استطاعت الثورة المجيدة أن تمحو اسم الرئيس السابق حسنى مبارك من الشوارع والميادين، وأن تزيله تماماً من على واجهات المؤسسات البحثية والاقتصادية والتعليمية، ولكن إذا نظرنا إلى آلاف الأعمال الفنية من أفلام ومسلسلات على مدار الثلاثين عاماً الماضية نجد أن صورة مبارك تتصدر المشهد بقوة، فلا نجد مسلسلاً واحداً إلا وتطل علينا صورته فى أكثر من مشهد، بما يوحى بعظمة وجلال صاحب الصورة، عندئذ سوف يتساءل أولادنا الصغار وأحفادنا. صورة من هذا؟
وسوف نرد هذا هو رئيسنا لمدة ثلاثين عاماً، فى عصر هذا الرجل تراجعت وتقهقرت الزراعة حتى بتنا نستورد 90٪ من غذاء المصريين!
وتراجعت الصناعة المصرية لصالح المنتجات الصينية التى انتشرت كالطوفان تملأ أرجاء المعمورة.. أيضاً تدنت العملية التعليمية وخرجت جامعاتنا المصرية والتى ساعدت على نشر العلم فى الوطن العربى بأكمله من الترتيب العالمى للجامعات!!..
فى عصر هذا الرجل كان الفساد بلا حدود، من سرقات ونهب منظم لثروات الشعب بلا حسيب أو رقيب حتى أصبح 40٪ من الشعب يئن تحت خط الفقر، وتراجع الاقتصاد المصرى لمصلحة حفنة من رجال الأعمال الذين عاثوا فى الاقتصاد تخريباً ونهباً وسلباً.. عندما تسلم هذا الرئيس الحكم كان الدولار يساوى خمسة وثمانين قرشاً وترك الحكم والدولار يساوى ستة جنيهات!!
ناهيك عن إفساد الحياة السياسية إلى التزوير المنظم لإرادة الشعب، وذلك بالحكم الديكتاتورى الذى كان يطبقه بوصفه الديكتاتور الأعظم!!
عندئذ سوف ينظر أولادنا الصغار وأحفادنا إلينا نظرة تتسم بالسخرية.. ويتساءلون ثلاثين عاماً! هل كنتم أحياء أم أمواتاً؟ حينئذ سوف نلوذ بالصمت!
السؤال صعب.. السؤال خارج المقرر!!
ولذا يجب أن نعد أنفسنا لهذا الامتحان الصعب ونبحث عن إجابة دبلوماسية.. أرى أن نعترف بالخطأ أمام الصغار، مع الوعد بأن نكون متيقظين جداً لأى رئيس يأتى ليحكم هذا البلد العظيم.. حتى لا تتكرر مأساة الثلاثين عاما!!
أستاذ الصحة النفسية- جامعة حلوان