية لا تعنى الإدارة الدولية للانتخابات فهناك فرق كبير بين الاثنين، كما أننا نطالب بمراقبة الإعلام على الانتخابات، وإذا تم كل هذا فى ظل وجود المال السياسى فلا قيمة لكل ما نطالب بهً.
■ هل المطالب تختلف داخل الحزب الواحد فى حال وصوله للسلطة، فالإخوان كانوا يطالبون بالكثير، وعندما وصلوا للحكم لم يطبقوه؟
- المفروض أن الحزب عندما يصل للسلطة يطبق ما كان يدعو إليه ويؤمن به، وقد يكون هناك صعوبات فى تنفيذ ما كانوا يطالب به وحينها يجب عليه مصارحة الشعب ومشاركته فى حال مواجهة ما لم يكن يتوقعه أو يدرى به.
■ من وجهة نظرك لماذا لم تقنن جماعة الإخوان وضعها؟
- هذا أمر مؤسف، فعلى جماعة الإخوان وكل الجماعات أن تقنن وضعها وقد ناديت بأنه لا يجوز بعد الثورة أن يكون أى تجمع فى مصر سياسياً أو اجتماعياً أو دينياً أو مدنياً يمارس نشاطه بعيداً عن الرقابة، وهذا الأمر ينطبق على جماعة الإخوان وعلى أموالها، كما ينطبق على الكنيسة وأموالها، فأنا ضد ممارسة أى نشاط بعيد عن الرقابة والتى تشمل الرقابة الإدارية والقضائية وأيضاً رقابة الإعلام لأنه إحدى وسائل الرقابة، وهذا ليس موجوداً فى أموال الإخوان فقط، وإنما أيضاً فى أموال الكنيسة لأن كل المؤسسات يجب أن تدار بشكل شفاف وأن تكون أموالها خاضعة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.