ذلك الشعار البغيض الذى يفتت هوية الإسلام بدعوى الدولة، وأكبر مثال على تفتيت هذا الشعار للمسلمين هو ما حدث بين مصر والسعودية فى شأن المواطن المصرى المحامى المسمى «بالجيزاوى»، فتجد الشعبين فى هذه الأزمة وقد نسوا تماماً الإسلام، ومصلحة الأمن داخل مصر وداخل السعودية، ليرتموا فى أحضان الطائفية، لكنها هذه المرة طائفية الأرض، واختلاف الشريعة وفقاً لاختلاف المكان!!
ودليل آخر على تغير مفهوم الشريعة باختلاف التغير الجغرافى، يعنى بتغير الدولة، فما كانت لتقوم ثورة بمصر ضد المملكة السعودية إلا إشاعة ذكرت أن ذلك المحامى سيتم تنفيذ حكم الجلد به، ولما كانت أحكام الجلد مستهجنة لدى شعب الدولة المصرية المسلم، بينما هى عادية جداً فى أوساط الشعب السعودى، فقد برزت الفوارق فيما يمكن قبوله أو رفضه بمصر من عقوبات، لذلك فإن تلك العقوبة (الجلد) إن تواجدت كعقوبة فى جريمة بعينها نص عليها القرآن، لكنها عقوبة لا يمكن أن نتوسع فيها بالنسبة للعديد من الجرائم كما يحدث بالسعودية، وقد أجد هنا أن الإسلام دين ودولة وكان يجب أن يكون ديناً وأمة حتى لا تتشرذم الشريعة ومفهومها وفقاً للحيز الجغرافى.
إن الله لا يعترف بدولة ولا قبيلة كهوية، فالجغرافيا ليست مناطاً لتميز هوية يختلف فيها أهل الإسلام، لذلك فشعار «الإسلام دين ودولة» يعنى تطبيق مفهوم فقهاء هذه الدولة على شعب الدولة، والدولة الأخرى يطبق بها فقهاؤها مفهومهم المخالف، والجميع يقولون إن ما يقومون به شريعة وإسلام، بينما الإسلام برئ من الاختلاف والاختلال، وهو ما يجعل أمة الإسلام أمة مفككة شرعياً قبل أن تكون مفككة وفقاً للمفهوم الجغرافى.. بينما يقول ربنا تبارك وتعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) الأنبياء 92. ويقول تعالى: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون) المؤمنون 52.
إن مفهوم الإهانة عند المصرى أشد حساسية منه عند السعودى، وتختلف الأرضية التى تنطلق منها مفاهيم هذا عن ذلك بالنسبة للشريعة، ففكرة الشريعة هى التى تجعل السعودى يقبل الجلد، وتقبل المرأة منعها من قيادة السيارة، ولا يستسيغون أن يصوموا رمضان إلا برؤية هلال الشهر بالعين المجردة، وهم يعتبرون كل هذا شريعة، ويرون الانحراف فى شعب مصر الذى لا ينصاع للشريعة وفق فهمهم عن الشريعة، وبهذا تفتت الشريعة بدعوى أن الإسلام دين ودولة!!
محام بالنقض ومحكم دولى وكاتب إسلامى