x

حصص فى الدراسات المصرية

السبت 24-03-2012 21:00 |

للأسف الشديد مع تزايد ظاهرة التدين الشكلى عند بعض المصريين بمختلف معتقداتهم وطوائفهم، ازدادت عمليات الكذب والخداع! أمر لم يكن متوقعاً أن يكون! فالأديان، سواء سماوية أو غيرها، تحث الإنسان على التحلى بالفضائل وليس التجمل بها، لم يكن الدين فى يوم من الأيام وسيلة لارتكاب المعاصى والذنوب تحت ستار التدين، حتى إن المتدينين شكلياً، لعلة ما، يؤدون جميع الصلوات، ويصومون جميع الأصوام، ويقدمون الزكاة «المسلمين» والعشور «المسيحيين»، وبالرغم من ذلك نجد أنهم أكثر الناس كذباً وخداعاً لغيرهم ويضللونهم، إذ يعتقدون أن أمرهم لن ينكشف!

لماذا كل هذا؟ لماذا لا نكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين؟ على الأقل حتى لا نجلب الإهانة للدين الذى نعتنقه، من هنا وجدنا - نحن المصريين - أن مناهج التعليم فى «مصر القديمة» منذ المراحل الأولية للطفل تهتم بغرس القيم السامية والفضائل فى نفوس الأطفال، فلا يمكنهم أن يحيدوا عما تعلمونه منذ الصغر! نجد فى التعاليم التى وجهها الملك «خيتى» إلى ابنه «مرى-كا-رع» (2100-2080ق.م)، التى ترجع إلى أواخر العهد الأهناسى، ففى هذه التعاليم نطالع هذه العبارات الخالدة: «فضيلة الرجل المستقيم خير عند الله من ثور يقدمه صانع الآثام.. اعمل شيئاً لله حتى يعمل لك بالمثل»، ويقول الحكيم «أمينى» من الأسرة 12: «لا تقل الكذب.. اصنع طيباً.. لا تجعل الطمع رائدك فى جمع الثروة.. خير للإنسان أن يعيش على خبز وماء مع راحة الضمير من أن يعيش على لحوم وهو منغص البال.. لتكن شهرتك بين الناس فيما تقوم به من عمل جيد»، هذه التعاليم الرائعة توبخ وتؤنب الذى يتصدق بمال لم يتعب فيه، ومن بدد أموال صاحب العمل، ومن يتخذ طرقاً ملتوية فى حياته، ومن يشرب الكذب والإثم كالماء، ومن يظلم الفقير، ومن لا يشهد بالحق، ومن يحقق نجاحاً بالرشوة والخداع..

لماذا لا نعيد على أسماع أطفالنا تلك التعاليم الإنسانية الراقية؟ أرى أنه لابد من إعطاء حصص فى الدراسات المصرية فى المدارس فمنها يتلقن الطفل تعاليم تقوم سلوكه، ومنها يرتبط الطفل بأجداده المصريين العظماء، فننشئ بذلك جيلاً سوياً له شخصية سوية قادرة على النهوض بالوطن، وفى نفس الوقت نفرز من بيننا الكذاب والغشاش والمخادع والذى بلا ضمير! نحن فى أشد الحاجة «لثورة أخلاقية»، ألم يذكر فى الإسلام «من غشنا فليس منا»؟ وجاء فى المسيحية «الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح، والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشرور»! إن تاريخنا المصرى العريق نور للعالم، وملح جيد للأرض، فلا يجب أن نهين اسم «مصر» التى نحملها فى جنسيتنا، والمحفورة فى قلوبنا.

 

أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية