لاشك أن مصر كأى بلد فى العالم به عورات سياسية واقتصادية واجتماعية، ولا يحب أن تكون هذه العورات ملكاً للألسنة ومستباحة النظر من القنوات الفضائية الدولية!! وبحسب مصر أن تسلِّط الضوء على سلبياتها الداخلية على سبيل النقد الذاتى لتوجيه نظر الأجهزة الحكومية لما لا تصل إليه عنايتها.. ولكن أن تتولى قناة (الجزيرة مباشر مصر) هذه المهمة، وتنشر على الملأ الملابس الداخلية المصرية، فذلك لا يليق!! لأن ذلك تشويه لوجه مصر الثورة - تلك التى أبهرت العالم - برفضها الفساد والتسلط، الذى جثم على صدرها عقوداً طويلة، بيد أن شعب مصر الذى يتطلع إلى مزيد من الحريات، لا يغفل أن يجمل صورة ثورته الرائدة، ويستر منها كل قبيح، إذا كان بالإمكان مداواته بالإمكانات المحلية قبل أن تسلط عليه كاميرات المتطفلين الذين يجعلون من الحبات قباباً، ومن الصغائر كبائر، ومن الاستثناءات قواعد، ومن الفلتات جرائم لا تغتفر..
نحن لا نرفض أن تتبنى الجزيرة مباشر نشر خبر ذى قيمة دولية عن مصر، لأن الأخبار العالمية لا يمكن حجبها عن سمع وبصر الفضائيات الدولية، ولكن أن تنزل هذه القناة أو غيرها إلى قاع المجتمع المصرى لتلتقط قصاصة تافهة وتجعلها غلافاً لكتاب، فذلك لا يرضى الشعب المصرى، الذى لا يتعقب عورات الشعوب الصديقة، لأن النشر بقصد الفضيحة عيب، يشين الناشر أكثر من المنشور!! هناك بعض السائحين الذين يستمتعون بركوب الجمال فى سفح الهرم، ثم يحملون صور الجمال إلى بلادهم لينشروا فيها أن مصر مازالت تعيش عصر الدواب فى القرون الأولى!! ومثل ذلك كثير من الكاميرات المغرضة التى لا تلتزم أمانة النقل.. من يسع لتعميم شىء عارض فإنما يستنفد طاقته فى توافه الأمور، ويسىء لنفسه قبل أن يسىء لبلد عريق مثل مصر.. مصر لن يجرحها أن ينبش أحد فى ترابها الطاهر ليستخرج بذرة حبيثة، فيبرزها على سطح الأرض، ذلك أن الدلو النجس لا يلوث ماء النهر الجارى!!
