عجيب هو حال القوى السياسية هذه الأيام الليبرالى منها والإخوانى، العلمانى منها والسلفى. قامت ثورة 25 يناير 2011 وهدفها الرئيسى حرية، ديمقراطية، عدالة اجتماعية، دون النظر لأى طيف أو هوى سياسى أو عقائدى، وعندما لاحت فى الأفق بشائر النصر إذ بالجميع يتصارعون وينسبون لأنفسهم ولتيارهم وعقيدتهم شرف السببية للوصول إلى المبتغى والهدف الرئيسى للثورة، بالرغم من أنى أعتقد أن الذى وصل بنا إلى مشارف النصر هو الشباب الطاهر النقى، الباحث عن حياة كريمة، مجرداً من أى هوى سياسى أو عقائدى!!
نسيت القوى السياسية ونسينا نحن فى خضم الثورة أننا لم نصل إلى المبتغى بعد، وإنما الذى لاح فى الأفق هو مجرد بشائر فقط وليس الحصاد، فمن المحتمل أن تكون هذه البشائر حقيقة، وقد تكون سراباً، لذلك فمن المتوجب علينا وعلى جميع القوى السياسية المحافظة على حالة الوحدة المجردة من أى هوى سياسى أو عقائدى إلى أن نستبين حالة هذه البشائر، هذا لن يتضح إلا عند الوصول إلى بر الأمان، وإلا أصبحنا مثل شبابنا الذى غرق ومازال يغرق فى البحر، لدى بحثه عن بر الأمان فى الجانب الآخر من المتوسط، فهو عندما يستقل مركباً من مراكب الصيد هارباً من الواقع الأليم الذى يعيشه لا يلبث أن يقفز من المركب عند أول ظهور للأرض فى الأفق، فيكون مصيره إما الغرق لطول المسافة بين المركب وبر النجاة، أو لعدم وجود هذا البر من الأصل، فهو مجرد سراب! لذلك فالحل هو الانتظار حتى الوصول وليس القفز، وهذا لن يأتى بالتناحر والاستقطاب الحالى، والقفز من المركب (القفز على الثورة) الذى لن يؤدى فى النهاية إلا إلى غرق المركب بمن عليه!!..
سيأتى بالتجرد من أى هوى سياسى أو عقائدى، حتى يصل المركب إلى مبتغاها ومرساه، وأنصحهم إذا لم يستطيعوا فعل ذلك بأن يتنحوا جانباً ويتركوا الشباب الطاهر النقى المجرد يكمل مسيرته ممسكاً بالدفة إلى بر الأمان، أو على الأقل عدم تشتيته وتلويثه، حتى لا يغرق المركب بمن عليه.. أقول لهم فى النهاية: أفيقوا يرحمكم الله!!
محام بشركة كوسكودوم للملاحة - مصر