x

ثورة يناير تتحدى الملل

الجمعة 27-04-2012 08:00 |

عانى أبناء الشعب المصرى كثيراً من أزمة الفراغ ولكن بدرجات متفاوتة، فالبعض كان يعانى من الفراغ الكلى، وآخرون عانوا من الفراغ الجزئى. هذا الفراغ كان يؤدى بدوره إلى الإصابة بالملل، والحقيقة أن النظام السابق لم يكن ليترك الشعب هكذا، بل حاول إخراجه من حالة الفراغ والملل بأساليبه الخاصة، منها الكرة وتشجيع اللعبة الحلوة، وأيضاً المسلسلات والأفلام وأخيراً الإنترنت، ولكن لم تنجح تلك الأساليب فى القضاء على حالة الملل الذى تسرب للناس فى العمل والحياة الزوجية وفى كل شىء!!

إلى أن جاءت ثورة يناير لتقهر الملل، فالواقع يؤكد أنها تختلف عن أى ثورة أخرى، حيث تنفرد بأنها كل ساعة فى حال، صفقات واختلافات، تكتلات وتفككات، ثقة وتخوين، فنجد على سبيل المثال أن الناس قد اتحدوا على مطالب محددة، ثم تفرقوا لجلب الغنائم، والثوار بدلاً من أن ينظموا أنفسهم تفرقوا فى مليون ائتلاف، أما الإخوان والسلفيون قالوا «نعم» للتعديلات الدستورية، وانتصروا فى غزوة الصناديق، والآن يبكون فوق الأطلال بعد أن حرقوا بنار «نعم» وحرموا من جنة «لا»!! والمجلس العسكرى أتم الاستفتاء على التعديلات الدستورية وأتبعها بإعلان دستورى، و«الإخوان» دعموا حكومة الجنزورى، والآن يريدون سحب الثقة منها، وأكدوا كذلك أنهم لن يرشحوا أحداً من الجماعة للانتخابات الرئاسية، ثم رشحوا الشاطر ومعه الاحتياطى ليتم استبعاد الأول فيعلنوا دعمهم للثانى!!

و«البرادعى» يقرر الترشح للرئاسة ثم قرر عدم الترشح، وحازم صلاح تزداد شعبيته ويتوقع المراقبون أنه الرئيس القادم ثم يقال إن والدته أمريكية ويستبعد!! وعمر سليمان يقرر عدم الترشح للرئاسة ثم قرر الترشح تلبية لنداء الجماهير ثم استبعد لعدم استيفاء التوكيلات، وشفيق كان مقتنعاً بأن ما يجرى فى مصر حركة، وكاد يوزع البونبونى على الشباب فى الميدان، والآن يؤكد أنها ثورة واعترف بشرعيتها، ورشح نفسه فى الانتخابات الرئاسية ليحقق أهدافها، والناس التى صوتت للإخوان والسلفيين فى الانتخابات ندموا على ما فعلوا ويهتفون الآن ضدهم، وبعدما كان يحكى كثيراً عن شهر العسل بين الإخوان والمجلس العسكرى، والآن نسمع عن حرب متبادلة وتكسير للعظام، وكل ذلك يؤكد أن أجمل ما يكمن فى ثورة يناير أنها تتحدى «الملل».

مدرس بكلية الخدمة الاجتماعية - جامعة حلوان

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية