لئن تؤدى الواجب متأخراً خير من ألا تؤديه، هكذا تعلمت فى قريتى بالشرقية!. أما الواجب فهو للراحل الكبير الأستاذ جلال عامر ولأسرة «المصرى اليوم»، ولقد عاقنى المرض عن المشاركة برثائه منذ اليوم الأول!! وحين أذكر الأستاذ جلال عامر فلن أنسى دموعه، مرتين: الأولى شاهدتها فى لقائه بإحدى الفضائيات حين صور المذيع معشوقته بالذبيحة التى تتداعى عليها الأكلة والناهشون، رفض الكاتب النبيل أن تكون مصر هكذا واختلطت دموعه بكلماته!!
أما المرة الثانية فكانت فى الإسكندرية حين شهد المتظاهرين يقتتلون ولفظ بآخر كلماته باكيا: «المصريين بيقتلوا بعضهم».. بعدها مباشرة توقف قلبه العامر بالحب، لأنه لم يتحمل أن يرى الكراهية، وأن يشهد طعنات الغدر تتوالى على جسد الوطن!! هكذا يكون النبلاء المهمومون بأوطانهم، وهكذا عرفنا الساخر الباكى جلال عامر.. لم يبحث عن مغنم شخصى، أو يهتم بأجندة خاصة، أو قضية فرعية، وإنما كانت أجندته وقضيته ومغنمه سلامة الوطن وسعادة الآخرين.