ونبقى دوما فى حاجة إلى الزعيم الخالد عبدالناصر، لنعى قدر وضرورة وقيمة الكرامة، وكيف يكون الشموخ والإباء، لنتعلم الدرس الذى يأخذنا إلى مصاف البشر الحقيقيين لا مصاف قطعان الماشية التى تدر لبناً ولحوماً لأشباه البشر، وتدور فى سواقيهم.. والمقابل أن يلهب الكرباج ظهور تلك الماشية!!..
الزعيم ناصر الذى ادعى من بعده الكثيرون الزعامة فارتدوا ثوبها فإذا هم فى ثوب الزعامة يبدون مسخاً من المخلوقات المشوهة وعدداً من المجاذيب والمعاقين.. الزعيم عبدالناصر الذى وسع قلبه كل المصريين والساعين إلى الحرية والكرامة وشرف الأوطان، عبدالناصر الذى عاش ويعيش فى قلوب الملايين فى مصر والعالم العربى، وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.. عبدالناصر الذى أحب ملايين البشر لا ملايين الدولارات.. عبدالناصر الذى التفت حوله ملايين القلوب لا آلاف اللصوص الذين نهبوا البلاد والعباد.. عبدالناصر الذى سهر وكد من أجل محاربة المرض الساكن فى أجساد ملايين المصريين لا من زرع فى أجسادهم المرض المستورد من «الشقيقة» إسرائيل.. الزعيم الذى أخذ
من الأغنياء ليقتات الفقراء لا من أخذ الفقراء لتقتات بهم كلاب الأغنياء.. الزعيم الذى تحدثت عنه الأيام والشهور والأعوام بكل لغات الكون.. الزعيم عبدالناصر ابن تراب هذه الأرض، المقر بفضلها وحقوقها، الساعى إلى أن يكون لبنة يعلو بها جدار مصر، والحالم بأن يكون دمه حناء تتخضب بها يد مصر التاريخ.. عبدالناصر البصر والبصيرة والرؤية الواعية، لا ساعى بريد المنطقة وعرابها وشيخ خفراء العرب الذين يعملون فى الداخلية الأمريكية ويتناوبون حراسة الزريبة الإسرائيلية. الزعيم عبدالناصر الذى استل سيفه ليعمله فى جسد الجهل والفقر والمرض، ويأتى من بعده من يزيد الفقير فقراء، ويجعل الجهل صناعة مصرية بامتياز عن المرض فإنه السلعة الرائجة المدعومة من أولى الأمر، والحق المكتسب لكل مواطن حيث المرض كالماء والهواء حق لكل مصرى!!
الزعيم عبدالناصر الذى حملته الملايين فى قلوبها، ورفعته على أعناقها، وحملت سيارته على أعناقها، إنه غير الذين سعت الملايين إلى تسليم أعناقهم إلى حبال المشانق.. ناصر الزعيم غير الذين صوبت الملايين رصاصاتها إلى رقابهم.. ناصر الزعيم غير الذين هربوا برقابهم فى جنح الظلام هرباً من قصاص الشعوب.. ناصر الزعيم حقاً حيث الزعامة نسخة غير قابلة للتكرار ولا التقليد.. وحيث كل من ادعى الزعامة بعده لم يزد على أنه أهطل أبله متخلف مخبول مريض معاق!!
الزعيم عبدالناصر الذى لم ولن يموت فى زمن يولد فيه مدعو الزعامة أمواتاً، زعيم كان لزاماً على البلاد أن تهب فى ثورة مباركة، وتقدم أرواح ودماء بنيها قرباناً لما دعا إليه الزعيم وقاتل من أجله، أى ثورة من أجل الكرامة والعدالة والتنمية، ثورة الخامس والعشرين من يناير التى نفضت الغبار عن كتاب عبدالناصر ونبض قلبه الداعين إلى بلد بقدر وقيمة وقامة مصر، بلد يستحق أهله ويستحقه أهله!
لقد كان لى عظيم الشرف أن شاركت فى أكثر من جمعة تزين بها جبين مصر التحرير، حاملاً صورة الزعيم عبدالناصر، وفى كل جمعة منها سالت دموعى لما رأيت وسمعت ولمست وعشت، حيث الآلاف التى عانقت الصورة، والآلاف التى أدت التحية للصورة، والآلاف التى هتفت للصورة والآلاف التى حرصت على التقاط الصور مع صورة الزعيم.. أيام لن أنساها..
أيام أشعر بالفخر والزهو والنشوة كلما استرجعت شريط أحداثها، فخور أنا لكونى مواطناً يحيا على أرض مشى على ثراها الزعيم الخالد جمال عبدالناصر.. سلام عليك أيها الزعيم فى ذكرى رحيلكم جسداً، فأنتم بيننا وبين ضلوعنا وفى عقولنا وأحلامنا بالكرامة والعزة والحرية.