x

الفلاح.. الذى لم يعد مرتاح

الجمعة 09-09-2011 08:00 |

عاش منذ الأزل صانعا للحضارة، جنديا مجهولا فى بناء الأمم!! كم جار عليه الزمان كثيراً عندما استلب حصاد كده عبر الغزاة وقساة الحكام، فى صورة ضرائب أو مكوس!! ظل صامتا يشكو حاله للأرض التى كتمت سره ولم تبح به، وقد كان حانيا عليها من قسوة من أرادوا استلابها، وقد ملك لغتها متخذا منها سترا وعرضا لا يمكن التفريط فيه حتى خارت قواه!! كتب عليه أن يلزم صمتا أبديا بعدما عز عليه أن يكمل مسيرة آبائه، وقد أضحى سبيل الستر قصيا، ليفارق حبه ومناه بحثا عن رغد عيش لن يفيه أبدا مبتغاه!! ستره كان «دوما» فى أرضه، وإن نأت أحلامه، وتعثرت لأجل العيش الآمن قدماه!! أتحدث عن الفلاح المصرى فى عيده الأول بعد ثورة 25 يناير، والذى يحتفى به اليوم، أتخذ من يوم وقفة عرابى فى 9 سبتمبر 1881 سببا ليكون يوم 9 سبتمبر 1952- تاريخاً لصدور قانون الإصلاح الزراعى، الذى كان من بواكير قوانين ثورة - 23 يوليو سنة 1952- لإصلاح حال الفلاح المصرى المعدم والأجير، ليتحول إلى مالك للأطيان، بعدما كانت كل أراضى مصر فى حوزة الإقطاعيين على طول السنين! قديما تغنى محمد عبدالوهاب بكلمات من شعر محمود بيرم التونسى معبرا عن حال فلاحى مصر فى أوائل القرن الماضى وقد قال: ما أحلاها عيشة الفلاح، مطمن قلبه مرتاح، يتمرغ على أرض براح، والخيمة الزرقا ساتراه!! وتمضى الأيام وتسوء أحوال الفلاح ليهجر الأرض بحثا عن الثراء السريع، وتتحول مصر، التى كانت سلة غذاء العالم إلى مستورد للقمح، وتتحول الأطيان الزراعية بالتدريج إلى مبان شاهقة، ويتحول الريف المصرى إلى مستهلك يعيش نفس معيشة المدينة، فى نهاية حزينة ترتب عليها أن الفلاح المصرى قد صار مستهلكا يأكل خبزا مستورداً قمحه، وأرضه تقترب من البوار فى ترجمة حزينة لعكس ما كتبه بيرم التونسى، حيث لم يعد الفلاح «مطمن قلبه مرتاح»!! فى أول عيد للفلاح بعد ثورة 25 يناير تواترت الأنباء عن احتفال كبير بعيد الفلاح فى ستاد القاهرة! يؤمل أن ينصلح حال الفلاح المصرى، ليعود مجددا ليزرع الأرض ويفلحها بعرقه وكده لتعود مصر كما كانت قديما «لتكفى نفسها»، مع الحلم أن تعود يوما سلة غذاء العالم.. قيل يوما من يملك خبزه يمتلك قراره!! فى عيد الفلاح لا يوجد فلاح مرتاح! يؤمل اكتمال الفلاح لأجل عودة «الهدأة» لمصر بأسرها لتهنأ أيضاً وترتاح!! يومها سوف يعود الفلاح «يتمرغ» على أرض براح، والخيمة الزرقا ستراه!!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية