يولد الإنسان نضراً طازجاً مثل حبة خضر أو فاكهة قطفت حديثاً من على شجرة مثمرة، وغسلت لتوها بماء عذب طاهر، ويفسد الإنسان أيضاً سريعاً كحبة خضر أو فاكهة تركت بلا حفظ ولو لفترة قصيرة!.. لهذا اخترع الإنسان «الثلاجات» بنوعيها ثلاجات الغذاء وثلاجات الأوطان، أما ثلاجات الغذاء فكلنا نعرفها، وأما ثلاجات الأوطان، فهى الدولة الحديثة التى تحافظ على نضارة وطزاجة وصحة عقل وقلب المواطن، غازها المبرد هو خليط من تعليم رفيع وقوانين عادلة تسرى على الجميع، ونظام حكم ديمقراطى، وعدالة ومساواة وتكافؤ فرص..
ومن سوء حظنا كمصريين أن ثلاجتنا معطلة «بلا تبريد» منذ أكثر من 60 عاماً، وهو ما يوازى تقريباً فى عمر ثلاجات الغذاء 6 أيام، لذلك عندما فتحت ثورة 25 يناير باب الثلاجة هبت الروائح الكريهة، واكتشفنا أن معظم ما فى الثلاجة فسد، المؤسسات وهى ما يمكن أن نعتبره «طواجن» الوطن، معظمها فسد طاجن الشرطة، وطاجن الإعلام، وطاجن التشريع، وطاجن الصحة.. أما النخبة المثقفة وهى بمثابة تفاح الوطن فبعضها سكنه الدود، وبعضها تعفن، وأحسنهم حالاً «مضروب»!..
أما عوام الناس فهم خيار هذا الوطن، وجزره وبسلته وخسه، محبوسون فى الأدراج السفلية وقد أصابهم الذبول «بالبلدى دبلوا» فلا صحة ولا نضارة ولا طزاجة، أما النظام السابق فهو فسيخ هذا الوطن، عبأ الثلاجة بالروائح الكريهة، وكرف على كل ما فيها.. وعندما تخلصنا منه أبت رائحته الكريهة أن تترك الثلاجة بسهولة، أعرف أن محبى الفسيخ سيغضبون منى، لكنى أبدا لن أقول للفسيخ «أنا آسف يا فسيخ»، لكنى سأقول لإخوانى من فواكه وخضروات الوطن، كلنا أصابنا العطب ولو بنسبة، لأننا من نفس الثلاجة، فلا تعايروا بعضكم بعطبكم، وليتحد الجميع ويجتهد من أجل إعادة التبريد إلى ثلاجة الوطن!