هل يحاكم مبارك اليوم لأنه فسد أم لأنه سقط؟ شتان الفارق بين الحالين، بين محاكمة مبارك وهو لم يزل بعد ونظامه فى سدة الحكم، وبين محاكمته إجمالياً بأثر رجعى على ما اقترفه بعد سقوط نظامه!!
للذين بالغوا فى الاحتفاء بمثول مبارك فى القفص، ورددوا أن لا أحد فى مصر فوق القانون، أقول لهم: لا.. بل الصحيح أن تقولوا أن لا مخلوع فى مصر فوق القانون! ولا تقولوا لا أحد!! فالقانون فى مصر ينقض كالإعصار المدمر على الرئيس ورجاله فقط إذا زالت دولتهم وأزيحوا عن الحكم، بينما هو رحيم بهم، يتجاوز عن خطاياهم طالما مازالوا فى سدة الحكم.. لو لم يكن قولى صحيحاً لحُوكم مبارك وهو رئيس للجمهورية فوراً يوم ارتشى، ويوم أسند تصدير الغاز لصديقه، ويوم باعه بسعر التراب، وليس الآن بعد كل هذه السنوات.. لا لشىء إلا لأنه سقط!! فالذين سكتوا آنذاك، وغضوا الطرف عن الفساد ومبارك فى منعته، هم أنفسهم الذين نطقوا اليوم ما أنطقهم، وحل عقدة ألسنتهم، إلا زوال تلك المنعة عن مبارك!!
لذا يجب أن نشيد بنية قانونية تحتية تستطيع أن تسأل المسؤول وهو فى عنفوانه، وليس فقط بعد سقوطه! كما نرى فى الغرب، حيث تطول يد القانون أكبر مسؤول فى الدولة فور أن يخطئ، فلا ينتظر به ثورة شعبية أو انقلاب عسكرى لكى يؤاخذه.. وعندئذ فقط نستطيع أن نقول إن لا أحد فى مصر فوق القانون.