لقد بلغت أهمية التعليم فى نهضة الأمم وارتقائها مبلغا لا يحتاج إلى التأكيد عليه، فالتعليم هو أحد أهم الأدوات التى يتم بها تشكيل العقل الجمعى فى نهضة أى أمة، ويعلمنا التاريخ أن الديكتاتوريات الفاسدة كانت تقف دائما حجر عثرة فى طريق تعليم أبنائها خوفاً على عروشها، فالآن آلة التعلم هى الفهم، وآلة الفهم هى الحوار، وآلة الحوار هى الحرية، فدائماً ما تستعيذ الديكتاتوريات بسياط الجهل والأمية من شر الحرية!!
واليوم، ونحن نستشرف أملا واعدا بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، يتطلع أبناء مصر إلى تعليم عصرى، يعيد بناء ما انهدم ويجبر لحاء ما انثلم. فلا يساور أحداً اليوم شك فى أن التعليم بوضعه الحالى فى مصر يعانى مرضا مزمنا، لا سبيل إلى الشفاء منه إلا باجتثاث. باتر لأسبابه مع التحصين الواقى الذى يدفع عنه أدران الاعتلال وأجنداته فى مستقبله الجديد كما أنه لا يساور أحد الشك، فى أن القائمين على التعليم فى مصر لديهم ورهن أمرهم من البحوث والدراسات والمؤلفات والتقارير والتوصيات ما تشتهيه الهمة المضطلعة بمسؤولية التطوير والتحديث!!
وإذا افترضنا أن جهودا تبذل الآن فى مصر لوضع رؤية جديدة لمشروع التطوير فى النظام التعليمى خلال العقود القادمة، فمن الأوفق أن يتم التخلص من السلبيات التى شابت رؤى سابقة تعرض لها التعليم فى مصر على مدار تاريخه الطويل، ومن أهمها الافتقار إلى المنهجية والأكاديمية، وغياب التخطيط، فضلا عن غياب المؤسساتية،
وارتباط الرؤية بصاحبها (الوزير) وجماعته، ثم المثالية والانفصام عن الواقع، والاستمالة المجتمعية وأخيراً عثرات السياسة والضغوط الخارجية، فتصبح المنهجية والعمل المؤسسى تحت مظلة من التناغم والتضافر بين جميع المعنيين من وزارات وهيئات وأفراد أمرا لازما ومسلكا طبيعيا..
على ألا ترتبط الرؤية بعد إقرارها بشخص أو جماعة طالما اتسمت بجدية الدراسة والجدولة الزمنية وحساب التمويل فى ضوء الخطة العامة للدولة..
وألا يتحسب القائمون على التنفيذ لأى ضغوط جماهيرية تقوم على المصالح الفئوية، ويكون الحسم والعزم المسلح بالمصلحة العامة للوطن هو السبيل إلى تحقيق الغاية.
عميد طب أسنان المنصورة - سابقا