لا شك أن فى مصر جيلاً جديداً ولد وسط مستنقع عفن، لكنه لم يتغذ على الديدان المنتشرة فيه، ولم يشرب من البرك التى تملأ جوانبه، بل استمد غذاءه وشرب من نتاج الطبيعة الذى تحمله الرياح إلى الهواء المحيط بالمستنقع، قبل أن يختلط به ويتلوث بعفنه! الآن يحاول الجيل الجديد أن ينظف المستنقع لتتوافر له بيئة صالحة يتمكن فيها من تحقيق ما هو أكثر من البقاء على قيد الحياة، وهو ما رضيت به أجيال سبقته وتعايشت مع قيوده التى فرضها المستنقع دون أى محاولة جادة للتخلص منها!
إلى هنا نحن نفخر بهذا الجيل الواعى المستنير، ونعظم ثورته المجيدة، ونحمل كل التقدير لأرواح شهدائه الأبرار، ونسانده فى كل مطالبه المشروعة، لكن نلومه على تعجله جنى ثمار ثورته، وتلبية كل مطالبه إلى الدرجة التى لا تتوفر للثورات الشعبية عادة، خاصة فى بيئة تراكمت فيها مواطن العفن لعشرات السنين، وتشعبت جيوب الفساد وسراديبه، وامتلأت بكائنات غريبة وضارة استطاعت أن تجد لها مكاناً فى المستنقع تعشش فيه، وتتكاثر من خلال عفنه وعطنه! لا نطالب شباب الثورة بأن يفض ثورته أو أن يقف صامتاً ينتظر ما يهبط عليه من السماء، لكن نطالبه بأن يسعى بإيجابية لكى يستفيد من مكاسب الثورة، وهى وإن كانت قليلة إلا أنها معابر على الطريق ينبغى استغلالها للتقدم خطوة ثم أخرى، ولا يقف أمامها معترضاً لعدم كفايتها أو مشككا فى جديتها قبل أن يمنحها فرصة لإثبات جدارتها!