أسجل بكل أمانة ودقة ما رأيته بعينىّ صباح الإثنين 5 ديسمبر فى انتخابات الإعادة بالدائرة الثالثة بالإسكندرية كدليل صارخ على غياب العدالة والشفافية والصدق فى الانتخابات!.. فى الصباح توجهت - كعادتى - مبكراً إلى إحدى اللجان بمدرسة النهضة النوبية الابتدائية، وكان ترتيبى الرابع فى صف الناخبين، وجدت الآتى:
أولاً: قبل بداية العملية الانتخابية بدقائق معدودة وجدت سيارة نصف نقل بها مجموعة من جنود القوات البحرية، لا أعلم إن كانت تابعة للقوات البحرية أم لأى جهة أخرى!! لكن الذى رأيته أنها محملة بعلب مأكولات - ربما لوجبة الإفطار - وعلى غطاء العلبة شعار أحد الأحزاب الدينية!! وأبلغهم أحد العساكر المنظمين أن عدد الأفراد المتواجدين بالداخل والمكلفين بالحراسة 12 فرداً فتم إدخال علب بعددهم!! هل هذا يجوز؟.. وأتساءل: هل اللجنة العليا للانتخابات قامت بتكليف هذا الحزب الدينى بهذه المهمة؟ هى كارثة حقيقية إذا ثبت ذلك!!
ثانياً: ونحن أمام الباب الخارجى للجنة الانتخابية وقبل أن نبدأ فى الدخول، طلب أحد المنظمين من كل فرد أن يبرز الرقم القومى، ورقم اللجنة، والرقم فى الكشف!! فأبلغه أحد الرجال المسنين الذين كانوا فى مقدمة الطابور أنه لا يتذكر رقمه فى الكشف، فطلب منه المنظم أن يعود للمنزل لإحضار الرقم حتى يمكنه الدخول!! تحدثت مع المنظم وقلت له: لا داعى لإحضار الرقم لأن الرجل مسن، ويوجد داخل اللجنة كشف به الأسماء بالأرقام، فقال لى إن هذا الكشف لم يصل بعد ونحن نريد أن نبدأ العملية الانتخابية!! فقلت له: إذا كان الكشف لم يصل فعلى أى مستند سنقوم بالتوقيع؟ فرد قائلاً: سوف نقوم بتسجيل الرقم فى ورقة خارجية وتوقع أمام الاسم!! فقلت له ولجماعة الناخبين المتواجدين حولى إن هذا الإجراء باطل!!
لكنى فجأة لاحظت على بُعد أمتار من مدخل اللجنة فى الشارع وجود شخص من أتباع إحدى الجماعات الدينية جالس وأمامه منضدة صغيرة تحت مظلة قماشية حاملاً كمبيوتر وكشوفات، وتوجه الرجل المسن فوراً إليه، وتم استخراج رقمه من واقع الكشوفات التى أمامه، وسجلها له على ورقة دعاية انتخابية وعاد الرجل مسروراً برقمه بالكشف، والمسجل عليه الدعاية الانتخابية التى نصح بأن يلتزم بها!!
عندما دخلت اللجنة الانتخابية وجدت جميع الكشوف موجودة، وبها الاسم والرقم القومى والرقم فى الكشف!! فأيقنت أن الشخص المكلف بالتنظيم متواطئ مع أتباع الأحزاب الدينية ليكون تصويت الناخبين فى صالح الأحزاب الدينية!! .. لم يتغير أى شىء بعد ثورة 25 يناير!! فقط تغير الأشخاص لكنهم بنفس الخصال والانتهازية والاستغلال والضحك على الناس.. غادرت اللجنة الانتخابية بعد أن أدليت بصوتى آسفاً على إضاعة وقتى وجهدى!!
أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية