x

أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض

الجمعة 20-01-2012 08:00 |

لقد جاء بصحيفة «المصرى اليوم» بتاريخ 7 ديسمبر 2011 عن دولة «جنوب السودان» ودور «مصر» فيها خبر بالعناوين التالية: (صحيفة سودانية: «نتنياهو» فى الجنوب للقاء «سلفاكير».. والقاهرة ترد بزيادة رحلات الطيران لـ«جوبا».. خبراء يحذرون من التواجد الإسرائيلى فى «الدولة الوليدة».. ويؤكدون أن الزيارة تأتى استكمالاً لاجتماعات سرية)! أقول، بكل صدق وصراحة وشفافية، إن تحرك «مصر» نحو جنوب السودان - الدولة الوليدة - قد جاء، وبكل أسف، متأخراً جداً! وينطبق تماماً على هذا التحرك المتأخر المثل العربى البليغ القائل: «لقد سبق السيف العذل»، نظراً لأن إسرائيل الآن قد تمكنت، وكان لها قصب السبق!

هذا وقد سبق لى - قبل أن ينفصل جنوب السودان عن الوطن الأم «السودان» فى كيانه السابق، أن نشرت قبل فترة من الزمن مقالاً بالعنوان أعلاه فى صحيفة سودانية، من أمهات وكبريات الصحف السودانية، ألا وهى صحيفة «آخر لحظة»، الشهيرة وواسعة الانتشار، مناشداً ومعاتباً ومطالباً الشقيقة مصر بضرورة سرعة التحرك وتفعيل إمكانياتها ومجهوداتها الكبيرة لمنع حدوث «الجريمة» و«الكارثة» لفصل «الجنوب» عن «الشمال»، وهو ما تسعى له بجد حينذاك دولة الكيان «الصهيونى» ودول البغى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية!

لكن، وبكل أسف ذهبت مناشدتى وعتابى الأخوى أدراج الرياح وهباء منثوراً! فلم تحرك «مصر» ساكناً، بل كانت على العكس تعمل ضد مصلحة السودان، ولم تدر أنها كانت تعمل أيضاً ضد مصلحتها، كما أوضحت الوقائع بعد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 المباركة والمجيدة! لقد كان الرئيس المصرى المخلوع حسنى مبارك، ورئيس مخابراته عمر سليمان، يحيكان الدسائس لشمال السودان لفصل جنوبه عنه! كان رئيس المخابرات هذا يطير تواً من «القاهرة» متخطياً «الشمال» إلى «الجنوب» مباشرة.. وقد تحدث ثوار ميدان التحرير، العظماء والنجباء، عن هذه الواقعة!

لقد تمكنت «إسرائيل» الآن من فصل «الجنوب»، ودقت نفسها «كأسفين» فيه لزعزعة الأمن والاستقرار فى البلدين الشقيقين، السودان ومصر، بالتحكم فى مياه النيل.. إن فصل جنوب السودان قد حقق أغلى وأعظم أمنية وهدف كانت إسرائيل تطمح فى تحقيقه طوال مسيرة تاريخها المشؤوم، وذلك بالتحكم فى مصادر «المياه» لخنق مصر والتلاعب بمصيرها، وقد تحقق الهدف الآن، صدقونى، الحروب القادمة ستكون على المياه! كحكمة الفيلسوف الهندى «بيدبا».. لقد شبهت السودان فى مقالى المذكور «بالثور الأبيض» و«مصر» بالثور الذى كان فى قبضة «الأسد» للقضاء عليه وأكله، وهو آخر «الثيران» الثلاثة التى التهمها الأسد، فخاطب الأسد الثور الذى بين فكيه قائلاً له: إنى أريد أن آكلك.. فرد الثور قائلاً: إنى قد أُكلت يوم أُكل «الثور الأبيض»! فالسودان كان بمثابة الثور الأبيض بالنسبة إلى إسرائيل، وقد قضت عليه بفصل الجنوب.. وبقى الدور على الثور الأخير، وهى الشقيقة مصر! يا أحبابى إن الأمر جد خطير، وسوف تتحكم إسرائيل فى «منابع النيل» شريان الحياة لمصر والسودان.. فتحركى يا مصر الثورة.. ويا عرب ويا مسلمون هبوا لأنكم فى خطر كبير وفظيع! ألا هل بلغت اللهم فأشهد.

وزير سودانى سابق ورئيس جهاز الرقابة الإدارية - الحقبة «المايويه»

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية