x

المخرج الوحيد

الأحد 27-11-2011 08:00 |

عندما يتجمع فى ميدان التحرير حوالى ثمانين ألف متظاهر نهار جمعة المطلب الواحد، ويعلنون مطالبهم بصورة حضارية وسلمية وينصرفون فى نهاية اليوم بهدوء دون أى مشاكل، آملين أن تكون رسالتهم قد وصلت لمن يهمه الأمر، فلابد أن تصاب بالصدمة عندما تجد أن الحال ينقلب تماماً اليوم التالى، عندما تنقل الأخبار وقوع قتال وحشى غير متكافئ بين قوات الجيش والأمن وعدة مئات من المتظاهرين، الذين رفضوا أن يبرحوا المكان، وأرادوا الاعتصام فى الميدان، حتى تتحقق مطالبهم، وأغلبهم خليط من ضحايا الثورة من المصابين، الذين أقعدتهم الإصابة عن اللحاق بفرصة عمل، أو أغلقت فى وجوههم سبل الحصول على العلاج المناسب لجراحهم، وأهالى الشهداء الذين دوختهم الإجراءات العقيمة وأهملهم النظام الحكومى الذى ما زال فاسدا وظالما،

وإذا افترضنا أن هؤلاء المساكين اختاروا الأسلوب والزمن الخطأ للحصول على حقوقهم، فلا خلاف على أنهم لم يتخلوا عن الأسلوب السلمى، ولم تكن مطالبهم سياسية تزعج حائزى كراسى الحكم، وإنما مطالبهم إنسانية مشروعة وبسيطة تثير التعاطف والإشفاق، ولا يمكن أن تتسبب فى أن يلاقوا هذه المعاملة الوحشية، التى ارتكبها فى حقهم مجموعة من الخونة يفتقدون أى صلة تربطهم بالإنسانية، شاهدناهم وهم يهنئون بعضهم لفقء عين مواطن، ويسحلون جثث ضحاياهم من الشباب، وكانت صدمتنا عنيفة وموجعة ولا نصدق أنهم مصريون ينتمون لهذا الشعب!!

ولا يمكن أن نحمل مسؤولية ما حدث إلا للمجلس العسكرى، لأنه المسؤول الأول والأخير عن إدارة الدولة وأداء الحكومة التى قام بتكليف رئيسها، وإعلان المجلس قبول استقالة الحكومة ليس تصحيحا للوضع الخاطئ، وإنما هو اعتراف بارتكاب الخطأ!! وإذا كانت كلمة المشير طنطاوى افتقدت تقديم حل يتناسب مع حجم الكارثة التى يمر بها البلد، إلا أنه قدم تفسيرا لأسبابها، وهو أن القادة العسكريين فشلوا فى استقراء صورة الواقع السياسى والاجتماعى والاقتصادى المصرى المتردى، الذى سببته إدارتهم المتخبطة لإعادة بناء بلد فى حالة ثورة!!

وإذا كان المشير قدم الأسف على مقتل الشهداء، فإن الشعب المصرى الذكى جداً لاحظ أن المشير لم يعد بمحاكمة القاتل!! وإذا كان المشير اشترط للمغادرة إجراء استفتاء شعبى، فهذا يعنى تشبثه بالبقاء فى السلطة، لأنه جلس على كرسى الحكم دون استفتاء، والمفروض كما دخل وحكم دون استئذان فإن الباب الذى دخل منه ما زال مفتوحاً، وينتظر منه أن يخرج كما دخل!! وأعتقد أنه الآن لا يملك ترف الاختيار، فالاعتصام الذى أخرج مبارك تجربة ثورية مصرية تتكرر الآن فى ميدان التحرير!!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية