شيع المئات بمحافظات القليوبية وأسيوط وسوهاج، أمس، فى مشهد مهيب جنازة 4 من أبنائهم الذين لقوا مصرعهم فى حادث قطار البدرشين، الذى وقع الاثنين الماضى، وأسفر عن مصرع 19 وإصابة 117 آخرين، وطالب الأهالى بإقالة الحكومة ومحاسبة المتسببين فى الحادث، ورددوا: «حسبنا الله ونعم والوكيل».
فى القليوبية، شيع أهالى قرية كفر مروان، التابعة لمركز كفر شكر، جنازة غنيمى صبحى غنيمى، مساعد أول بالقوات المسلحة، الذى لقى حتفه فى الحادث، أثناء عودته من الوحدة العسكرية، لقضاء إجازته وسط أسرته.
وخرجت الجنازة من المسجد الكبير بالقرية، بعد أداء الصلاة على الجثمان، وشارك فيها المئات من الأهالى، وتلقى والد وأشقاء الفقيد العزاء، على مقابر القرية، ولم يعلنوا عن إقامة سرادق عزاء، فيما طالب الأهالى بإقالة الحكومة ومحاسبة المتسببين فى الحادث.
سيطرت حالة الذهول على الوالد، «صبحى»، مزارع، وظل يردد: «إنا لله وإنا إليه راجعون» و«حسبنا الله ونعم الوكيل»، مؤكداً أن الفقيد كان أكبر سند له بعد مصرع ابن آخر له، كان يعمل أيضاً بالقوات المسلحة، مشيراً إلى أنه يرعى أبناء الفقيد خلال غيابه.
وأضاف «سعيد»، شقيق الفقيد، أن الفقيد ترك 3 بنات وولداً، أكبرهم سمر عمرها «17 عاماً» وسهام «16 سنة» ومحمود «12 سنة» وميسون «6 سنوات»، وتعمل أرملته مدرسة بمحافظة الشرقية، مشيراً إلى أنه علم بالحادث من أصدقاء الفقيد، الذين كانوا معه وقت الحادث، وأن تقرير الطب الشرعى أكد أن الوفاة نتيجة تهشم الجمجمة.
وأكد عدد من أهالى القرية أن الفقيد كان مثالاً للالتزام ودماثة الخلق، وكان يتفانى فى خدمة الصغير قبل الكبير، وطالبوا بإطلاق اسمه على مدرسة القرية.
وفى أسيوط، اتشحت قرية بنى يحيى فى مركز القوسية بالسواد بعد تلقيهم نبأ وفاة 2 من شبابها فى الحادث، هما: أحمد محمد محفوظ، وأحمد سعد.
وعلى مقربة من منزل محمد محفوظ، المكون من طابق واحد مبنى بالطوب اللبن، وقفت السيدات يذرفن الدمع، ويتضرعن إلى الله بالدعاء أن يحتسبه شهيداً، وأن يشفى توأمة «حمادة»، الذى أصيب فى الحادث ويرقد فى أحد المستشفيات بالقاهرة. وقالت عمته، باكية: «أحمد عمره 19 سنة، وله توأم أصيب أيضاً فى الحادث، ويرقد الآن بالمستشفى، وهما يتيمان الأم منذ 10 سنوات، ولهما 4 إخوة يسرا ومروة وأحمد وزياد فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وكان أحمد وحمادة يعملان أثناء دراستهما لمساعدة والدهما فى الإنفاق».
وداخل سرادق العزاء قال عم الشهيد: إنه سيقيم دعويين قضائيتين، الأولى ضد وزارة النقل والمواصلات، والأخرى ضد القوات المسلحة، رافضاً التعليق على الحادث، قائلاً: «الإعلام يريد تشويه صورة الرئيس محمد مرسى، ولابد أن يعطيه الفرصة حتى يعمل، والموت قضاء الله وقدره».
وفى سوهاج، ودع الآلاف من أهالى قرية الصوامعة شرق، بمركز أخميم، أمس، جثمان حمادة الرشيدى، فى جنازة مهيبة، وتم دفنه بمقابر الأسرة، وأقامت عائلته سرادق عزاء بدأ أمس ويستمر لـ3 أيام.
رصدت «المصرى اليوم» أحزان أسرة الشهيد، وما إن اقتربنا من منزل أسرته حتى ارتفعت أصوات نواح وعويل والدته وأقاربه، وكان صوت وصراخ والدته صباح عوض مدوياً، تنطق بكلمات مفعمة بالحزن والأسى قائلة: «حمادة.. فينك يا حمادة، معقولة مش هترجعلى تانى؟! رد عليا يا حبيبى، كلمنى وقولى إنك وصلت بالسلامة وهتخلص الجيش وراجع تانى، أنا عاوزاك جنبى يا ضنايا، إنت أبوك وحشك علشان كده مشيت ورايحله».
وقال أحمد عبداللا، مزارع، عم الشهيد: إن المتوفى حاصل على دبلوم صنايع وله 4 أشقاء وتوفى والده منذ عامين فى القاهرة، حيث كان عاملاً باليومية.
وأضاف: «نحن فقراء ورزقنا يوم بيوم، ويبدو أنه كتب علينا أن نموت غرباء، وحمادة كان بمثابة ابن من أبنائى، وأخلاقه يشهد لها الجميع، وتصرفاته كلها رجولة، رغم صغر سنه، وقبل سفره للتجنيد سلم علينا واحداً واحداً، قائلاً لنا: (ادعو لى ربنا يعدى الأيام بتاعت التجنيد دى على خير)».
وقال شقيقه أحمد، طالب الإعدادى: «حمادة لم يكن أخى فقط، بل كان صديقاً أيضاً، وكان يعطينى ما أحتاجه من مصاريف، والآن أصبحت أكره الحكومة وقطاراتها، التى تسببت فى موت أخى، لقد كان كل حلمنا أن نسكن فى منزل مبنى بالطوب الأحمر، وملون من الخارج، لكن فرحتنا لم تكتمل، فعندما تحقق حلمنا مات أخى».