إن اختيار الألفاظ والمسميات لا يقل أهمية عن محتوياتها، فقد يكون حرف أو كلمة سبباً فى مشكلات يصعب تجنبها- والتاريخ به الكثير من الأمثلة!.. وقد اختار المجلس الأعلى للقوات المسلحة هذا العنوان المثير، لما كان يجب أن يطلق عليه ببساطة المقدمة أو الديباجة الخاصة بمبادئ الدستور المنتظر، والمعروف أن النظام الدستورى المصرى منذ قيامه فى بداية القرن الـ19 يتمتع بخصائص شكلية وموضوعية شاركت فيها كل الفئات.. إن شعبنا المصرى العظيم هو دائماً مصدر السلطات مكافحاً ومناضلاً دوماً من أجل الحرية والسيادة المطلقة.. لا يمكن أن تبث الفرقة والضغينة بين أبنائه من مسلمين ومسيحيين من خلال المسميات الدينية أو الجغرافية أو العرقية أو الطائفية، لأنه شعب يتطلع إلى قانون أساسى للحكم يمنحه الحرية الكاملة، ويحافظ على حقوقه المشروعة فى التعليم والعمل وتشكيل الأحزاب والتظاهر السلمى... إلخ!.. لذا أتمنى أن تسير الأمور على ما كانت تسير عليه بعرض هذه الديباجة على جميع أبناء الشعب المصرى، وتلقى اقتراحاتهم ووجهات نظرهم فى خلال مدة وجيزة ليكون الدستور بمقدمته وتفاصيله من إنتاج الشعب المصرى العظيم لا توجد بين أبنائه أى تفرقة من أى نوع، فهو جسد واحد متناسق لا يتعامل من خلال أن هذا سنى، وهذا شيعى أو هذا مسلم أو مسيحى وهذا عسكرى وهذا مدنى!.. ولعلنا نتذكر حادثة مصنع كفر الدوار فى الخمسينيات، والتى تدخل فيها الجيش وعقدت محكمة عسكرية أعدم فيها عاملان من المتظاهرين ونظر الشعب يومها إلى الجيش وكأنه من المرتزقة ثم تشكلت قوات الأمن المركزى التى ظلت تسير على هوى الحكام، ولا تأبه لحرمة المواطن المصرى الشريف، إلى أن قامت ثورتنا البيضاء وأنزل الله المنتقم الجبار بهذه الفئة الطاغية من الذل والانتقام، لتكون عبرة لمن لا يعتبر على مر الدهور والأزمان!
مستشار ثقافى سابق- المنصورة