عندما خرج حسين بوب عام 2002 مع زملائه فى المدرسة، للتظاهر ضد العدوان الإسرائيلى على غزة وقتل الطفل محمد الدرة، تعرضت زميلاته فى المدرسة للتحرش أثناء المظاهرة، فقرر الدفاع عنهن، ليس فقط ضد التحرش، ولكن دفاعاً عن حقهن فى المشاركة فى الحياة بكل تفاصيلها فى مناخ آمن بعيداً عن العنف، داخل المنزل أو خارجه.
كان الأمر وقتها- يقول حسين- ينتهى عند حد منع المتحرش من القيام باصطياد ضحيته من خلال محادثة جانبية، أو مشاجرة الهدف منها إبعاد الضحية.
محاولات حسين لفضح التحرش، لم تكن تجد صدى فى المجتمع «الذى قرر أن يجعل الأمر واحداً من الأشياء الكثيرة المسكوت عنها»، فاكتفى بالمحاولات الفردية.
لكن لحظة استشهاد صديقه أمام عينيه فى 27 يناير 2011، جعلته أكثر ارتباطا بالميدان وبالثورة، وأكثر إصراراً على استكمالها، «لم أكن أصدق الأخبار المتفرقة التى تحدثت عن التحرش، فقد كنت على يقين أن سلوكيات كتلك، لا يمكن أن تصدر فى مكان سالت فيها دماء الشهداء».
لكن فى الذكرى الثانية لـ«محمد محمود» عندما نزل حسين، لإحياء ذكرى الشهداء والمطالبة بالقصاص له «رأيت مجموعات كبيرة من الشباب من جميع الأعمار والمستويات الاجتماعية يحاولون تعرية ناشطة»، تحرك حسين بعد سماع صرخاتها، لمحاولة إنقاذها من شباب «أصروا على إهانتها وإهانة الثورة».
بعد هذا الموقف انضم حسين إلى مجموعتى «شفت تحرش» و«فؤادة ووتش»، لاقتناعه بأن «الثورة لن تنجح إلا إذا احترمت النساء».
يتواجد حسين فى خيمة «شفت تحرش» فى الميدان، ولا يتركها إلا ليذهب لعمله كمصمم ملابس نسائى.
وعن طبيعة عمل مجموعات التحرك السريع ضد التحرش يقول حسين، أدواتنا بسيطة لا تتعدى حزام وتيشرت ومجموعة من التدريبات القليلة للدفاع عن النفس، نقوم بالتدخل الفورى لوقف حالات التحرش التى تحدث فى ميدان التحرير، يكون هدفنا الأساسى الخروج بالضحية من وسط الزحام الشديد وتقديم الإسعافات الأولية لها أو نقلها إلى إحدى عربات الإسعاف التى تتواجد فى الميدان، لا يقتصر دورنا على ذلك فقط بل إننا نسعى إلى محاولة التوعية وتدريب الفتيات على حماية أنفسهن من التحرش، ونقوم بتقسيم تلك الأدوار دون الالتفات للانتماءات السياسية.
وعن مخاطر المهمة يروى يوسف محمد، 18 سنة، ميكانيكى، أنه كاد هو وزملاؤه، أن يفقد حياته أثناء إحدى حالات التحرش الجماعية التى حدثت أمام هارديز لفتاة أجنبية، وأشهر المتحرشون أسلحة بيضاء فى وجوهنا عندما أصررنا على منعهم، بل قاموا بالتحرش الجسدى بمجموعة «ضد التحرش»، ولولا تدخل المتظاهرين لفقدنا حياتنا.
الأمر تطور إلى استهداف «المتحرشين» من يرتدى تيشيرت «ضد التحرش» أو «ميدان آمن للجميع».
بتردد يقول يوسف: «اضطررنا فى بعض الأوقات إلى استخدام آلات حادة للدفاع عن النفس وعن الضحايا من الفتيات، لاسيما أن التحرش فى تلك الفترة اتخذ منحى أكثر عنفاً من ذى قبل، فهم لا يكتفون بالتحرش الجنسى بل بممارسة العنف البدنى، وإصابة الضحايا بآلات حادة وأسلحة بيضاء، وهو الأمر الذى يضطرنا إلى استخدام أدوات أخرى غير الحزام، ورغم أن ذلك أمر مرفوض من قبل حملات ضد التحرش إلا أن شراسة المهمة، تدفعنا فى الكثير من الأحيان إلى التصرف بالطريقة التى نراها مناسبة لتقديم يد العون للفتاة المتحرش بها».