x

المحاكمة الحصرية

الأحد 14-08-2011 08:00 |

الشعب شاهد رئيسه السابق فى قفص الاتهام لأول مرة فى تاريخ مصر الطويل، وتباينت ردود الأفعال المصرية ما بين المتعاطف والمتشفى والمراقب.. لكننا أمام موقف غير مسبوق على مستوى الحدث فى تاريخ مصر الحديث والقديم. مع احتكار التليفزيون المصرى نقل المحاكمة حصرياً على الهواء مباشرة، نرى دفاعاً قوياً ومخضرماً عن المتهمين الرئيسيين وهم الرئيس وولداه، ودفاعاً مهتزاً جاء للظهور فقط عن الشهداء والمصابين!! إننا أمام لحظة تاريخية بحق، لحظة فاصلة فى تاريخ مصر الحديث، لحظة تتحرك فيها مصر إلى الأمام إلى الديمقراطية..

 لكن السؤال المهم هنا: ماذا يحدث لو حصل مبارك ونجلاه على البراءة؟ ماذا سيكون رد فعل الشعب المصرى والثوار؟ هل سيوافقون على حكم القضاء كما هم الآن؟ أظن أنه لو حدث ذلك لن يرضى أحد من الغاضبين عن هذا الحكم حتى ولو كان عادلاً!! ستخرج المظاهرات والمليونيات مرة أخرى! وبقية السؤال: هل يرضى القضاء شعور الثوار والثورة ويحكم على مبارك ليهدأ هؤلاء؟ نحن هنا أمام معضلة يصعب حلها.. فالقانون لا يعترف إلا بالمستندات والقرائن، أما الكلام المرسل فلا ينظر إليه القانون، وقد يملك الرئيس السابق أدلة براءته مما نسب إليه.. خاصة أنه يدافع عنه محام مخضرم له ثقله.. أنا أتساءل: أين المحامون المخضرمون الذين يظهرون على شاشات الفضائيات كل يوم ويدعون أنهم مع الثورة والشهداء؟ أين هم من الدفاع عن الشهداء؟

 أنا أفكر فى مجرد احتمال قد يحدث، ولو حدث ما هى النتائج المتوقعة؟ هل نرتضى بحكم القضاء مهما كان معنا أو علينا؟ أنا أقدر مشاعر كل أم فقدت ابنها، أو أخ فقد أخاه خلال الثورة، وأطالب بالقصاص العادل من هؤلاء الذين قبل أن يقتلوا الشهداء قتلوا شعباً أعزل، عندما نشروا فيه الأمراض ورفعوا عنهم الدواء.. الذين أفسدوا الأرض شرقاً وغرباً.. الذين دبروا لقتل شهداء كنيسة القديسين بالإسكندرية والكشح ونجع حمادى.. الذين تركوا خلفهم الأرض خربة ويسكنها شعب مريض.. إن المحاكمة فى طياتها تحمل إرضاء لهؤلاء الشهداء، ولكن فى الوقت نفسه تحمل خطورتها! لقد هدّأ ظهور الرئيس المخلوع فى قفص الاتهام من روع الكثيرين، فماذا تحمل الأيام القادمة؟ هل يمكن أن تساهم هذه المحاكمة فى بناء مصر الديمقراطية التى نحلم بها؟

هل تكون هذه المحاكمة عبرة للرئيس القادم الذى سيتولى عرش مصر؟ المشكلة تكمن فيمن هم حول الرئيس الذين يوهمونه دائماً بأنه الأحكم والأجدر والأقدر فى كل قرار يتخذه!! وهذا ما يحدث الآن مع المجلس العسكرى، وسيحدث مع الرئيس القادم! من رأيى أن الرئيس وإن كان عليه وزر إفساد الحياة السياسية، فعلى بطانته العبء الأكبر.. فإذا أردنا رئيساً ملتزماً بكل المبادئ الثورية، فلنبعد عنه المنافقين.. فمحاكمة الرئيس السابق حصرياً الآن فى مصر، وليس فى التليفزيون المصرى!!

zakaria[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية